نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا، تناولت فيه زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، في رحلته الثانية خارج البلاد بعد الحرب على أوكرانيا.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن كلا من روسيا وإيران تخضعان لعقوبات دولية هائلة وكلاهما يحكمه رجال يتمتعون بسلطات شبه غير محدودة، وينظر كلاهما إلى الغرب على أنه قوة شريرة ومفسدة.
وتتمتع الدولتان بعلاقات وثيقة منذ سنوات عديدة، لكن موسكو كانت مترددة في تشكيل تحالف صريح مع طهران؛ لأنها تخشى الإضرار بصلاتها الاقتصادية المربحة مع الغرب. ومع ذلك، فإن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا تعني أن مثل هذه المخاوف أصبحت الآن غير مهمة إلى حد كبير.
وقال أندريه كورتونوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، الذي يقدم المشورة لوزارة الخارجية: "هذه زيارة مهمة لبوتين شخصيا.. الكرملين لا يريد أن يسمح لنفسه بالعزلة دوليا".
اقرأ أيضا: قمة طهران: مواصلة التعاون للقضاء على "الإرهابيين" بسوريا
حذرت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، من أن إيران تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة لتعزيز قواتها المسلحة في أوكرانيا. وقال البيت الأبيض إن وفدا روسيا زار مطارا بوسط إيران يومي 8 حزيران/ يونيو و5 تموز/ يوليو؛ لفحص الطائرات المسيرة المعنية.
ووصفت صحيفة جافان، المرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي القوي، قدرات الطائرات المسيرة، قائلة إنها يمكن أن تستخدمها روسيا لتوجيه نيران المدفعية، وتدمير المعدات العسكرية الأوكرانية. واقترحت أن توافق طهران على تسليمها مقابل مساعدة عسكرية غير محددة.
في موسكو، قال خبير عسكري إن القوات المسلحة الروسية سترحب بالطائرات المسيرة لتجديد مواردها وسط الصراع الطاحن في أوكرانيا.
وقال إيليا كرامنيك لصحيفة Vzglyad المؤيدة للكرملين: "حتى لو أخذنا في الاعتبار أن لدينا إنتاجنا الخاص، فإننا بحاجة إلى المزيد من الطائرات المسيرة.. كلما كان لدينا أكثر، كان ذلك أفضل".
وتوفر زيارة بوتين لإيران له فرصة رؤية دولة يخشى الكثيرون من شعبه أن تكون مثالا لشكل الحياة في روسيا في ظل عقوبات غربية صارمة. وأغلقت ما يقرب من 900 شركة غربية عملياتها في روسيا منذ بداية الحرب، وأدى حظر الطيران الدولي إلى عزل البلاد.
ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، وصف العقوبات الاقتصادية بأنها التكلفة الحتمية لما وصفه برفض الخضوع للغرب. وقال لوسائل إعلام إيرانية: "هذا هو الثمن الذي تدفعه بلادنا وإيران مقابل استقلالهما وسيادتهما". وأضاف معيدا صياغة مقولة للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه: "لدينا قول مأثور في روسيا: 'ما لا يقتلنا، يجعلنا أقوى'".
يتم الترويج للزيارة في الداخل على أنها إنشاء ائتلاف جديد مناهض للغرب. وقال يفغيني بوبوف، مذيع التلفزيون الحكومي، إن الدولتين ستشكلان "محور الخير"، إشارة ساخرة إلى وصف الرئيس جورج بوش الابن في عام 2002 لإيران والعراق وكوريا الشمالية بـ"محور الشر".
لطالما روجت الأصوات الموالية لإيران في الشرق الأوسط لفكرة أن "تحالف الاستقرار" -البلدان التي تركز على الاستقرار الداخلي على حساب حقوق الإنسان أو الحريات الشخصية- سيصبح مهيمنا مع انهيار الغرب لا محالة. وسيضم هذا التحالف روسيا وإيران وحلفاء إيران مثل حزب الله في لبنان. وستهيمن عليه الصين، وهو الأمر الذي يقول العديد من هؤلاء الأيديولوجيين إنهم يفضلونه على الهيمنة الأمريكية.
تقدمت إيران مؤخرا بطلب للانضمام إلى مجموعة بريكس التجارية للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. تم تقديم هذه الخطوة في موسكو كدليل على فشل المحاولات الغربية لعزل روسيا، حيث يمثل الأعضاء الحاليون أكثر من 40% من سكان العالم، وحوالي 25% من الاقتصاد العالمي. قال كورتونوف: "إذا تعاونت جميع الدول المعزولة فلن تكون معزولة".
لكن هذا التجمع الجديد لا يخلو من التوترات. يقال إن المتشددين الدينيين في إيران يعارضون الاقتراب الشديد من روسيا، وهي دولة علمانية تزداد فيها قوة الكنيسة الأرثوذكسية. على الجانب الآخر، فإن الطموح الجيوسياسي الرئيسي لإيران، تدمير إسرائيل، لا تشاركه فيه روسيا والصين، بشكل علني على الأقل. والأهم من ذلك، يُعتقد أن إيران تتضرر اقتصاديا بعد أن تخلت الصين والهند عن نفطها لصالح الصادرات الروسية مخفضة الأسعار.
وقال تاجر إيراني لم يذكر اسمه، لصحيفة نيويورك تايمز، إن صادرات إيران إلى آسيا تراجعت إلى ما يقدر بنحو 700 ألف برميل يوميا، وهو نصف حجم الصادرات الذي تعتمد عليه الدولة ميزانيتها السنوية.
ومع ذلك، يمكن أن تكون إيران في وضع يمكنها من سد الفجوة التي خلفها الحظر المفروض على النفط الروسي في السوق الغربية إذا تم تخفيف العقوبات التي فرضها عليها الرئيس ترامب في عام 2018.
أبرز انفصال بوتين الحاسم عن الغرب أوجه تشابه أخرى بين روسيا وإيران، حيث يصور قادتهما بلديهما على أنهما يخوضان صراعا بطوليا لمقاومة الهيمنة الأمريكية.
كتب مايكل يونغ، خبير الشرق الأوسط في مركز أبحاث كارنيغي: "بالنسبة لقادة إيران، فإن النصر لا يتعلق فقط بهزيمة الطرف الآخر، إنه يتعلق بالمثابرة على المسار الأيديولوجي.. الأمر نفسه ينطبق على روسيا في مواجهة عالم غربي أقوى".
تأتي المحادثات في طهران في إطار اجتماعات منتظمة بين روسيا وإيران وتركيا لبحث الحرب في سوريا. ويُعتقد أن تركيا -العضو في الناتو- تسعى للحصول على موافقة، الاثنين، لشن هجوم عسكري جديد في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.
تدعم روسيا وإيران نظام الرئيس الأسد، بينما تدعم تركيا قوات الثوار التي لا تزال تحاول الإطاحة به. حذرت إيران من أن أي حملة عسكرية تركية في سوريا يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة. وقال المحلل الروسي فلاديمير سوتنيكوف لوكالة فرانس برس إن "توقيت هذه القمة ليس صدفة. تريد تركيا إجراء 'عملية خاصة' في سوريا، مثلما تنفذ روسيا 'عملية خاصة' في أوكرانيا".
الكشف عن اعتقال سعودي بأمريكا هدد معارضين بالقتل
نيويوركر: بايدن يرسم مع حكام مستبدين معركة جديدة بالشرق الأوسط
مؤرخ إسرائيلي: بايدن قرّب بين روسيا وإيران وسندفع الثمن