انطلقت بطولة كأس العالم 2022 في قطر أمس الأحد، بمشاركة 32 منتخبا، في المونديال الذي يقام لأول مرة على أرض عربية.
وترصد "عربي21" خمس قصص ملهمة أبطالها لاعبون نشأوا في ظروف صعبة، يحيطها الفقر، والتهجير، قبل أن يبتسم لهم الحظ ويصبحوا نجوما في عالم المستديرة الخضراء، ليشاركوا في المونديال.
أمادو أونانا
في إحدى ضواحي العاصمة السنغالية داكار، ولد أمادو زينود أونانا صيف العام 2001، لأب كاميروني، وأم سنغالية.
بعد ولادته بفترة قصيرة، انتقل والد أمادو إلى بلجيكا بحثا عن فرصة عمل، ليبقى الطفل الشغوف بكرة القدم برفقة إخوته عند والدته التي قامت بتربيتهم حتى سن الـ 12 سنة.
أمادو أونانا وبحثّ متواصل من شقيقته مالاسيا التي كانت تعاني من مرض السرطان، أراد إثبات نفسه في الأندية البلجيكية ليسافر عند والده، ويلتحق بأكاديمية إندرلخت، قبل أن يصاب بإحباط شديد عندما قيّمه مدربو الفئات السنية بأن إمكانياته لا تسمح له بلعب كرة القدم.
عاد أونانا إلى السنغال، وأبلغ شقيقته بأن حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم انتهى، إلا أن الأخيرة اتخذت من تصوير شقيقها خلال لعبه وإغراق حسابات أكاديميات الأندية البلجيكية، وسيلة في إعادته إلى بروكسل.
استدعى نادي "RWS" في بروكسل أمادو أونانا، ليثبت الأخير نفسه مباشرة ما دفع نادي زولته وارغيم إلى ضمه مباشرة بعد ذلك، وكان عمره حينها 16 سنة.
بعد أشهر من التألق برفقة النادي البلجيكي، كانت شقيقة أونانا المريضة بالسرطان حينها، والتي أصبحت وكيلة أعماله بعد شفائها، تبحث عن فرصة أفضل لأمادو، ليحصل الأخير على عرض من نادي هوفنهايم الألماني.
يقول أونانا في تصريحات سابقة إن شقيقته كانت ترافقه في رحلة القطار الأسبوعية وأحيانا شبه اليومية بين بلجيكا وألمانيا، والتي تستغرق نحو 7 ساعات ذهابا ومثلها إيابا.
وكانت محطة هوفنهايم نقطة التحول الرئيسية في حياة أمادو أونانا الذي ساعده تألقه في التنقل سريعا، بين هامبورغ الألماني وليل الفرنسي، قبل أن يحط رحاله هذا الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، برفقة نادي إيفرتون بصفقة قدرت بنحو 38 مليون يورو.
ويعد العملاق أونانا (1.92 متر) والذي لم يتجاوز الـ21 سنة من عمره بعد، نجما يعول عليه البلجيكيون في قيادة خط وسط منتخبهم بعد مشارفة الجيل الذهبي الحالي على الاعتزال.
وبسبب تنقله بين عدة دول، بات أونانا يتقن خمس لغات هي الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والهولندية، إضافة إلى اللغة الوولوفية المستخدمة في السنغال، وموريتانيا.
ماثيوس نونيز
شهدت قائمة المدرب فرناندو سانتوس، اسما جديدا من أصول برازيلية يمثل البرتغال، بعد "ديكو"، و"بيبي"، وبرونو ألفيش، وآخرين، والحديث هنا عن نجم خط الوسط القادم ماثيوس نونيز.
ولد نونيز البالغ من العمر 24 عاما، في مدينة ريو دي جانيرو، وعاش ظروفا صعبة بعد انفصال والديه، قبل أن يسافر في سن الثانية عشر مع والدته إلى البرتغال، حيث تزوجت مواطنا هناك.
