بدأت
أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، الثلاثاء، في غياب رئيس النظام المصري
عبد الفتاح السيسي، رغم أنها المناسبة الأهم عالميا والتي طالما شارك فيها منذ العام
2014.
الغياب
المثير عن الأمم المتحدة هذا العام، استبدله السيسي، بمشاركة وزيرة التعاون الدولي
المصرية رانيا المشاط، ووزير الخارجية سامح شكري، في أعمال التجمع العالمي المستمر
لمدة أسبوع ويجمع نحو 150 رئيس دولة وحكومة.
"خسارة
للسيسي"
وهو
الأمر الذي يمثل خسارة كبيرة للسيسي، الذي يعيش أزمة اقتصادية ومالية حادة دفعت مؤشرات
اقتصادية دولية إلى التحذير من إفلاس مصر، فيما كان لقاؤه قادة العالم في الأمم المتحدة
فرصة لكسب بعض التسهيلات المالية أو الاستثمارات، بحسب مراقبين.
ووفق
صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 13 أيلول/ سبتمبر الجاري، فإنه كان مقررا
لقاء السيسي ورئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، وذلك
في الوقت الذي أشارت فيه إلى أوضاع مصر السيئة، وتصاعد مخاوف إسرائيل على نظام السيسي.
ويأتي
غياب السيسي، في الوقت الذي يتحضر فيه لقمة المناخ العالمية (كوب 27) في تشرين الثاني/
نوفمبر المقبل، بمدينة شرم الشيخ، وهو الملف الذي لاقى اهتمام المتحدثين خلال كلمات
القادة والزعماء والأمين العام للأمم المتحدة، في نيويورك، الثلاثاء.
وتتزامن
اجتماعات الأمم المتحدة في غياب السيسي، مع حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء،
عن مصر وتأكيده أنها من أهم شركاء روسيا، وأنه على تواصل دائم مع السيسي، وذلك في وقت
تشهد فيه علاقات موسكو وواشنطن تأزما بفعل الحرب في أوكرانيا.
كما
تأتي تلك الاجتماعات في ظل توتر في العلاقات بين القاهرة وواشنطن، التي قررت رسميا
حجب 130 مليون دولار من قيمة المعونة السنوية لمصر، الجمعة الماضية، على خلفية ملف
مصر الحقوقي، الذي يبدو أنه أعاد فرض عزلة دولية على السيسي مجددا.
المثير
أيضا أن السيسي الذي يُعرف عنه حرصه الدائم على السفر للخارج، غاب أيضا الاثنين الماضي،
عن مناسبة تاريخية لا تتكرر كثيرا وهي توديع جثمان ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية،
رغم حضور عدد من قادة ورؤساء وملوك الدول العربية.
"17
زيارة في العام"
وخلال
8 أعوام، قام السيسي بـ138 زيارة خارجية إلى 50 دولة، فيما زار أمريكا 8 مرات 6 زيارات
منها لمدينة نيويورك للمشاركة بالاجتماعات الدورية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وزيارتان
للعاصمة الأمريكية واشنطن.
وذلك
وفق إحصاء كتاب "الزيارات الخارجية واللقاءات الدولية..." للسيسي، الصادر
عن الهيئة العامة للاستعلامات، حيث أكد الكتاب أن السيسي قام بـ41 زيارة للدول العربية،
و40 للقارة الأوروبية، و30 لقارة أفريقيا، و19 لآسيا، و8 للولايات المتحدة، في 8 سنوات.
ما يعني
أنه قام بمعدل نحو 17.25 زيارة خارجية في العام الواحد، و1.4 زيارة خارجية في الشهر
الواحد، ما يؤكد نهمه ورغبته الدائمة للسفر لكل قارات العالم، ما يدعو للتساؤل:
"لماذا غاب السيسي عن أعمال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة رغم سابق
حضوره جميع الدورات السابقة؟".
وفي
رؤيته قال السياسي المصري والقيادي بـ"حزب الحرية والعدالة" محمد سودان:
"هناك أسباب عدة لعدم حضور السيسي المناسبتين، وهو المعروف بالمشاركة بأي جمع
ومناسبة دولية، لتأكيد شرعيته وحبه للقطة والظهور بين ظهراني زعماء العالم، حتى لو
بصفوف خلفية".
مسؤول
العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة"، وفي حديثه لـ"عربي21"،
أكد أن "السيسي، الآن بورطة شديدة نظرا للمشاكل الاقتصادية التي أوقع فيها البلاد،
وكثرة استجدائه الخليج لمساعدته؛ لكنه على ما يبدو أنه يعود خاوي الوفاض".
