"أنت لم تهزم بعد"، هذا هو عنوان كتاب الناشط والمدون المصري
علاء عبد الفتاح، المحبوس داخل سجون النظام المصري بسبب إعادة نشره لمنشور على فيسبوك، يوثق وفاة أحد المحبوسين سياسيا داخل السجون.
في أثناء كتابتي لهذه الكلمات، تمر أربعة أيام على إضراب علاء عبد الفتاح
الكامل عن شرب المياه، بعد أن تجاوز إضرابه عن الطعام حاجز المئتي يوم قبل بداية
قمة المناخ السابعة والعشرين، المنعقدة حاليا في شرم الشيخ.
علاء قرر أن يواجه النظام بالورقة الأخيرة التي يملكها وهي جسده الضعيف،
لعله يجد من يحترم الإنسانية داخل هذا النظام، وإن كان الأمر محل شك كبير.
على بعد مئات الكيلومترات من محبسه، تجمّع عشرات الصحفيين من وسائل إعلام
غربية لتغطية مؤتمر صحفي تحدثت فيه فتاة مصرية عن شقيقها المعتقل والمضرب عن
الطعام والشراب، وطالبت فيه حكومات العالم والقادة المشاركين في قمة المناخ بالضغط
على نظام السيسي في مصر من أجل إنقاذ حياة شقيقها، لم تكن هذه الفتاة إلا سناء سيف
شقيقة علاء عبد الفتاح.
مع بداية قمة المناخ في شرم الشيخ، تحولت الأنظار إلى قضية علاء عبد الفتاح، وبات كالكابوس الذي يطارد نظام عبد الفتاح السيسي داخل أروقة القمة، فلم يلتق السيسي مع أي زعيم غربي إلا وطالبه بالإفراج الفوري عن الناشط البريطاني/ المصري علاء عبد الفتاح
على مدار الأشهر الماضية، قادت سناء وشقيقتها منى حملة دولية للتضامن مع
شقيقهما المعتقل في سجون السيسي، كان الجزء الأبرز فيها والأهم هو الاعتصام لأيام
أمام مقر وزارة الخارجية البريطانية في لندن، والحديث مع وسائل الإعلام البريطانية
عن الخطر الذي يواجهه علاء نتيجة إضرابه المستمر عن الطعام. ضغوطات عائلة علاء
بلغت ذروتها بلقاء وزير الخارجية البريطاني جيمس كيلفري قبل بداية قمة المناخ
بيومين، وتلقيهما خطابا من ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني، أكد فيه تحركه الجاد
للضغط على نظام السيسي من أجل الإفراج الفوري عن علاء عبد الفتاح.
مع بداية قمة المناخ في شرم الشيخ، تحولت الأنظار إلى قضية علاء عبد الفتاح،
وبات كالكابوس الذي يطارد نظام عبد الفتاح السيسي داخل أروقة القمة، فلم يلتق
السيسي مع أي زعيم غربي إلا وطالبه بالإفراج الفوري عن الناشط البريطاني/ المصري علاء عبد
الفتاح.
حدث هذا في أثناء لقاء السيسي مع ريشي سوناك رئيس الحكومة البريطانية، وتكرر
الأمر في لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم واجه السيسي المطالب نفسها في أثناء
مقابلته مع المستشار الألماني أولاف شولتز، ولم ينج سامح شكري وزير الخارجية
المصري من المصير نفسه في أثناء لقائه مع هادلي جامبل؛ مراسلة قناة سي إن بي سي
الأمريكية، ثم واجه السؤال نفسه والمطالبات فيأثناء مقابلته التلفزيونية مع بيكي
أندرسون؛ مذيعة شبكة سي إن إن الأمريكية.
الضغوط التي يتعرض لها السيسي ونظامه في الأيام الماضية، دفعته لاتخاذ ردة
فعل مباشرة وغير محسوبة للدفاع عن نفسه، فأطلق أذرعه الإعلامية المقربة للهجوم على
علاء عبد الفتاح، والتشكيك في إضرابه عن الطعام والادعاء كذبا بأنه سجين جنائي، ارتكب جرائم ولا علاقة لحبسه واعتقاله بقضايا الرأي والتعبير.
