نشرت صحيفة "إكسبرت" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن المقاطعات الجديدة التي أضحت جزءًا من روسيا نتيجة الاستفتاء المنجز نهاية الشهر الماضي، والتي يتطلب اندماجها بشكل كامل ضمن روسيا إنهاء الصراع، واستعادة البنية التحتية، فضلًا عن تحسين الظروف الاجتماعية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل انطلاق العملية العسكرية الروسية كانت أراضي دونيتسك ولوغانسك ومناطق زاباروجيا وخيرسون تضم العديد من المؤسسات الصناعية الكبرى، التي تستوجب الترميم في الوقت الحالي؛ بسبب الضربات التي لحقت بها.
وتضيف الصحيفة أنه وفقًا للتقديرات الأولية، تتطلب إعادة بناء جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وحدهما أكثر من 3.5 تريليون روبل، مع العلم أنه لم يتم تحرير زابوروجيا بالكامل، بما في ذلك المركز الإقليمي، كما أن تنمية منطقة خيرسون محدودة، بسبب العملية العسكرية والخصائص الجغرافية.
حي جديد في جنوب روسيا
وبمجرد أن تصبح المناطق الأربع جزءًا من روسيا، ستظهر منطقة فيدرالية جديدة على الحدود الغربية للمنطقة الفيدرالية الجنوبية قد يطلق عليها اسم القرم، وتضم شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول. وبهذا ستصبح المنطقة تطل على بحر آزوف والبحر الأسود، ما يخول لها إنشاء طرق لوجستية جديدة داخل روسيا في إطار التعاون الدولي. وعليه، ستؤدي إعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع البر الرئيسي إلى تحسين الإمداد لشبه الجزيرة، وتكثيف حركة الركاب.
وكما هو الحال، بعد ضم شبه جزيرة القرم، أوعز الرئيس فلاديمير بوتين إلى المناطق المعنية بالإشراف على ترميم البلديات. فعلى سبيل المثال، تولت موسكو ترميم البنية التحتية في دونيتسك ولوغانسك على حساب ميزانيتها الخاصة. من جانبه، ينص قرار المحكمة الدستورية الروسية على أن الفترة الانتقالية للكيانات الجديدة سارية حتى كانون الثاني/ يناير 2026. كما تم إصدار مراسيم وتعليمات تلزم جميع الوزارات والإدارات الفيدرالية بتشكيل نظام سلطات في الكيانات الأربعة الجديدة، وسيتم تشييد مراكز متعددة المهام على هذه الأراضي، ومن أجل هذا يُطالب رؤساء الحكومات الإقليمية بتوفير أماكن في المدن والمناطق؛ من أجل فتح مثل هذه المراكز، التي ستتكفل بمهمة مساعدة الناس خلال الفترة الانتقالية.
ومثلما أشار نائب رئيس الوزراء الروسي مارات خوسنولين، فإن إعادة بناء مناطق جديدة تتطلب الكثير من مواد البناء، مثل الأسفلت والخرسانة والأسمنت والمواد غير الخام التي قد توفرها الشركات المصنعة الروسية التي فقدت السوق الغربية بسبب العقوبات. وبالتالي، فإن استعادة المناطق ستعطي دفعة جديدة لتطوير الصناعات ذات الصلة في المناطق المجاورة.
الجانب الاجتماعي هو الجانب الرئيسي
وتنقل الصحيفة عن الباحث في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية، البروفيسور سيرغي دوخوليان، أنه من السابق لأوانه تكوين أي مفهوم اقتصادي لتطوير مناطق وأقاليم جديدة في الجنوب قبل انتهاء الصراع وترسيم الحدود.
وبحسب الباحث، فإن القضايا ذات الطابع الاجتماعي لا الاقتصادي تثار في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وسيكون من الضروري تساوي مستوى المعيشة هناك مع المستوى الروسي. وفي أيار/ مايو من العام الجاري، بدأت روسيا في دفع الرواتب والمعاشات التقاعدية في الأراضي التي بسطت عليها سيطرتها بالروبل.
ويلفت دوخليان الانتباه إلى أنه يمكن مقارنة ضم المناطق الجديدة إلى روسيا بأحداث عام 1940، عند ضم الاتحاد السوفياتي غرب أوكرانيا وغرب بيلاروسيا، وبضم دول البلطيق إلى الاتحاد السوفيتي بعد الاستفتاءات في أواخر ثلاثينات القرن الماضي.