وبسبب ظروفه المعيشية، عمل نونيز وهو فتى صغير في مخبز كان يملكه زوج والدته، وفي ذات الوقت يمارس هوايته بلعب كرة القدم، حيث التحق بفريق محلي يدعى "إريسيرنسي".
وبعد إثبات نفسه، وفي سن العشرين، انتقل نونيز إلى فريق إستوربل الذي تألق بشدة في صفوفه، ما دفع سبورتينغ لشبونه إلى خطفه بعد موسم واحد فقط.
وقال نونيز إنه لم يتخيل أن يصبح لاعبا محترفا في صفوف أحد أعرق الأندية بالبرتغال، قائلا إنه سعى مباشرة إلى شراء منزل لوالدته بعد توقيعه أول عقد مع لشبونة.
وانتقل نونيز صيف هذا العام إلى الدوري الإنجليزي الممتاز أيضا برفقة وولفرهامبتون، بصفقة قدرت بنحو 43 مليون يورو.
اقرأ أيضا: تميمة مونديال قطر والتمائم السابقة ما معانيها؟ (إنفوغراف)
ألفونسو دافيز
نجم بايرن ميونيخ، ومنتخب كندا الأول، والذي قاد جيلا شابا إلى أول مشاركة في مونديال كأس العالم منذ العام 1986.
عند صدور القائمة النهائية لمنتخب كندا المشارك في المونديال، غرد ألفونسو دافيز: "طفل ولد في مخيم للاجئين، لم يكن من المفترض أن ينجو! لكن ها نحن ذاهبون إلى كأس العالم".
وقال في رسالة إلهام إلى جميع الأطفال: "لا تدع أحداً يخبرك أن أحلامك غير واقعية. حافظ على الحلم واستمر في الإنجاز!".
قصة ألفونسو دافيز التي بدأت حزينة، وانتهت بشكل سعيد وغير متوقع، تعود إلى الحرب الأهلية الثانية في ليبيريا (1999-2003)، حيث تم تهجير أسرته إلى مخيم للاجئين في غانا، وولد هناك عام 2000.
في العام 2005، حيث كان ألفونسو يبلغ من العمر 5 سنوات قضاها في مخيمات اللجوء بغانا رفقة نحو نصف مليون ليبيري، سنحت لعائلته فرصة الهجرة إلى كندا، وهو ما تم بالفعل، وبدأ في رحلة تحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم، بيد أن لغته الإنجليزية الركيكة كانت العقبة الأبرز حينها.
فور بدء إتقانه الإنجليزية، التحق ألفونسو دافيز بمفرده دون عائلته في أكاديمية كرة قدم بمدينة فانكوفر، وكان يبلغ من العمر حينها 15 سنة.
وبسبب مهارته العالية، وسرعته الفائقة، شارك دافيز وهو في سن الـ16 عاما، برفقة "وايت سكيب"، قبل أن يلعب أولى مبارياته في الدوري الأمريكي الممتاز لكرة القدم رفقة "فانكوفر" الذي ينشط بدوري الولايات المتحدة "MLS"، ليخطف أنظار كشافة نادي بايرن ميونيخ الألماني.
دافيز الذي ظل حتى العام 2017 مواطنا ليبيريا قبل حصوله على الجنسية الكندية، انضم إلى نادي بايرن ميونيخ في العام 2018، ليصبح ركيزة أساسية منذ ذلك الحين في النادي البافاري.
تياغو ألمادا
السادس والعشرون من نيسان/ أبريل، عام 2001، في وسط فويرتي أباتشي، أحد أخطر الأحياء الشعبية المكتظة في بيونس آيرس، ولد نجم أرجنتيني قادم بقوة لقيادة جيل ما بعد الأسطورة ليونيل ميسي.
تياغو ألمادا، لاعب الوسط الهجومي الذي نشأ وترعرع في ذات الحي الذي خرّج النجم الأرجنتيني السابق كارلوس تيفيز، والمشهور بارتفاع معدل الجريمة، والمخدرات، كان له بداية مؤسفة شبيهة ببدايات الـ"آباتشي"، الذي صال وجال برفقة بوكا جونيورز، ومانشستر يونايتد والسيتي، ويوفنتوس.
