واصلت السلطات
السودانية منذ الانقلاب
العسكري على حكم الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019، ملاحقة المعارضين
المصريين المقيمين في السودان واعتقالهم، وتجريد بعضهم من الجنسية السودانية، وترحيل
البعض الآخر إلى مصر.
وكشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان،
الثلاثاء، أن محكمة سودانية، أصدرت أحكاما بالمؤبد بحق عدد من المعارضين المصريين
في السودان، والمعتقلين منذ عامين، مع ترحيلهم إلى بلادهم بالتزامن مع وصول وفد
أمني مصري.
وأوضحت الشبكة، أن وفدا أمنيا مصريا
رفيع المستوى، زار الخرطوم الأحد، وتزامنا مع الزيارة، صدرت الأحكام بحق المعارضين،
وهي: أربعة بالمؤبد، والسجن عامين لخمسة آخرين، والبراءة لاثنين، مشيرة إلى أن
الحكم شمل إبعاد جميع المصريين المحكوم عليهم من الأراضي السودانية إلى بلادهم، في
ظل وجود اتفاق أمني مصري سوداني، يسمح بترحيل المصريين المحكومين بقضايا.
وبالتزامن مع إصدار أحكام قاسية بحق
معارضين مصريين بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومزاعم بحيازة
أسلحة والقيام بأعمال إرهابية ضد النظام المصري، كشفت أسرة أحد المعتقلين المصريين
لـ"عربي21" كواليس
اعتقاله وترحيله.
وقال مهند شقيق المعتقل المصري وضاح هشام
الأودن، الذي اعتقلته قوات الأمن السودانية في ظروف غامضة؛ إن السلطات السودانية
رفضت التعاون مع أسرته والكشف عن مصيره بعد شهور من الاعتقال والاختفاء القسري، كما
رفضت تأكيد أو نفي خبر
ترحيله إلى مصر، رغم المناشدات والمطالب الحقوقية.
وأضاف:
"وضاح (33 عاما) كان يقيم في السودان بشكل قانوني مع زوجته
وطفليه، ويعمل مديرا ماليا لإحدى شركات الدواجن الكبرى، ولم يخطر بباله أن تكون
لديه أي مشاكل مع النظام بالسودان، وأقام هناك لمدة عامين، ولم توجه له السلطات
المصرية أي اتهامات أو مساءلات قانونية".
وعن ملابسات اعتقال وضاح، أوضح شقيقه
أن قوات الأمن السودانية اعتقلته بمجرد حصوله على تأشيرة للسفر إلى تركيا، والذهاب
لإنهاء إجراءات السفر في شؤون الأجانب بالبلاد، وتم تسليم سيارته لمقر الشركة التي
يعمل بها في نفس يوم اعتقاله من قبل جهاز الأمن السوداني، مرجحا أن يكون اعتقاله استجابة
لطلب السلطات المصرية، التي استلمت بالفعل كثيرا من المطلوبين لديها ومازالوا في
السودان.
وأشار
إلى أن الأمن السوداني قام بإخفاء وضاح قسريا في
أحد مراكز الاحتجاز، ولم يظهر نهائيا حتى تم ترحيله لمصر بعدها بشهرين تقريبا في
شهر أيار/مايو الماضي، وطوال هذه المدة فقد أكثر من ثلث وزنه وأصيب بالهزال نتيجة
الأكل السيئ المقدم له، ورفض إدخال ملابس أو أي متعلقات شخصية له. كما
اختفت معه جميع متعلقاته الشخصية، ومبلغ مالي كان ينهي به إجراءات السفر وحجز تذاكر
الطيران.
وتابع:
"لم تصغ السلطات السودانية لمناشدات المنظمات
الحقوقية المحلية والدولية بعدم ترحيله إلى مصر خوفا على حياته، وتركت
زوجته وأولاده الصغار (طفل 5 سنوات وطفلة 3 سنوات) لمصير مجهول".
ولفت إلى أن السلطات السودانية في 25 أيار/مايو
الماضي سمحت لوضاح بالاتصال بزوجته، وأبلغها بأن ترسل له جواز سفره للسفر إلى
تركيا، وهنا التقط أحد الضباط المرافقين له الهاتف، وطمأن زوجته بأن زوجها بخير وفي
أحسن حال، ولا داعي للقلق عليه، وبعدها اختفى.
واستطرد: "قيل لنا بعد ذلك، وبشكل
غير مباشر؛ إنه تم ترحيله إلى مصر، ولكن السلطات السودانية رفضت الإفصاح عن الوجهة
التي قامت بترحيله إليها".
وكلفت أسرة وضاح الأودن أحد المحامين في
مصر للسؤال عن مصيره، ومعرفة مكان احتجازه، وطبيعة التهم الموجهة إليه، إلا أن
المحامي لم يتوصل حتى الآن إلى إجابة عن هذه التساؤلات، بحسب مهند.
وقال شقيق
وضاح: "لا توجد أي معلومة بشأن وجوده في مصر من
عدمه، ومن ثم فنحن لا نعرف أي شيء عنه، ولا عن وضعه ولا عن مكان احتجازه، وهو وضع
صعب للغاية على زوجته وأطفاله وأسرته الذين يتشوقون إلى معرفة مصيره".
وطالب
مهند السلطات المصرية بالكشف عن مصير شقيقه وضاح،
والإفصاح عن مكان وسبب احتجازه، والسماح لمحاميه وأسرته بالتواصل معه والاطمئنان
عليه، ومعرفة القضايا المطلوب على ذمتها، مضيفا: "لا يمكن ترك زوجته وأولاده
وأهله في حالة قلق وخوف مستمر دون أي داع".
وفي 18 حزيران/ يونيو الماضي، أكدت منظمات
حقوقية قيام السودان بتسليم 21 مصريا معارضا إلى الأجهزة الأمنية المصرية، بينهم
نساء وأطفال، وأسرة بأكملها، وهو ما أثار جدلا واسعا وردود فعل غاضبة على مواقع
التواصل الاجتماعي.
يُشار إلى أن المادة 3 من اتفاقية
مُناهضة التعذيب، تنص على أنه "لا يجوز لأي دولة أن تطرد أي شخص أو أن تعيده
أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه
سيكون في خطر التعرض للتعذيب. كما جاء هذا المعنى نفسه وحظر الترحيل في المادة 33
من اتفاقية اللجوء 1951.