قالت السلطات الإيرانية إنها تملك أدلة بشأن ضلوع ضلوع موقوفين أجانب في ما اعتبرته "أعمال شغب" تشهدها على هامش احتجاجات أعقبت وفاة مهسا أميني في 16 أيلول/ سبتمبر الماضي.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، بعد أيام من إعلان سلطات طهران توقيف عدد من الأجانب لارتباطهم بالاحتجاجات، خصوصا من بولندا وإيطاليا وفرنسا.
وقال ناصر كنعاني: "فيما يتعلق بالتدخلات التي أدت إلى إلحاق الضرر بإيران، أو فيما يتعلق بأداء مواطني الدول التي ارتكبت جرائم في إيران، أو لعبت دورًا في أعمال الشغب وتم القبض عليها، سنتخذ الإجراءات اللازمة".
وأضاف: "تم استدعاء سفراء بعض الدول وتقديم الأدلة والوثائق اللازمة لهم" على صلة مواطنيهم بالاحتجاجات، وتم الطلب منهم "الحصول على الإجابة من مراكزهم".
وأكد أن "إيران اتخذت الإجراءات اللازمة في إطار الدبلوماسية وواجبات الأجهزة الأمنية في هذا الصدد وستواصل متابعة الإجراءات اللازمة في إطار الآليات الدولية في الوقت المناسب"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
وأعربت دول غربية عدة عن دعمها للاحتجاجات، وفرضت عقوبات على مسؤولين وكيانات في إيران ردا على ما تعتبره "قمع" السلطات للتحركات.
واستدعت الخارجية الإيرانية خلال الأسابيع الماضية سفراء دول أوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا والدنمارك والنروج، لإبلاغهم احتجاج طهران على مواقف اتخذتها دولهم.
معتقلين فرنسيين
وفي وقت سابق، رجحت وزيرة الخارجية الفرنسية اعتقال اثنين آخرين من المواطنين الفرنسيين في إيران، مما يرفع إجمالي رعايا البلاد المحتجزين هناك إلى سبعة.
ووجهت فرنسا انتقادات لإيران في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي واتهمتها بارتكاب "ممارسات دكتاتورية" واحتجاز مواطنيها كرهائن بعد بث تسجيل مصور ظهر فيه فرنسيان (رجل وامرأة) يعترفان بالتجسس، بعد أسابيع من الاضطرابات التي تحمّل إيران دولا أجنبية المسؤولية عنها.
وقالت الوزيرة الفرنسية كاترين كولونا في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان: "لدينا قلق بشأن (اعتقال) مواطنيْن آخرين. ونسعى للتحقق من معلومات متضاربة".
وذكرت صحيفة لو فيغارو أن المواطنيْن اعتقلا قبل انطلاق الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سبتمبر أيلول بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني.
وتدهورت العلاقات بين فرنسا وإيران خلال الأشهر الماضية مع تعثر المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي تمثل فرنسا أحد أطرافه. ولا يوجد سفير لأي من البلدين في البلد الآخر.
ودفعت الاحتجاجات على وفاة أميني أثناء احتجاز الشرطة لها الاتحاد الأوروبي إلى السير على نهج الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا في فرض عقوبات على إيران، حيث يجتمع الاثنين وزراء خارجية أوروبا للتصديق على حزمة جديدة من العقوبات، من المنتظر أن تستهدف أفرادا وكيانات من الضالعين في انتهاكات لحقوق الإنسان، وتجميد أصول وحظر سفر.
عقوبات أوروبية
فرض الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء عقوبات إضافية على إيران استهدفت 29 فردا وثلاث منظمات ردا على ما تراه استخدام طهران للقوة على نطاق واسع ضد محتجين سلميين.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بيان "نقف مع الشعب الإيراني وندعم حقه في الاحتجاج السلمي والتعبير عن مطالبه وآرائه بحرية".
وجاء في بيان للاتحاد الأوروبي أن من بين الذين فرضت عليهم عقوبات بحظر السفر وتجميد الأصول أربعة أعضاء من الفرقة التي اعتقلت مهسا أميني التي توفيت لاحقا في مقر لشرطة الأخلاق، وأعضاء بارزون في الحرس الثوري ووزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي.
