رغم عشرات آلاف الكيلومترات التي تفصل بين
الاحتلال وأوكرانيا، لكن آثار الدمار بسبب استخدام روسيا في هجماتها المميتة
للطائرات الانتحارية بدون طيار من صنع إيران، دفع الأوساط العسكرية الإسرائيلية
لتفحص الأضرار الهائلة لهذه الهجمات، لأنها تعطي لمحة عن الوضع الذي ستطلق فيه
إيران هذه الطائرات بدون طيار بكميات كبيرة على المدن الإسرائيلية، كما أن المشاهد
القادمة من كييف ومدن أخرى تقدم دليلا على عدم اكتفاء تل أبيب بالحد من نشاط إيران
النووي فقط.
ويدور الحديث عن طائرة مسيّرة إيرانية الصنع
طورتها الصناعة العسكرية الإيرانية (HESA)،
أول من استخدمها الحوثيون في اليمن خلال 2021، لكن إسرائيل تعتقد أن الإيرانيين
استخدموها في مهاجمة السفينة "ميرسر" في تموز/ يوليو 2021 قرب عمان،
المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر، لكن هجمات المسيّرات الإيرانية على
أهداف في أوكرانيا تشعل في إسرائيل أضواء حمرا عن دلالات تشكيل المحور الإيراني
الروسي الذي قد يدفعها لأن تكون أكثر عدوانية تجاه روسيا من الآن فصاعدًا.
تال شنايدر خبيرة شؤون الشرق الأوسط، أشارت إلى أن
"رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت سبق له أن كشف أمام الأمم المتحدة في 2021
أن الإيرانيين يزودون حلفاءهم بهذه الطائرات، مما يخلق حالة غير متكافئة، لأن
تشغيلها لا يكلف الكثير من المال والجهد، لكن الحماية منها تكلف الكثير، زاعما أن تهديد
هذه الطائرات لا يستهدف إسرائيل فقط، لأن إيران لديها وحدة مستقلة لتشغيل أسراب من
هذه الطائرات المزودة بأسلحة فتاكة يمكنها الهجوم في أي مكان، وفي أي وقت".
وأضافت في تقرير نشره موقع زمن اسرائيل، ترجمته "عربي21" أن "إيران تخطط لتغطية سماء الشرق الأوسط بهذه القوة المميتة عبر المسيّرات، وبالفعل، فبعد عام ونصف، تم بيعها لروسيا التي تستخدمها بأعداد كبيرة ضد أوكرانيا، وأسقطت عشرات القتلى ومئات الجرحى، وألحقت أضرارا جسيمة بالبنية التحتية، وبالنظر لهذا الدمار الهائل الذي أحدثته تلك الطائرات في أوكرانيا، يمكن أن يكون ذلك بمثابة إعداد قاتم لإسرائيل للوضع الذي ستطلق فيه إيران هذه الطائرات بدون طيار بكميات كبيرة تجاهها".
وأوضحت أنه "من باب التذكير، ففي فبراير
2018، أسقط الجيش الإسرائيلي طائرة إيرانية بدون طيار دخلت الأجواء قادمة من مدينة
تدمر السورية، وهناك حالتان في فبراير 2021 وفبراير 2022، شهدتا اعتراض طائرات
إسرائيلية وأمريكية للمسيّرات الإيرانية في طريقها لإسرائيل، ففي الحالة الثانية
ضربها الطيران الأمريكي في المجال الجوي العراقي، لكن الهجوم الروسي المكثف
باستخدام المسيّرات الإيرانية يعتبر حدثا حاسما للجيش الإسرائيلي، ويمكن للمرء أن
يتكهن بما سيحدث إذا لم يتم منع المسيّرات الإيرانية من الوصول للمدن
الإسرائيلية".
ويسعى الإسرائيليون لاستغلال الحرب الأوكرانية
الجارية، والاستخدام الروسي المكثف للمسيّرات الإيرانية، لتحريض الدول العظمى،
خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، على صفقات بيع الأسلحة من إيران
إلى روسيا، بزعم أنها تقدم صورة واضحة في ما يتعلق بمفاوضاتهم لاحتواء البرنامج
النووي الإيراني، مما يجعل وقوف إيران بجانب روسيا، وتزويدها للأسلحة لها، دافعا
لتلك الدول على توسيع المفاوضات لتشمل ما يزيد على الملف النووي إلى القدرات
الصاروخية والطائرات بدون طيار.
عامي روخاس دومبا الخبير العسكري في مجلة
يسرائيل ديفينس، أشار إلى أن "صور تدمير الطائرات الإيرانية بدون طيار في
أوكرانيا تقلق إسرائيل، وصور المباني المحترقة في كييف لا يريد سلاح الجو إظهارها
للجمهور الإسرائيلي، كي لا يصاب بالصدمة من سيناريو هجمات طائرات إيرانية بدون
طيار، في حال اندلع صراع عسكري مع طهران، مع العلم أنه بعد هجوم إيران والحوثيين
على السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019، بدأت إسرائيل بطرح أسئلة حول الخطر الذي تشكله
المسيّرات الإيرانية عليها".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه
"منذ ذلك الحين، كانت هناك عدة محاولات لهجمات بمسيّرات إيرانية على إسرائيل،
جاء بعضها من الشرق، وأخرى من الشمال، بعضها بطائرة واحدة، وأخرى بعدد محدود منها،
ولكن تم اعتراضها جميعًا، ولم تتسبب بأضرار كبيرة، لكن سيناريو هجمات الطائرات
بدون طيار المتعددة يبدو واقعيًا إذا اندلعت مواجهة قتالية بين إسرائيل وإيران،
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تستعد إسرائيل ليوم أسود كهذا يتم فيه إطلاق
مسيّرات إيرانية من الشرق والشمال، بجانب صواريخ من الجنوب والشمال".
تتحدث الأوساط العسكرية الإسرائيلية عن طائرات
بدون طيار دقيقة، وليس صواريخ غير دقيقة، ووفقًا لتقديراتها، فيمكن لهذه الطائرات
بدون طيار أن تقطع مئات الكيلومترات في رحلة إلى الهدف في قلب إسرائيل، وفي مرحلة
الطيران هذه يمكن من الناحية النظرية اعتراضها بصواريخ جو – جو، لكن السؤال: لماذا
لم يتم اعتراضها في أوكرانيا وهي في طريقها إلى الهدف، هذا سؤال يبقى مفتوحا بدون
إجابة، ما يقلق الإسرائيليين كثيرا.
في الوقت ذاته، يبقى السؤال عن سبب فشل الحرب
الإلكترونية الأوكرانية والدفاع الجوي، صحيح أنه ربما لم يكن هناك انتشار كافٍ في
منطقة الهجوم، لكن هذا الإخفاق في كييف يثير تساؤلاً في تل أبيب حول ما إذا كان
سلاح الجو الإسرائيلي يعرف كيفية إغلاق مجاله الجوي كلياً لمثل هذه الطائرات بدون
طيار، حتى عندما تكون بأعداد كبيرة، على اعتبار أنها قد تأتي من الجنوب أو الشرق
أو الشمال!
تصاعد التوتر بين الاحتلال الإسرائيلي وروسيا بسبب أوكرانيا
كاتب إسرائيلي: إعلامنا "أعمى" سياسيا أمام معاناة الفلسطينيين
موقع عبري يكشف خبايا زيارة غانتس "الغامضة" لأذربيجان