يقول تياغو ألمادا إنه بسبب الفقر والحاجة خلال مرحلة طفولته، كان والداه يذهبان إلى العمل، فيما يرافق هو جده وجدته لبيع الخضار.
لم يكتف الصبي ألمادا ببيع الخضار لجني المال، إذ كان يتجول مع رفاقه في أزقة بيونس آيرس بحثا عن جمع الزجاجات لبيعها "الخردة"، وفي ذات الوقت كان يتردد حينما تسنح له الفرصة إلى ملعب نادي سانتا كلارا، الذي كان شاهدا على اكتشاف أسطورة تيفيز.
ولاحقا انضم ألمادا إلى نادي فيليز سارسفيلد، وبات أحد نجوم الفريق، قبل أن ينتقل إلى أتلانتا في الدوري الأمريكي، رغم إعجاب كبرى الأندية الأوروبية به، وفي مقدمتها مانشستر يونايتد.
وفي أتلانتا، قدم ألمادا مستويات مثالية دفعت مدرب المنتخب الأرجنتيني ليونيل سكالوني للاستعانة به في إحدى مباريات تصفيات كأس العالم، إلا أنه استبعده عن القائمة النهائية للمونديال.
وقبل أربعة أيام، وعقب ساعات من انتهاء مباراة كان يلعبها في إحدى حارات منطقة كانويلاس في بيونس آيرس، برفقة نجم أتلتيكو مدريد أنخيل كوريا، تلقى ألمادا المكالمة الأغلى في حياته من مدرب سكالوني، يبلغه فيها أنه وكوريا، سيلتحقان ببعثة المنتخب في قطر، تعويضا للمصابين نيكولاس غونزاليس، وخواكين كوريا.
وحظي ألمادا وكوريا بتوديع شعبي حاشد وعفوي فور توجههما إلى المطار نحو قطر، بعد ساعات من مكالمة سكالوني، فيما احتفلت عائلته بصخب بعد تلقيهم نبأ استدعاء ابنهم الذي شكل مشوار احترافه تغيرا محوريا في مستوى حياتهم المعيشي.
غارانغ كول
ثاني أصغر لاعب بالبطولة، بـ18 سنة و60 يوما فقط، نجح بالوصول برفقة أستراليا إلى مونديال قطر 2022، بعد طفولة صعبة، ومعقدة.
في صيف العام 2004، ولد غارانغ ماوين كول، بالعاصمة المصرية القاهرة، لأبوين فرّا من الحرب التي كانت تشهدها جنوب السودان، وبعد شهور من ولادته غادرت أسرته إلى أستراليا كلاجئين.
يقول غارانغ إنه واثنين من إخوته، كانوا يذهبون سويا إلى لعب كرة القدم في أكاديمية جولبرن فالي صنز، إلا أن الطفل الصغير أثبت نفسه، وخطف الأنظار حتى من شقيقه الأكبر آلوي، الذي يلعب حاليا في صفوف شتوتغارت الألماني.
وفي صيف العام 2021، وقع كول عقدا احترافيا مع فريق سنترال كوست مارينرز، وسجل العديد من الأهداف ما دفع كشافة نادي نيوكاسل الإنجليزي المملوك لصندوق الاستثمارات السعودي، إلى ملاحقته، والنجاح بتوقيع عقد معه، يبدأ من كانون ثاني/ يناير المقبل.
اللافت أن غارانغ كول هو ثالث لاعب من أصول جنوب سودانية يشارك في مونديال قطر برفقة أستراليا، برفقة أوير مابيل وتوماس دينغ.
الداعية ذاكر نايك في قطر قبل انطلاق المونديال.. ما القصة؟
كم أنفقت قطر على كاس العالم "الأغلى في التاريخ"؟
استعدادا للمونديال.. "نسور قرطاج" يهزمون إيران بثنائية