رغم ما تتصدره عناوين الصحافة المحلية والدولية، من جهود دولية وأممية لحل الأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات، فإن الدور الدولي عامة والغربي خاصة بات يشكل عائقا أمام وصول الفرقاء الليبيين لحل سياسي يرضي الجميع.
وتتركز خيمة الجهود الدولية-الأممية على عماد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق قاعدة دستورية، مختلف على أسسها، إضافة لتوحيد مؤسسات الدولة، في سعي متواصل لإبعاد "الديناصورات السياسية"، وفق وصف سابق للمستشارة الأممية الخاصة، ستيفاني وليامز.
وطرح الموقف الدولي وخاصة الغربي تساؤلات عدة حول جدواه في ظل استمرار الأزمة السياسية، فيما يعتقد مسؤولون ومحللون أن "التدخل الغربي" عمّق الأزمة وزادها تأزيما.
وقالت عضو الهيئة صياغة الدستور نادية عمران، في تصريح لـ"عربي21"، إن المجتمع الدولي كان له دور كبير في تعميق الأزمة في ليبيا منذ 2011."
ورأت عمران أن الدور السلبي لازال قائما خاصة من الدول المتنفذة في ليبيا وفي بعثة الأمم المتحدة والتي تحاول إدارة الأزمة، وفقا لمصالحها وليس وفقا لمصلحة الشعب الليبي، وفق تعبيرها.
بدورها، أكدت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي،في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن الاختلاف بين دول بالمجتمع الدولي ادى الى تأزيم الوضع.
وفي إجابتها عن سؤال "عربي21" حول عدم وجود توافق بين الدول الغربية المؤثرة، قالت الحامي إن ذلك ساهم في إطالة الأزمة لأن الأطراف الداخلية منقسمة حسب من يدعمها، وفق قولها.
من جانبه، الكاتب الصحفي عبد الله الكبير لـ"عربي21": "إذا قيمنا الدور الدولي بالأدوار التي لعبتها كل دولة فلا شك أن أغلب هذه الأدوار سلبية وساهمت في زيادة التأزيم. مع استثناءات محدودة. فالخلاف الغربي الروسي عطل تكليف مبعوث أممي جديد خلفا للمبعوث السابق المستقيل يان كوبيش. ونفس هذا الخلاف في مجلس الأمن يحول بين المجلس وإصدار قرارات حاسمة.
وتحاول الولايات المتحدة، عبر دعم خطط الأمم المتحدة في ليبيا، الوصول إلى اتفاق واضح للأطراف الليبية يفضي لإرساء مجالس تشريعية ونظام للدولة.
تناحر الكريملين والبيت الأبيض
ورأت الحامي أن الدور الأمريكي مهم جدا دون أدنى شك، مضيفة أنه "خلال السنوات الأولى ومنذ بداية الصراع، لم يعط الأمريكيون الوضع السياسي بليبيا أهمية ولا أولوية، فدورهم كان واضحا من خلال وكلاءهم الايطاليين والأتراك".
واستدركت بالقول إنه "في الفترة الأخيرة تغير الموقف الأمريكي وزاد الإهتمام بالوضع في ليبيا ربما بسبب الوجود الروسي، والأزمة الروسية الأوكرانية التي سببت أزمة في النفط، حيث يرون في إنتاج النفط الليبي رغم قلته له تأثير بإعتبار أن الروس سيستخدمونه كاسلاح ضد الغرب".
وفي حديثها لـ"عربي21"، اعتبرت السياسية الليبية أن التواجد الروسي بليبيا يعتبر خطرا لدى الأمريكان وهذا أمر مهم لفهم المستوى الذي بلغته الأزمة، على حد تعبيرها.
من جانبها، رأت عضو هيئة صياغة الدستور نادية عمران أن "الدور الأمريكي منذ سنوات ضعيف جدا، حيث أنه يحاول إدارة الأزمة بواسطة دول أخرى".
