دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رئيس الوزراء
العراقي الجديد "محمد السوداني" إلى فتح تحقيق مستقل في حادثة احتجاز وتعذيب مواطن عراقي في أحد مراكز الأمن الرسمية، ومنع الجناة من الإفلات من العقاب.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان صحافي اليوم الثلاثاء، أرسل نسخة منه إلى "عربي21"، إنّه وثّق احتجاز وتعذيب قوات الأمن الرسمية الشاب "حسن الطائي" في مقر جهاز الاستخبارات بمحافظة كركوك شمال العراق، ما أسفر عن إصابته بتشوهات جسدية بالغة، ومضاعفات نفسية قد تكون طويلة الأمد، وأُجبرت عائلته بعد ذلك على توقيع "صلح عشائري" أفلت بموجبه الجناة من العقاب.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ حادثة "الطائي" تمثّل نموذجًا مكتملًا لظاهرة
التعذيب في العراق، إذ يتعرّض الموقوفون والمعتقلون في
السجون الرسمية للتعذيب ومختلف أشكال المعاملة السيئة والحاطة بالكرامة، بما يخالف التزامات العراق باتفاقية مناهضة التعذيب التي صدّق عليها عام 2008، وفي ظل غياب تدابير حكومية جادة للحد من هذه الممارسات.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "عمر العجلوني" إنّ "ما حدث مع حسن الطائي يلخص بشكل جليّ واقع منظومة العدالة في العراق، بدءًا من تلفيق التهم ومرورًا بالتعذيب الجسدي والنفسي والإكراه على الاعتراف، وانتهاء بمساومة الضحايا من أجل إفلات الجناة من العقاب".
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه اطّلع على صور ووثائق عدّة تظهر الإصابات البالغة التي تعرّض لها "حسن الطائي" نتيجة التعذيب ولا سيما الحروق، وراجع تقارير طبيّة تخصّ حالته، إذ جاء في أحد التقارير الموجهة بتاريخ 8 أغسطس/ آب 2021 من مستشفى "آزادي التعليمي" إلى مديرية استخبارات الشرطة الاتحادية (الهيئة التحقيقة- كركوك)، أنّ الضحية يعاني من "حروق الدرجة الثالثة في اليدين والساعدين وفروة الرأس (...) وبحاجة إلى إجراء عملية تنظيف وبتر في أصابع الكف الأيسر وحالته متأخرة جدا وهذا بسبب عدم إجراء عملية استباقية له ما تسبب في ظهور المضاعفات له".
وفي 30 أكتوبر/ تشرين أول 2021، أرسل المستشفى
التقرير الطبي النهائي إلى مديرية الاستخبارات وجاء فيه أنّ الموقوف مصاب بـ"حروق من الدرجة الثالثة في اليدين وفروة الرأس. أجريت له العمليات اللازمة مع بتر الكف الأيسر وتشوهات شديدة في الكف الأيمن مع صلع إثر حرق في فروة الرأس وتحدد في المرفق الأيسر".
لم يكتف الضباط بتعذيب "الطائي" جسديًا، بل إنهم مارسوا ضده ترهيبًا نفسيًا منظّمًا، إذ قال له أحدهم: "سنجعلك مجنونًا أو نحكم عليك بالسجن لمدة 20 عامًا أو نسبب لك عاهة مستديمة تجعلك تتذكرنا طوال عمرك". وهدّده ضابط آخر بجلب زوجته إلى الاحتجاز كنوع من أنواع الضغط النفسي ليجبره على "الاعتراف بالتهم الملفقة".
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية إلى فتح تحقيق مستقل في حادثة توقيف وتعذيب الشاب "حسن الطائي"، ومحاسبة المتورطين في احتجازه التعسفي وإخضاعه للتعذيب وأشكال مختلفة من الضغط والترهيب، مشددًا على ضرورة التركيز على المساءلة الجنائية، وعدم الاكتفاء بالإجراءات الإدارية.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، واتخاذ إجراءات رادعة وجادة لوقف سياسة التعذيب الممنهج في السجون، وتفكيك منظومة الإفلات من العقاب ومحاسبة المتورطين فيها، وتحقيق العدالة للضحايا.