أبو عاقلة حكاية من "حكايا الروح".. في معرض "دراما بلا حدود"
عربي21- بثينة عبد العزيز غريبي06-Sep-2201:09 PM
شارك
شيرين ابو عاقلة
تقفز
إلى ذهني المقولة الشهيرة لبابلو بيكاسو وأنا أقف أمام لوحة تشكيلية تنقلنا إلى عالم
الصحفية المناضلة شيرين أبو عاقلة والتي اغتيلت بـ 11 من شهر أيار/ مايو 2022. جاء
في هذه المقولة التالي: "بعض الرسامين يحولون الشمس إلى بقعة صفراء. والبعض الآخر
يحولون البقعة الصفراء إلى شمس".
فرغم
البقع الصفراء التي تطبع الوجود البشري فإنّ بعض الفنانين يحولونها إلى منافذ لمزيد
النضال من أجل الحرّية. فالاغتيال ينهي حياة جسد ولكن الروح تظل قصة تشبث بالقضية مبثوثة
داخل كل فرد آمن بالمعركة الفكريّة والثقافية من أجلها.
هذه
الفكرة الرئيسية التي يدور حولها المعرض السنوي لمعهد "دراما بلا حدود" الذي
انتظم في ألمانيا طيلة الشهر الماضي.
"معاً
من أجل مستقبل أفضل للإنسانية" كان شعار المعرض الذي حمل اسم شهيدة الكلمة الحرة،
الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بهدف إحياء قضيتها العادلة، عالميًا.
وتمّ
ذلك بحضور شخصيات ثقافية ودينية وسياسية مؤثرة بالمجتمع البافاري الألماني. وبحضور فرع
فلسطين المحتلة لمعهد "دراما بلا حدود" الدولي، والذي قدم المطرزات المختلفة،
وهي من إنتاج المبدعات الفلسطينيات، دفاعًا عن التراث الفلسطيني وعراقته.
شكّلت
المعروضات حكايا واقعية تحمل رمزية نضالية وتؤرخ لتجارب إنسانية تدافع عن الحرية والانعتاق
والكرامة الإنسانية من خلال 52 لوحة للرسامة السورية المقيمة بألمانيا دلال مقاري والتي
تم تكريمها من طرف الدكتورة سيما تسالي شتول العضو الاستشاري في مجلس المدينة واصفة
إيّاها بالمبدعة الحرّة. علما بأن دلال مقاري بصفتها المشرفة أيضا على معهد الدراما،
فهي ناشطة إنسانيا ومؤسسة لخلايا ومجموعات تقيم أنشطة فنية وثقافية في أكثر من دولة
عربية وأوروبية.
وفي
تصريح لـ"عربي21"، أكدت الدكتورة دلال مقاري: "كان لزاما أن تكون الدورة
الحالية التي تتزامن مع الاحتفال بالذكرى التاسعة عشر لتأسيس المعهد، وكان لزاما أن
تكون مهداة لروح شهيدة الكلمة الحرة شيرين أبو عاقلة".
وأوضحت
قائلة: "إلزاما لأنّه لا وجود لخيار آخر غير التعبير فنيا وثقافيا عن تضامننا
مع القضية الفلسطينية، ولم يكن ذلك ليتمّ دون التذكير بمسيرة الصحفية التي لم تتردد
للحظة في إيصال أصوات الأبرياء والدفاع عنهم وكانت دائما حاضرة بفكرها وقلمها. وكانت
حربية في شخصيتها تدافع بكل أمل وتشبث عن قضيتها وقضيتنا جميعا."
وقالت
دلال مقاري: "إنّنا كمؤسّسة هدفها الأساسي الدفاع النوعي عن حقوق الإنسان من خلال
الفنون لن نتراجع عن دعمنا لهذه القضية الإنسانية".
وحول
دور الفنون والثقافة في الدفاع عن القضية، قالت مقاري: "إنّ الفنون والثقافة وكلّ
مساحة إبداعية حرة وجدت لتحاكي الإنسان في عمقه وفي أهدافه الإنسانيّة، وأيّ نشاط فني
أو ثقافي بالضرورة ستكون له نتائج إيجابية على الفرد وعلى البيئة التي ينتمي لها سواء
على المدى القريب أو البعيد. فالثقافة هي النشاط الإنساني الخالص الذي يخلصنا من وحشيّة
ما نراه وما نعيشه في يومياتنا ويدفعنا إلى التفكير في مقترحات رمزيّة جديدة لحياة
نوعية ومغايرة عما يدور حولنا من قتل وانتهاك للحقوق".
وحول
مدى تضامن الفنان والمثقف العربي مع القضية الفلسطينية، لم تتردد مديرة معهد "دراما
بلا حدود" في التأكيد على وجود مبادرات مشرفة جدا لبعض الفنانين والمثقفين سواء
من خلال ما يقدمونه من إنتاجات أو من خلال مواقف في المقابلات الإعلامية والتي من شأنها
أن يكون لها الأثر الإيجابي على أي فلسطيني حين يستشعر الدعم المتواصل من مختلف الجنسيات
وعلى كلّ شبر من الأرض.
وانتهت
مقاري إلى التأكيد أن "معاً من أجل مستقبل أفضل للإنسانية" هو شعار المعرض
الذي أهدي لروح شهيدة الكلمة الحرة وشهيدة الإعلام والقضية الفلسطينيّة شيرين أبو عاقلة،
ليدفع بالجمهور إلى النظر جديًا، باتجاه المسؤوليات الاجتماعية والإنسانية، والسعي
باتجاه العمل المشترك من أجل تحقيق المستقبل الأفضل.
ولم
يقتصر المعرض على اللوحات والمعروضات وإنّما تم تدعيم ذلك بأنشطة ثقافية وفنية متنوعة.
فقدّمت قراءات شعرية بالعربية والألمانية بقراءات مشتركة بين الشاعرة مقاري والدكتور
ولفغانغ شميدت. بالإضافة إلى مقطوعات موسيقية تفجّرت تملأ الروح بالحياة كقطع من سماء.
جدير
بالذكر أنّ معهد "الدراما بلا حدود" مبادرة عالمية لتأسيس قيم إنسانية عبر
الفنون بمشاركة مجموعة من الأكاديميين العرب والأوروبيين، الذين يجتمعون حول هدف البناء
والنهضة البشرية، عبر فنون الدراما، لما فيها من أثر على روح الفرد في تحفيزه ودفعه
إلى التغيير. ويوجد فروع للمعهد في كلّ الدول العربيّة وبعضها أيضا في الدول الأوروبية.
وتقوم أنشطته على استخدام الفنون لتغيير سلوك الإنسان وتنمية ثقافته ومهاراته وكذلك
تدريبه وتنمية مهاراته التواصليّة الاجتماعية والاشتغال على القضايا العادلة وحقوق
الإنسان.