لم تتوقف المقاومة والكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال عند حدود الاشتباك المباشر؛ فثمة أشكال متعددة للنضال الفلسطيني كانت أقوى من الرصاص، ومن بينها القلم والإعلام المرئي والمسموع والمقروء الذي يشكل جبهة السلطة الرابعة، للتصدي لسياسات المحتل التي تسعى على مدار الساعة إلى تغييب الحقيقة وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية العصية عن الذوبان؛ وفي هذا السياق نستحضر سيرة الإعلاميين الفلسطينيين؛ أحمد الشيخ وعارف حجاوي اللذين يجمعهما الصوت المميز، والدفاع عن قضية عادلة لشعب سينتصر.
أحمد الشيخ
ولد الإعلامي الفلسطيني أحمد الشيخ في 20 تموز (يوليو) 1949 في جمّاعيل، وهي على بعد 14 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من مدينة نابلس. تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة جماعيل.. ثم انتقل إلى ثانوية بلدة سلفيت القريبة وتخرج منها عام 1968 بعد سنة من اكتمال احتلال فلسطين عام 1967.
حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من الجامعة الأردنية عام 1972. عمل مدرسا للغة الإنجليزية في العاصمة الأردنية عمان لثلاث سنوات.. ثم بدأ رحلة اغتراب مستمرة منذ الثاني من أيلول (سبتمبر) عام 1975 حين انتقل إلى الكويت. وظل مدرسا حتى 1980 حيث تفرغ للعمل بالصحافة في الكويت ثم في بريطانيا في هيئة الإذاعة البريطانية وقطر بقناة الجزيرة قبل أن تصبح شبكة واسعة، حيث تولى مواقع مختلفة أبرزها مستشار رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية.
أحمد الشيخ.. إعلامي فلسطيني
تفرغ عام 1980 كليا للعمل في الصحافة بالكويت، وقد كان يخوض غمارها غير متفرغ أثناء التدريس. تدرج في عمله الصحفي من محرر في الصحافة المطبوعة إلى مدير تحرير لمجلة البراق الكويتية المتخصصة في شؤون الطيران، إلى جانب عمله مساء في صحيفتي القبس والأنباء الكويتيتين بدءا من عام 1977.
وبدأ العمل في الصحافة التلفزيونية في تلفزيون الكويت عام 1976 وظل فيها حتى عام 1990 حين احتلال العراق الكويت، ثم عاد مع أفراد أسرته إلى حيث بدأ في فلسطين والأردن. التحق بالتلفزيون العربي لهيئة الاذاعة البريطانية عام 1994 محررا أول إلى أن أقفل عام 1996.. وفتحت الجزيرة أبوابها وانضم إليها منتجا ثم أصبح مدير تحرير مناوبا.
ومما يسعده ذكره دائما أن صوته كان أول صوت ينطلق من استوديوهات قناة الجزيرة إلى الأثير في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1996 حين قرأ الآية القرآنية "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي".. وقدم أول برنامج حواري وهو برنامج "الشريعة والحياة".
واصل عمله في الوثائقيات وأنتج وأخرج العديد منها ضمن برنامج "الشاهد". تولى رئاسة تحرير موقع الجزيرة نت لدى انطلاقه عام 2000، ثم إطلاق وإدارة تحرير موقع الجزيرة نت باللغة الإنجليزية.. وكان إلى جانب ذلك يقدم برنامج "مراسلون".
أصبح رئيسا للتحرير بقناة الجزيرة العربية عام 2004 وظل في المنصب حتى تشرين الأول (أكتوبر) 2010.. تولى بعد ذلك منصب مستشار لرئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية ويخرج وينتج في الوقت نفسه برنامج "الشاهد" الوثائقي. ويساهم بمقالات حول القضية الفلسطينية في صحف عربية.
عارف حجاوي
ولد عارف حجاوي في 19 فبراير 1956 في نابلس؛ وهو كاتبٌ فلسطيني عمل في مهنتي التعليم والإعلام ومُعظم كتبه في هذين المجالين. تلقى حجاوي تعليمه المدرسي في المدارس الحكومية، وكما يذكر في سيرته الإعلامية حياتي في الإعلام فقد نال التعليم الحقيقي من مطالعاته. وفي عدة مقالات ذكر المدارس بشكل سلبي بوصفها لا تعلم الطالب، بل تعيقه عن التعلم.
ونال شهادة البكالوريوس بضغط من الأهل، وبعد مجاهدة دامت نحو عشر سنين، تخللتها دراسة التاريخ لثلاث سنوات في ألمانيا لم تكلّل بالنجاح. عمل في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية عشر سنوات، كان في الأربع الأخيرة منها مديراً للبرامج. في عام 1998، انتقل إلى العمل مديراً للتدريب الإذاعي في معهد الإعلام بجامعة بيرزيت ثم مديراً للمعهد، على مدى سبع سنوات. وعمل في قناة الجزيرة منذ مطلع عام 2006، فكان مديراً للبرامج ست سنوات، ثم مديراً للمعايير التحريرية بقطاع ضبط الجودة حتى عام 2017.
