مع كل صيحة تدعو للتطبيع مع عصابات
الأسد المدعومة من
المحتلين الروسي والإيراني، تواجه المطبعين صدماتٌ جديدة أقوى من سابقاتها، كحال
ارتدادات الزلازل التي تكون في الغالب أقوى من الزلازل ذاتها. ومع النشاط المحموم
الذي بذلته الجزائر الرسمية من أجل
دعوة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، وهو
الجهد الذي فشل في تسويقه وتعويمه من قبل وزير خارجية الاحتلال الروسي لافروف،
وكذلك نظراؤه الإيرانيون، أطلَّ علينا الإعلام بكشف جديد، وهو مسالخ جديدة لنظام
الأسد، شبيهة بتلك التي كشفها قيصر قبل سنوات، التي كانت وجبتها الآلاف من
المعتقلين السوريين المغيبين، لتفاجئنا الأمم المتحدة أخيراً بنسيانهم، دون أن
ترشدنا إلى مصيرهم، أو إلى قبورهم على الأقل!!
الصور الجديدة سرّبتها صحيفة زمان الوصل لمعتقلين
سوريين في مسلخ سجن حلب المركزي، حصلت عليها من ضابط صف عمل في السجن نفسه مصوراً
للجثث، وأطلقت عليه اسم "أبو أحمد"، محتفظة باسمه الحقيقي لظروف مفهومة. أبو أحمد
غدا اسمه اليوم "قيصر الجديد" بعد تسريبات قيصر القديم أكثر من خمسين
ألف صورة لآلاف المعتقلين السوريين الذين قتلوا.. سمل عيون، وجدع أنوف، وتمثيل
بجثثهم! ولكن ذلك كله لم يحرك شعرة في جسد عالم ميت، سوى تحريك أرجل البعض باتجاه
التطبيع مع عصابة من القتلة، لم يسبق للتاريخ أن شهد فظاعات مثلها.
الصور الجديدة سرّبتها صحيفة زمان الوصل لمعتقلين سوريين في مسلخ سجن حلب المركزي، حصلت عليها من ضابط صف عمل في السجن نفسه مصوراً للجثث
فترة الجريمة لسجن حلب المركزي، وهي قصتنا اليوم، كانت
بين 2013 و2014، حين كان أبو أحمد برتبة مساعد في السجن، وتمكن خلال فترة عمله من
توثيق ذلك كله بالصور. فوثق 400 شخصٍ توفوا نتيجة مضاعفات الجوع والأمراض، بينما
تحدث عن توثيقه لأكثر من 800 مدني قضوا تحت التعذيب الرهيب.
وقال أبو أحمد للصحيفة إن ما شاهده داخل السجن يفوق
التصور، وإن التوثيق كان مطلوباً حتى من القيادة العليا، فكان يجري توثيق الوفاة
على هوى الضابط المعني، إما أن يكتب رصاصة طائشة، أو أن القتل كان بقصف
للإرهابيين. وذكر أبو أحمد أن ضباطاً علويين، بينهم أيهم خضور، هم ممن يقومون
بالتعذيب، حيث كانت الأغلبية من العلويين، وكان أيهم يمارس هواياته في تعذيب
المعتقلين وقتلهم وسحلهم.
وتكشف الصور التي نشرتها الصحيفة لبعض الجثث، حجم
التعذيب الذي ناله المعتقلون قبل وفاتهم.
أما الصدمة الثانية التي تتواصل ارتداداتها، فهي تفشي
ظاهرة
تجارة الكبتاغون، والهدف لم يعد الدول المجاورة، بقدر ما هو دول الخليج، مما
دفع محطة "سي إن إن" لإعداد
تحقيق مطول، تكشف فيه عن تحول الرياض عاصمة
المملكة العربية السعودية إلى عاصمة المخدرات في المنطقة. وكل ذلك بفضل إغراق
النظام السوري والمليشيات الإيرانية، كحزب الله وآخرين، المنطقة الخليجية بحبوب
الكبتاغون. وقد كشفت مصادر أردنية أخيراً عن تحوّل خطر الكبتاغون المستهدف للأردن
إلى خطر استراتيجي، وأن المتهم فيه غدا أكبر من النظام السوري، حيث إن إيران هي من
تقف خلفه، في سياسة إقليمية ممنهجة لضرب البنية المجتمعية الأردنية والخليجية.
تفشي ظاهرة تجارة الكبتاغون، والهدف لم يعد الدول المجاورة، بقدر ما هو دول الخليج، مما دفع محطة "سي إن إن" لإعداد تحقيق مطول، تكشف فيه عن تحول الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية إلى عاصمة المخدرات في المنطقة
في عام 2018 تحدث صحافيون أفغان للكاتب، كيف أنهم
دُعوا إلى مبنى وزارة الداخلية الأفغانية لمؤتمر صحافي، أداره مدير مكافحة
المخدرات الأفغانية في الوزارة، وكشف لهم حينها أن جارتهم -ويقصد إيران- تسعى إلى
استنساخ تجربة زراعة المخدرات الأفغانية في العراق وسوريا، وعلى الحدود مع الأردن
والسعودية، الأمر الذي يؤكد أن الاستراتيجية الإيرانية اليوم، بعد تصدير المليشيات
الطائفية، إنما تكمن في تصدير المنتوج الحشيشي، وذلك لتفريغ المجتمعات العربية من
أي مقاومة لمليشياتها الطائفية في المستقبل.
ويعتقد كثير من الخبراء في أفغانستان أن سياسة
المخدرات الأفغانية تقف خلفها إيران، إذ إن عدد المدمنين على المخدرات هناك بلغ
خمسة ملايين شخص، وينفق كل مدمن يومياً ما لا يقل عن ثلاثة دولارات على هذا
الإدمان، وكانت تجارة المخدرات قد ازدهرت مع الاحتلال الأمريكي لأفغانستان خلال
العقدين الماضيين، بعد أن شهدت الأمم المتحدة بخلوّ أفغانستان تماماً من المخدرات
في فترة حكم طالبان الأولى، واليوم أعلنت الحكومة الأفغانية الجديدة عن وقف زراعة
المخدرات، وإحلال زراعة القمح والزعفران.
التطبيع مع العصابة الأسدية خنجر مسموم بظهر الداعي
للتطبيع، قبل أن يكون في ظهر الشعب السوري الرافض لذلك، على الرغم من كل الجراح
التي أثقلته خلال الأعوام الاثني عشر الماضية، بينما كل الدراسات والمؤشرات تؤكد
على أن العالم كله -وليس المنطقة العربية فحسب- في حالة سيولة، والعاقل والحكيم هو
الذي يتوقف عن اتخاذ أي قرار، فضلاً أن يكون مصيرياً في مثل هذه الحالات السائلة.