الضغوط التي يتعرض لها السيسي ونظامه في الأيام الماضية، دفعته لاتخاذ ردة فعل مباشرة وغير محسوبة للدفاع عن نفسه، فأطلق أذرعه الإعلامية المقربة للهجوم على علاء عبد الفتاح، والتشكيك في إضرابه عن الطعام والادعاء كذبا بأنه سجين جنائي
من بين هؤلاء، يبرز أحد أسوأ الإعلاميين المقربين من نظام السيسي، هو أحمد
موسى، الذي يرى أن ما تفعله وسائل الإعلام الغربية من تغطية قضية علاء عبد الفتاح، ما
هو إلا حملة ممنهجة لتشويه سمعة مصر والهجوم على النظام الحاكم، بل وذهب موسى
لأبعد من ذلك، حين اعتبر أن أي مطالبة من رئيس الحكومة البريطانية أو غيره بالإفراج
عن علاء عبد الفتاح، ما هي إلا تدخل في الشؤون الداخلية المصرية.
أحمد موسى لمن لا يعرفه من الصحفيين الموجودين في شرم الشيخ الآن، هو من
أقرب المقربين من نظام السيسي، ويعرف بعلاقاته بالأجهزة الأمنية منذ أكثر من عشر
سنوات. الرجل يمتلك رصيدا ضخما من التحريض على القتل على الهواء مباشرة، ولا تخلو
حلقة من حلقات برنامجه اليومي من نشر خطاب الكراهية وتوزيع الاتهامات بالخيانة والإرهاب
على أي معارض سياسي لنظام السيسي.
النظام لم يكتف بتبريرات أحمد موسى وغيره أمام الشاشات، وإنما قرر مواجهة
حملات التضامن مع علاء عبد الفتاح بإرسال رجاله من نواب في البرلمان وأعضاء في
المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة؛ لعمل مداخلات في الندوات
الحقوقية ومهاجمة علاء وأسرته، ومحاولة نفي تهمة وجود أي معتقلين سياسيين بالأساس، سواء علاء عبد الفتاح أو غيره.
النظام المصري بقيادة السيسي، كان يريد لقمة المناخ أن تصبح لقطة للاستعراض
وغسيل السمعة السيئة للنظام فيما يتعلق بملف انتهاكات حقوق الإنسان، وإذ به يفاجأ
بأن القمة تحولت لفضيحة مستمرة بطلها علاء عبد الفتاح، وتلقي بظلالها على قضية أوسع
وأشمل، هي قضية المعتقلين السياسيين في مصر، وهو ما دفع الكثيرين، وأنا منهم، للتذكير بقضية المعتقلين السياسيين في مصر، الذين يفوق عددهم أكثر من 60,000 معتقل
منذ تموز/ يوليو 2013.
القضية لم تبدأ بحبس علاء عبد الفتاح ولن تنتهي بالإفراج عنه، فهو ليس الأول ولن يكون الأخير. النظام مستمر في حملات القمع والتنكيل، وهذا ما أشارت إليه تقارير حقوقية في الأيام القليلة الماضية، من أن النظام الذي يحاول غسيل سمعته في شرم الشيخ
القضية لم تبدأ بحبس علاء عبد الفتاح ولن تنتهي بالإفراج عنه، فهو ليس
الأول ولن يكون الأخير. النظام مستمر في حملات القمع والتنكيل، وهذا ما أشارت إليه
تقارير حقوقية في الأيام القليلة الماضية، من أن النظام الذي يحاول غسيل سمعته في
شرم الشيخ، وترويج صورة جيدة عن نفسه بأنه يحترم حقوق الإنسان ويعمل بشفافية؛ هو النظام نفسه الذي اعتقلت قواته أكثر من 200 مواطن مصري في بقية المحافظات، البعيدة
عن شرم الشيخ وصخب وسائل الإعلام الغربية.
علينا أن نعلم جيدا أن النظام العسكري في مصر ربما يرضخ للضغوط الخارجية
بالإفراج عن علاء عبد الفتاح؛ استنادا لحصوله على الجنسية البريطانية، ولكن القضية
لا يمكن أن تتوقف هنا، سيكون الإفراج عن علاء بداية لاستمرار حملات الضغط على
السيسي ونظامه للإفراج عن آلاف المصريين المجهولين والقابعين داخل السجون، دون سبب
إلا معارضة السيسي.
لو تحرك العالم الآن من أجل مواطن بريطاني اسمه علاء عبد الفتاح، فيجب أن
يمتد هذا التحرك والضغط من أجل إنقاذ حياة آلاف المعتقلين المصريين؛ ممن لم
يحالفهم الحظ للحصول على جنسية بلد أخرى.
في مصر، يوجد أكثر من 60,000 علاء عبد الفتاح، وكلهم يرفعون الشعار نفسه:
"أنت لم تهزم بعد".
twitter.com/osgaweesh