عارف حجاوي.. إعلامي فلسطيني
وقد قضى في الشباب الباكر ثلاث سنوات في التعليم المدرسي، وعمل رئيساً للتحرير في صحيفة الحياة الجديدة.. الصحيفة الرسمية للسلطة الفلسطينية ستة أشهر في عام 2012، قبل العودة إلى شبكة الجزيرة. يؤمن عارف حجاوي باللغة العربية بوصفها الوسيلة الوحيدة للنهوض المعرفي والعلمي والاقتصادي للدول العربية، ويظهر هذا جلياً في كتابه اللغة العالية، ويرفض إدخال الحرف اللاتيني ضمن أي من كتاباته، ويوجه إليه النقد لأنه يرى أنه لا مستقبل للإعراب وتشكيل الكلمات في اللغة العربية. وينتقد فيما كتب من قصص وأحاديث إذاعية بِتَغَلُّبِ نزعة العبثية، وبازدواجية نظرته إلى التراث حيث يُعلي من شأنه حيناً، ويعتبره ثقلاً مُعطلِّاً للنهوض حيناً.
من أعماله ومؤلفاته؛ قواعد اللغة العربية (دار شروق ـ الأردن 2001)؛ المسألة الفلسطينية (نشر ذاتي/ فلسطين 2003)؛ الكتابة للراديو (معهد الإعلام بجامعة بيرزيت/ فلسطين 2004)؛ زبدة النحو (معهد الإعلام بجامعة بيرزيت/ فلسطين 2004)؛ عزيزي المستمع (معهد الإعلام بجامعة بيرزيت/ فلسطين 2014)؛ بارقة أمل (لجنة المرأة ـ فلسطين 2005)؛ موجز النحو (قناة الجزيرة ـ قطر 2006)؛ شاعر الألف سنة: أحمد شوقي (الشروق ـ مصر 2007)؛ عصارة المتنبي (دار الشروق ـ مصر 2009)؛ حرية الإعلام في فلسطين / مترجم عن الألمانية (معهد الإعلام بجامعة بيرزيت / فلسطين 2001)؛ المراسل التلفزيوني / مترجم عن الإنجليزية (معهد الإعلام بجامعة بيرزيت/ فلسطين 2002)؛ مفاوضات أوسلو / مترجم عن الإنجليزية (مؤسسة الدراسات الفلسطينية/ القدس ـ بيروت 2014)؛ غلط غلط: 268 حديثاً إذاعياً، تم بثها من راديو أجيال، فلسطين (الناشر: راديو أجيال 2014)؛ اللغة العالية، العربية الصحيحة للمذيع والمراسل والصحفي، (قطاع ضبط الجودة بشبكة الجزيرة 2014)؛حياتي في الإعلام (مركز الدراسات في شبكة الجزيرة، 2015)؛سلسلة "الزبدة"، أنطولوجيا الشعر العربي في خمسة أجزاء، صدرت الثلاثة الأولى (دار المشرق ـ مصر 2016).
أما برامجه الإعلامية فكانت على النحو التالي: دراسات في الإدب الإنجليزي ـ 21 حلقة من التحليل والدراما، بي بي سي (إذاعة)؛ بيت من الشعر ـ 50 حلقة في تذوق الشعر العربي، بي بي سي (إذاعة)؛ أوزان القصيد 29 حلقة في عروض الشعر العربي، بي بي سي (إذاعة)؛ دائرة المعارف، 30 حلقة في المعارف العلمية، بي بي سي (إذاعة)؛ البرامج الإخبارية، ضمن العمل مشرفاً تحريرياً في بي بي سي (إذاعة)؛ بخيره وبشره: هؤلاء صنعوا القرن العشرين، طريق المحبة بنابلس (إذاعة)؛ همس وضوضاء ـ رحلة في الموسيقى الكلاسيكية، 54 حلقة ـ إذاعة أجيال (إذاعة)؛قال الشاعر، 253 حلقة، قناة الجزيرة (تلفزيون)؛ غلط غلط، 268 حلقة، إذاعة أجيال (إذاعة)؛سهل صعب مستحيل، 25 حلقة، إذاعة أجيال (إذاعة)؛فاكهة الأسماع، 20 حلقة إذاعة إجيال (إذاعة)؛سياسة سياسة، 15 حلقة، تلفزيون القدس التربوي (تلفزيون)؛ بارقة أمل، 20 حلقة، إذاعة أجيال (إذاعة)؛النفس المطمئنة، 20 حلقة، إذاعة أجيال (إذاعة)، إضافة إلى حلقات كثيرة؛ وقدمّ 52 حلقة لقناة الجزيرة؛ ويقدم في الآونة الأخيرة برنامج سيداتي سادتي، على قناة التلفزيون العربي، وهوبرنامج يشد المتابع خاصة الولهان بلغتنا العربية الجميلة.
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
باقة الغربية.. تاريخ من المقاومة ضد الانتداب
راشد حسين.. عاش لفلسطين ومات فجأة بشبهة اغتيال!
فن الكاريكاتير الفلسطيني.. تثبيت للهوية عبر الصورة