كشفت انتفاضة
السويداء عن حقيقة النظام السوري،
والأزمات والمشاكل التي يعانيها، خصوصاً وهو الذي سوّق نفسه داخلياً وخارجياً
ولعقود، وتحديداً خلال فترة الثورة، على أنه حامي حمى الأقليات، فخوّف الأقليات من
الثورة ومن حكم الأغلبية السنية للبلاد، وأقنع الخارج بأنه الضامن لبقائها وعدم
هجرتها إلى خارج
سوريا، وضمن للخارج أيضاً سعيه لإبعاد الأغلبية السنية عن الحكم،
وهو ما عمل عليه الغرب لقرون في بلاد الشام، خلال حربه على الخلافة العثمانية..
لكن بانتفاضة السويداء الأخيرة تكشفت حقيقة أهم من هذا
كله، وهي أن النظام السوري بات عاجزاً عن القيام بهذه المهمة العويصة داخلياً
وخارجياً، لا سيما مع تحويل النظام الانتفاضة إلى حالة عسكرية بعد أن أطلق النار
على المتظاهرين. وعكس حرق المتظاهرين لمبنى المحافظة وصور رئيس النظام بشار
الأسد
ثم فتح النار من قبل قوات الأمن على المتظاهرين، عكس ذلك كله قطعاً لطرق العودة،
وسيزيد من التهاب المشهد في السويداء.
النظام السوري بات عاجزاً عن القيام بهذه المهمة العويصة داخلياً وخارجياً، لا سيما مع تحويل النظام الانتفاضة إلى حالة عسكرية بعد أن أطلق النار على المتظاهرين. وعكس حرق المتظاهرين لمبنى المحافظة وصور رئيس النظام بشار الأسد ثم فتح النار من قبل قوات الأمن على المتظاهرين، عكس ذلك كله قطعاً لطرق العودة، وسيزيد من التهاب المشهد في السويداء
أمام النظام الطائفي السوري اليوم بعد غوصه في مستنقع
السويداء التراجع عما فعله، والعمل على تحسين ظروف الناس المعيشية، لا سيما مع
انهيار الوضع الاقتصادي وعدم توفر المحروقات في هذا الشتاء القارس، وهو أمر لا
يقوى عليه مالياً ولا تسمح له كبريائه وجبروته بالتراجع، لا سيما مع ظهور
التهديدات من بعض الشخصيات العلوية في القرداحة لأهالي السويداء، لتجرئهم على
الانتفاض والهتاف "سوريا لينا وما هي لبيت الأسد".
أما الخيار الثاني فهو الخيار الدموي العسكري الذي يتقنه
النظام، وهو خيار من الصعب نجاحه، في الوقت الذي يعاني النظام من قلة الإمكانيات
العسكرية، وكذلك الموارد البشرية العسكرية لسببين؛ الأول تحوّل بعض نخبه إلى
أوكرانيا للحرب إلى جانب حليفه الروسي، والثاني: نقل بعض قواته من حزب الله
وفاطميون وزينبيون وحتى فيلق القدس إلى إيران لقمع ثورة الشعب الإيراني، ونقلت صحف
صهيونية أخيراً بأن روسيا طلبت من الكيان الصهيوني عدم اعتراضه على نقل شحنات
أسلحة وذخائر من سوريا إلى روسيا دعماً للحرب في أوكرانيا.
أما في حال كابر النظام السوري وفتح جبهة عسكرية مع
السويداء، فهذا يعني تقليص قواته في الشمال السوري المحرر دعماً لجبهة السويداء،
خصوصاً وأن المتابعين يرون أن النظام عاجز عن فتح جبهة مع عدة قرى في درعا، لأن
ذلك قد يهدد بخروج الوضع عن سيطرته، فكيف سيحصل هذا والحليف الروسي يطالبه بنشر
قواته في مواقع مليشيات قسد المحاذية للأراضي التركية، وذلك إرضاء للطرف التركي،
وهذا يستلزم تشتت قواته بين السويداء ومحاور إدلب، ومحاور الحدود مع تركيا حيث
تسيطر مليشيات قسد، مما يعني انهيار جبهة من هذه الجبهات، وتحديداً إدلب، حيث ستستغل
الفصائل الثورية هذا الفراغ من أجل توسيع جغرافيتها وإعادة ملايين المشردين إلى
بيوتهم وقراهم التي نزحوا عنها بفعل الغارة الجوية عام 2020.
نحن أمام نظام إنما يسوّق السراب للآخرين في ظل ابتعاد الجميع عنه، لا سيما مع انهيار حلفائه، وانشغالهم بأنفسهم، وقبل هذا كله نرى عجزه وفشله عن إدارة الواقع مجتمعياً واقتصادياً، واعتماده بشكل أساسي ورئيسي على اقتصاد المخدرات
النظام السوري معزول دولياّ واقعاً وحقيقة، ولم تعد
شمّاعة الأقليات مقنعة لتعليق مشاكله وتعليق آماله عليها، وتسويقها للغرب، لا سيما
مع وجود 14 قرية درزية في الشمال السوري المحرر، حيث تعيش آمنة مستقرة، في ظل
سيطرة الثوار على المنطقة لسنوات، والأكثر من هذا أن أصحاب هذه القرى لديهم وشائج
وصلات قرابة مع السويداء، وبالتالي فهم ينقلون تجربتهم الإيجابية إلى هناك، حيث
يعيشون بكل تأكيد حياة أفضل من حياة أقرانهم وأقاربهم في السويداء، ونفس الشيء حصل
مع الأقلية المسيحية المقيمة في الشمال السوري المحرر، حيث تعيش أيضاً في ظروف
آمنة مستقرة، وظروف اقتصادية معيشية لا تقارن بالأقلية المسيحية في مناطق النظام.
المراهنة الإقليمية على التطبيع مع العصابة
الطائفية
خسارة كبرى، فالشعب السوري في المستقبل سيُحاكم الجميع على مدى وقوفه مع الثورة،
وانحيازه لخيارات الشعب السوري، أما النظام وحلفاؤه فإنما يسوقون السراب
للمهرولين، وقد تبين ذلك مع تراجع دول عربية من أمثال الأردن والإمارات بعد أن
اكتشفوا الحقيقة للمرة العاشرة في تاريخ حكم الأسد ربما، أنها عصابة لا يمكن التعويل
عليها، ولا الثقة فيها. فنحن أمام نظام إنما يسوّق السراب للآخرين في ظل ابتعاد
الجميع عنه، لا سيما مع انهيار حلفائه، وانشغالهم بأنفسهم، وقبل هذا كله نرى عجزه
وفشله عن إدارة الواقع مجتمعياً واقتصادياً، واعتماده بشكل أساسي ورئيسي على
اقتصاد المخدرات، وهو الأمر الذي أجمع عليه الجميع.