من جانبها، قالت الحكومة البريطانية إنها أضافت 24 كيانا لقائمة العقوبات التي تفرضها على إيران فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وذكرت الحكومة أن العقوبات تشمل وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عيسى زارع بور، مشيرة إلى أنها نسقت مع شركائها الدوليين لاستهداف المسؤولين الإيرانيين الذين يقودون حملة القمع العنيفة للاحتجاجات في إيران.
احتجاجات طلابية
إلى ذلك، استمرت الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الإيرانية المختلفة لدعم الطلاب المحتجزين والنشطاء السياسيين، حيث هتف طلاب جامعة قزوين، غربي العاصمة طهران، باسم الناشط السياسي المضرب عن الطعام في محبسه، حسين رونقي.
كما واصل طلاب جامعة شريف، في العاصمة، اعتصامهم أمام كلية الهندسة الكيميائية وهندسة البترول وكذلك بهو كلية هندسة الحاسوب احتجاجا على اعتقال الطلاب ومنع دخولهم.
من جهة أخرى، أفادت قناة التلغرام التابعة لاتحادات الطلاب بمنع 19 طالبا من جامعة تبريز للفنون من دخول الجامعة، حيث تقوم القوات الأمنية بفحص بطاقات الطلاب عند مدخل الجامعة.
اقرأ أيضا: عقوبات مرتقبة على إيران اليوم.. وطهران تعتقل ناشطة بارزة
وبالتزامن مع الاعتصامات والتجمعات الطلابية، استمرت احتجاجات التلاميذ أيضاً، وقد أظهر الفيديو الذي حصل عليه تلزيون "إيران إنترناشيونال" المعارض أن تلميذات مدرسة للبنات في أصفهان هتفن لإمام جماعة المدرسة: "أنت العاهر، أنت الفاجر، أنا امرأة حرة".
تحقيق
إلى ذلك، أمر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بفتح "تحقيق مسهب" في أحداث سيستان بلوشستان بجنوب شرق إيران، وفق ما أفاد رئيس وفد بعث به إلى المحافظة التي شهدت أعمال عنف في الأسابيع الماضية.
وشهدت زاهدان أحداثا دامية في 30 أيلول/سبتمبر راح ضحيتها عشرات بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك التاريخ، تسجّل مسيرات وتوترات أسبوعية بعد صلاة الجمعة في المحافظة الحدودية مع باكستان وأفغانستان، والتي تقطنها نسبة كبيرة من السّنّة.
وأفادت وسائل إعلام محلية الأحد أن وفدا مرسلا من مكتب المرشد الأعلى يتقدمه حجة الإسلام محمد جواد حاج علي أكبري، رئيس مجلس أئمة الجمعة في إيران، التقى شخصيات في زاهدان الأحد.
ومن أبرز من التقاهم الوفد، إمام الجمعة للسّنّة في زاهدان مولوي عبد الحميد الذي سبق أن حمّل "كل المسؤولين ومن يديرون شؤون البلاد" المسؤولية عما حصل في المدينة.
وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية أن حاج علي أكبري أبلغ مولوي عبد الحميد أن خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للجمهورية الإسلامية، "أمر بفتح تحقيق مسهب في الأحداث الأخيرة التي وقعت في هذه المحافظة والعمل على أساس الحقائق".
وأضاف "لن يتم التسامح مع الذين أساؤوا إلى الأمن القومي وارتكبوا جرائم ويجب معاقبتهم ومحاكمتهم لأن أمن المجتمع هو الخط الأحمر لجميع الأنظمة وتحت أي ظرف من الظروف لن يسمح قائد الثورة بتضييع حق أحد".
وأكد أن خامنئي "يرى أن التحقيق يجب أن يكون مبنيا على معايير العدل والشريعة".
نواب بإيران يدعون لمعاقبة "أعداء الله".. وتحذير من قمع الطلاب
محتجون يتحدّون تهديد الحرس الثوري.. ورئيسي: أمننا خط أحمر
تحركات بكندا وفرنسا للضغط على إيران.. وبدء محاكمة متظاهرين