مركز روسيا حسب الحقائق والأرقام
وتنتمي المناطق الأربع إلى جمهورية كريفوي روج، التي تشكلت في السنوات الأولى من ظهور القوة السوفييتية، والتي كانت تلقب باسم "قلب روسيا"؛ بسبب أهميتها للدولة السوفيتية الفتية آنذاك، وتركز الاحتياطيات الرئيسية من الفحم وخام الحديد في ذلك الوقت هناك. مع العلم أن المساحة الإجمالية للمناطق الجديدة تزيد على 100 ألف متر مربع كم. ورغم أنها لا تمثل غير 25 بالمئة فقط من مساحة المقاطعة الفيدرالية الجنوبية، غير أنه يمكن مقارنة مساحتها ببلدان مثل بلغاريا والمجر.
وحتى شباط/ فبراير من العام الجاري، كان يعيش داخل جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون حوالي من 8.8 ملايين شخص، ما يعادل 21 بالمئة من إجمالي سكان أوكرانيا.
وفي عام 2013، وفرت منطقة دونيتسك 10.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، وحوالي ربع الصادرات، بحيث كان اقتصادها في ذلك الوقت يعتمد بالأساس على الصناعة بالنسبة 36 بالمئة، والكهرباء بنسبة 27 بالمئة، والغذاء بنسبة 12 بالمئة، واستخراج المواد الخام 9 بالمئة، والهندسة الميكانيكية بنسبة 2.4 بالمئة.
وحتى العام الجاري، وبحسب بيانات البنك الدولي، كان مصنع آزوف ستال -قبل تدميره- وشركة ماجنيتوجورسك لأعمال الحديد والصلب ينتجان 40 بالمئة من خام الصلب الأوكراني و50 بالمئة من الحديد الخام. وفي الوقت نفسه، وفر اقتصاد لوغانسك 3.6 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الأوكراني عام 2013، وتعتبر صناعة الفحم وكيمياء النفط والهندسة الميكانيكية وصناعة الأغذية والزراعة من بين الصناعات الرئيسية في المنطقة. وبشكل عام، خسرت الشركات الواقعة بشكل رئيسي في غرب الجمهورية من الصراع. لكن، في الوقت الراهن، امتنعت الجمهوريتين عن نشر بيانات عن الميزانية والناتج المحلي الإجمالي.
وطيلة عام 2017، عانت لوغانسك ودونيتسك من حصار تجاري فرض من طرف أوكرانيا. وردا على ذلك، طالبت قيادة الجمهوريات الشركات المتواجدة على أراضيها بدفع الضرائب إليها لا إلى كييف.
وأوردت الصحيفة أن منطقة زابوروجي توفر 4 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الأوكراني، و25 بالمئة من إنتاج الطاقة في جميع أنحاء البلاد. مع العلم أن محطة الطاقة النووية في إنرجودار التي تسيطر عليها روسيا حاليًا هي الأكبر في أوروبا، وأن القدرة الكهربائية لمحطة الطاقة النووية زابوروجي تعادل ستة آلاف ميغاواط.
وفي الوقت الراهن، تسيطر روسيا على حوالي 70 بالمئة من أراضي زابوروجي، بما في ذلك ميناء بيرديانسك الكبير على بحر آزوف.
اقرأ أيضا: مجلة: الجيش الروسي يعاني من نقاط ضعف هيكلية خطيرة
وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات الحكومية في أوكرانيا، توفر منطقة خيرسون بفضل المنتجات الزراعية 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأوكراني. ويتعدى حجم مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في خيرسون اثنين مليون هكتار. وجنبًا إلى جنب مع زابوروجي، تنتمي منطقة خيرسون إلى ما يسمى حزام الحبوب في البلاد. وعلى عكس منطقة زابوروجي، احتلت القوات الروسية خيرسون بالكامل، الذي يوجد على أراضيها مصب نهر الدنيبر، وقد بلغ إجمالي محصول القمح في خيرسون 7.1 ملايين طن في العام الماضي.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن المناطق الجديدة تساهم في النهوض باقتصاد الجنوب؛ بفضل عدد من الصناعات، أهمها الصناعة الثقيلة والطاقة والزراعة.
ضابط سابق في CIA: انتصارات أوكرانيا ضد روسيا "ربيع مزيف"
ألكسندر دوغين: العالم على شفا حرب عالمية ثالثة
كاتب: الاحتفال بالنجاحات العسكرية لأوكرانيا سابق لأوانه