لن يأكلها أطفالنا بعد الآن.. منها الأرز والقهوة والبطاطا وبعض الفواكه.. أطعمة ستختفي قريبًا بسبب التغير المناخي.. ما القصة؟
ماذا لو رغبتَ يوما في كيسٍ من الفُشار أو أصبع من
الشوكولاتة مغموس في كوبٍ من القهوةِ الساخنة، أو صحن من الأرزِ الأبيضِ
مُزينا بالبطاطا المقرمشة؟ هل لكَ أن تتخيلَ أن كلَّ هذهِ الرغباتِ البسيطةِ
سيصبحُ مستحيلا ايجادها فوقَ مائدةِ طعام ابنكَ أو حفيدك، والسببُ التغيرُ
المناخي ..ما القصة؟
طاقةُ البشرِ في خطر
هل حانَ الوقتُ لنستعدَّ للأسوأ؟ سؤالْ
أجابَ عنهُ الأمينُ العامُ للأممِ المتحدةِ أنطونيو غوتريش، عندما قالَ في مؤتمرِ
المناخِ لعام 2022 إن البشريةَ أمامَ خيارِين؛ العملِ معا أو "الانتحارِ
الجماعي"، في إشارةِ منهُ إلى كارثةِ التغيّر المناخي على كوكبنا وعلى الأجيالِ
القادمة، التي ربما بعدَ عقودٍ قليلةٍ من الآن سوفَ تشاهدُ هذهِ الآثارَ المُدمرةَ
على طاولةِ طعامها.
سوفَ تشهدُ هذه الطاولة تدريجيا اختفاءً
لأهمِّ مكوناتها، مثلَ الذرةِ والقمحِ والشعيرِ والأرز، وفقَ ما أكدتهُ دراسةٌ
نشرتها مجلة "بلوس وان" عامَ 2019، التي قالت إن تغيّرَ المناخِ أثرَ
على إنتاجِ أفضلِ 10 محاصيلٍ في العالمِ، من بينها بعضُ الحبوبِ الرئيسيةِ كالأرزِ
والذرةِ والقمح، التي توفرُ وحدها 60٪ من الطاقةِ الغذائيةِ المُستهلكةِ في
العالم. أما بقيةُ المحاصيلِ التي ذكرتها الدراسةُ، فهي نخيلُ الزيتِ وبذورِ اللفت
والذرةُ الرفيعة وفول الصويا وقصبُ السكر والكسافا، التي تُوفرُ مجتمعةً 83% من
جميعِ السعراتِ الحرارية، ولسائلٍ أن يسألَ كيفَ ذلك؟
بدايةً، سوفَ نتوجهُ نحوَ المناطق
المُنتجةِ لهذهِ المحاصيل؛ سننطلقُ بالطعامِ الرئيسيِّ الذي يأكلهُ أكثرُ من 3.5
مليارِ شخصٍ، والذي لا يخلو مطبخٌ في العالمِ منه، "الأرز"، الذي
تستحوذُ آسيا على 90 % من إنتاجهِ عالميا، في الصينُ والهند وبنغلادش وإندونيسيا
وفيتنام. لكنَّ الجفافَ وهطولَ الأمطارِ غير المتوقعةِ والفيضانات كلها عواملُ
ستزيدُ من ملوحةِ الأرضِ على المدى البعيد، بما معناهُ تقلصُ المساحاتِ
المزروعةِ، وبالتالي تراجعُ الإنتاجِ.
شأنها شأنَ محصولِ "الذرة"، الذي أصبحَ مهددا
بالانخفاضِ بنسبة 10% في أمريكا والبرازيل والأرجنتين وأوكرانيا، أكبر 4
دولٍ مُصدّرةٍ له في العالم؛ بسببِ تواصلِ ارتفاعِ مُتوسطاتِ درجةِ الحرارة،
والأكثرُ من ذلكَ تهديدُ الانبعاثاتِ الغازية لإنتاجِ
البطاطا في الصينِ والهندِ
وروسيا وأوكرانيا، قد تجعلُ من هذهِ الخضارِ "عملةً نادرة" عام
2085، مثلها مثلُ مادتي القهوةِ والكاكاو، إذ تؤكدُ تقاريرُ أنَّ 80% من
مناطقِ زراعةِ البنِّ في أمريكا الوسطى والبرازيل لن تظلَّ صالحةً بحلولِ
عام 2050.
ناهيكَ عن غانا وساحلِ العاجِ،
"كبار منتجاتِ الكاكاو"، لن تصبح أيضا بيئةً ملائمةً بحلولِ 2030، ربما
وقتها ستدفعُ الكثير للحصولِ على قطعةٍ صغيرةٍ من الشكولاتة، لكن يبقى
أخطرها ما سيحصلُ عام 2100، أين ستصبحُ وقتها؟ نادرا ما ستأكلُ العنب، أو لنقل من
شبهِ المستحيلِ أن تحصلَ على حبةِ "أفوكادو"؛ لأنه للأسفِ ستكونُ واحدةً
من أولى الثمارِ المنقرضة بسببِ ارتفاعِ درجاتِ الحرارة وندرةِ المياهِ
والانبعاثات.