ولفت
إلى أن هذا "اضطره إلى اللجوء لبعض دول الغرب للضغط على صندوق النقد الدولي لمنحه
المزيد من القروض؛ ولكن لم يتمكن حتى الآن من الحصول على ما يريد، ما اضطره الآن للتفريط
بأصول البلاد، وهذا نذير سوء يضع مصر بمكانة اقتصادية متدنية".
وقال
إنه "وبناء على هذا الوضع المتأزم يصبح وجه السيسي قبيحا حيث شاع صيته بالمتسول
وغير القادر على سداد ديونه، مع رفض دول غربية مساعدته رغم وساطة الكيان الصهيوني،
فإن وجود هذا المتسول بين عظماء العالم يسبب له حرجا".
اقرأ أيضا: انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وأجواء ساخطة
وعن
عدم حضور السيسي لحظات وداع ودفن الملكة إليزابيث الثانية، أضاف سودان، أن "بريطانيا
تحتضن العديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وانتقل إليها مؤخرا الكثير من الإعلاميين
المعارضين له، من قطر وتركيا، وتستخدم العديد من الفضائيات والصحف المعارضة لندن مقرا
لها".
وألمح
أيضا إلى "تكرار طلب رئاسة الوزراء البريطانية الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح،
دون استجابة من السيسي، وبالتالي فقد آثر السلامة ولم يحضر جنازة الملكة".
أما
الحدث الأهم، وهو حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، اللقاء الذي يحرص عليه السيسي
منذ استيلائه على السلطة، فيعتقد السياسي المصري أن السبب واضح وهو "العلاقة
المتوترة ظاهريا بينه وبين الرئيس الأمريكي جو بايدن".
وأشار
إلى أزمات أدت لهذا التوتر، بينها "ملفات انتهاك حقوق الإنسان، وكذلك مساندة روسيا
في حربها على أوكرانيا، وأيضا حجب الكونجرس الأمريكي 130 مليون دولار عن مصر من المساعدات
السنوية".
"بالإضافة
إلى رفض بايدن، مقابلة السيسي، رغم ضغوط الكيان الصهيوني، واللوبي الصهيوني بالولايات
المتحدة، والذي على ما يبدو أنه لم يجد نفعا، بالإضافة إلى تخوف السيسي من أي خلل أمني".
ولفت
إلى أنه "يتمتع بكره شديد في أوساط معارضيه بالولايات المتحدة، وهو الأمر الواضح
عبر ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي هناك بشكل شبه يومي من فضائح سياسية واقتصادية
ومالية وفساد حكومي يصعب ستره أمام الإعلام العالمي".
"تخل أمريكي"
الخبير
في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبو الخير، لفت إلى أن غياب السيسي
عن الحضور إلى نيويورك، يأتي بعد "5 أيام من تعليق الإدارة الأمريكية 130 مليون
دولار من المعونات السنوية لمصر".
"وذلك
بالتزامن أيضا مع هجوم من أعضاء بالكونجرس الأمريكي على النظام المصري، بشأن ملفه في
حقوق الإنسان، وعدم استجابة السيسي، للمطالب الأمريكية بالإفراج عن بعض المعتقلين".
الخبير
المصري، تحدث لـ"عربي21" عن احتمال الدواعي الأمنية كسبب لغياب السيسي عن
اجتماع نيويورك، لافتا إلى "مطالبات واشنطن من الوفود بتقليل أعداد الحراسة"،
وملمحا إلى تعارض هذا مع "خوف السيسي، من استقبال المعارضة وهتافها ضده وبعض مرافقيه".
ويعتقد
أن هناك "تخليا أمريكيا ولو صوريا عن السيسي، بسبب سوء سمعة النظام بالمجتمع الدولي
وخاصة بملف حقوق الإنسان، رغم أنها شاركت في دعم انقلاب 2013، وتواصل دعمه حتى
الآن".
وألمح
إلى أن أمريكا تقرأ "الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تضغط على النظام، وشروط صندوق
النقد الدولي بتعويم الجنيه، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وأن هذا قد ينتج عنه اضطرابات
داخلية، وأن الوضع كارثي وبات ينذر بخطر داهم".
في ظل تعنت طرفي مفاوضات فيينا.. هل تفشل محاولة الاتفاق؟
حكومة السيسي تتراجع عن أسعار تذاكر القطار الكهربائي الجديد
على غرار مجمع التحرير.. هل ينهي السيسي مسيرة "ماسبيرو"؟