وتابعت لـ"عربي21": "في الأونة الاخيرة تغير الموقف الأمريكى وأصبح هناك اهتمام أكبر خصوصا بعد هيمنة الوجود الروسي وتنبه واشنطن لخطورة الأوضاع في ليبيا".
وأوضحت بالقول: "تجلى ذلك في وضع ليبيا من ضمن الدول التى تسعى الولايات المتحدة لفرض الاستقرار فيها وصولا الى تضمين ميزانية استقرار ليبيا داخل الميزانية الأمريكية، دون إغفال تحركات السفير الأمريكى ريتشارد نورلاند ولقائه بالعديد من الأطراف المحلية والدولية".
فيما رأى الكبير أن الدور الأمريكي هو دور الوسيط الذي يسعى للتوفيق بين الفرقاء لإنتاج حكومة منتخبة بصلاحيات كاملة تواجه الوجود الروسي، لكن الدبلوماسية الأمريكية لم تكن حازمة في أي يوم أمام العراقيل التي يضعها اللواء خليفة حفتر وحلفاؤه في طريق الحلول السياسية، وفق تعبيره.
مصالح أوروبا تعمق الأزمة
وحول موقف الدول الأوروبية، قالت الحامي إن "الخلافات بين دول مثل فرنسا وإيطاليا وغيرها يمثل اشكالية صلب المجتمع الدولي، فالاختلاف بينهم يؤدي الى تأزيم الوضع حيث يقال إن فرنسا تدعم في الطرف الموجود بالشرق، أما بريطانيا فهي تدعم في الطرف بالمنطقة الغربية، فيما يظل موقف ايطاليا غير واضح".
وعلقت عضو مجلس الدولة بالقول: "من هنا يظهر عدم التوافق الذي يؤدي الى التأزم، أما التوافق بينهم فهو الحل للمساهمة في انهاء الصراع وحل الازمة".
فيما قال الكبير إن بريطانيا تتبع سياسة غامضة في أحيان كثيرة، مضيفا أنه حاليا لديها هدف واضح وهو محاصرة الوجود الروسي لذلك فهي تدعم إجراء الانتخابات وترفض التصعيد والفوضى اللذان سيوفران بيئة مثالية لأنشطة مجموعات مرتزقة فاغنر، على حد تعبيره.
كما اعتبر الكاتب الصحفي الليبي أن فرنسا من أحد أسباب تعميق الأزمة بسبب أجندتها الخاصة مع حفتر وخرقها القرارات الدولية بمنع توريد السلاح إلى ليبيا،وفق تصريحه لـ"عربي21".
وتابع: "من أكبر مصائب ليبيا في السنوات الأخيرة هي السياسية الفرنسية التي قدمت كل أنواع الدعم لكي يستمر حفتر في شن حروبه وجلب المرتزقة إلى ليبيا".
تحذيرات للمجتمع الدولي
وحذرت عمران في حديثها لـ "عربي 21" من أن "استمرار انقسام المجتمع الدولى تجاه ليبيا وتدخلاته ستزيد في تأزيم الوضع"، مضيفة أن المواقف والبيانات الصادرة والاجتماعات بخصوص ليبيا، لم تنبع من فهم عميق لمجريات الأمور على أرض الواقع بل وفق أهواء بعض الدول الاقليمية والدولية ناهيك عن عدم وجود التزام بتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والاجتماعات بخصوص ليبيا، على حد قولها.
فيما رأى الكبير أن المجتمع الدولي سيساهم في حل الأزمة "في حال تحدث بلسان واحد وقيم جيدا مخاطر استمرار الأزمة على الأمن الإقليمي والدولي، دون أن يكون تركيز الدول على مصالحها الخاصة فقط".
هل التوافقات العسكرية بين الغرب والشرق بليبيا قابلة للتطبيق؟
هل يشكل ملف المناصب السيادية أزمة جديدة في ليبيا؟
خاص.. تفاصيل مفاوضات سرية بين ابن أخ الدبيبة ونجل حفتر