منذ نشأته، حمل المشروع الصهيوني في فلسطين جينات مقتله، كان المؤسسون يعتقدون بإمكانية أقلمة فكرة الشعب والسيادة مع الانحدار من دين محدد، ونسخ بناء التاريخ الأوروبي للدولة ـ الأمة عبر الانتساب الجماعي لليهودية.
يمكن أن نتحدث عن المؤسسين بما نشاء، إلا أنه من الصعب ربطهم بالتدين أو الدين بل حتى الثقافة الدينية التاريخية. في حين أن مجموع ميكانزمات بناء الأسطورة والشعب والدولة، يقوم على تأسيس دولة صهيونية في فلسطين شرطها الأول أن تكون جنسيتها وجنسية سكانها يهودية، الأمر الذي يستلزم بالضرورة، اثننة الدين l’ethnisation de la religion، ما يسميه المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند، اختراع الشعب اليهودي ثم اختراع أرض إسرائيل.
لم يكن هناك أي دور للحاخامات أو الفتاوى أو "العهد القديم" في عملية البناء هذه، بقدر ما جرى تقمص أفكار متأثرة بالقومية الاشتراكية الأوروبية، وبشكل خاص النازية. لذا لا نستغرب أن يصل شلومو ساند إلى جملته التراجيدية عندما يقول: "أنا أتقدم في السن ولا أريد أن تكون الكلمة الأخيرة لأدولف هتلر".
مما لا شك فيه، أن هناك خصوصية صارخة في مشروع بناء وطن قومي لليهود. إلا أن هذه الخصوصية والفرادة، لا تحقق فقط قطيعة مع المشتركات العالمية التي ولدت بعد حربين كونيتين ذهب ضحيتهما عشرات ملايين القتلى، وإنما، كنتيجة منطقية لذلك، صيرورة الحقوق الفلسطينية، قضية عالمية universal.
يتذكر جيلنا جيدا، آخر زفرات رئيس تحرير "الأزمنة الحديثة"، والجهود الجبارة التي بذلها كلود لانزمان، من أجل إثبات فرادة المجازر التي تعرض لها اليهود في أوروبا. ورفض مقارنتها بأية إبادة جماعية في التاريخ والحاضر. وصولا إلى إطلاق تسمية "شوا" Shoah بدل الهولوكوست. تسمية لن ينازعه أحد عليها. ولكن هذه المحاولة التي أخذت 12 عاما من عمر لانزمان، لم تمنع أحد أبناء المخيمات الفلسطينية، وأكثر البحاثة الفلسطينيين نباهة، أن يرد عليه ببساطة المتمرد على دور الضحية، الدكتور محمد حافظ يعقوب: "الذين يتحدثون عن فرادة المحرقة محقون من غير شك، ولكن ليس بالمعنى الذي قد يبادر إلى ذهن بعضهم في الوهلة الأولى.
فلا قداسة لمذبحة دون غيرها، ولا علو لمذبحة على غيرها من المذابح. فالقتل هو القتل، والجثة هي الجثة والمسؤولية هي المسؤولية. وكل موت نبيل (...) إن السمة الوحيدة التي تتشارك فيها هذه المآسي جميعها، وهي سمة مركزية وأساسية، هي أن منظمي كل واحدة منها يريدون، جميعهم من غير استثناء، الاستئار بالبلاد، ويرفضون التشارك فيها مع "الأغيار" .( بيان ضد الأبارتايد 1998)، لذا لم يكن مستغربا في حلقة صداقتنا، أن يقوم لاتزمان نفسه، بإعداد فيلم وثائقي طويل عن "فرادة" Tsahal تساهل، أو الجيش الإسرائيلي بعد عقد من الزمن.
من المثير للسخرية اليوم، حتى عند المؤرخين الصهاينة الجدد، الحديث في أسطورة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". عندما كنت في الثامنة من العمر، كنت أجمع الطوابع، وكان لدي في الألبوم صفحة من طوابع "فلسطين". فمنذ ولادة عصبة الأمم، تمتعت فلسطين بمقومات الشخصية الدولية، لأنها كانت خلال مرحلة "عصبة الأمم" الممثلة الشرعية الدولية في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية تحت الانتداب فئة (أ)، مثلها في ذلك مثل كل من العراق وسوريا ولبنان والأردن. والتكييف القانوني لهذه الطائفة من طوائف الانتداب الثلاث التي أنشـأها عهد عصبة الأمم، أي الأقاليـم التي تخضع للانتداب فئة (أ)، أنهــا بلغت تطورها السياسي المؤهل لها الاستقــلال الكامل، لكنها لا تباشــر اختصاص الدولة بذاتها بل تنــوب عنها في ذلك، الدولة المنتدبة وهي إنجلترا في حالة فلسطين.
لذا ومن قبل وعد بلفور، احتاج المشروع الصهيوني إلى جانب اختراع الأرض والشعب وإحياء لغة مشتركة، إلى عنصر ثالث لا يمكن أن تستوي له الأمور بدونه، هو "العدو المشترك". وكون هذا العدو يشكل في عقلية المؤسسين، العقبة الأولى والأخيرة، لذا فإزاحته عن المشهد، قتله، ترحيله، ترانسفيره إلخ، كان باستمرار هاجسا معلنا أو مبطنا في المشروع الصهيوني. في مقابلة مع مجلة نوفيل اوبسرفاتور الفرنسية، يقول المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، بأن واحدا من أكثر قرارات الدولة الوليدة فظاعة، لم يكن الطرد، "بل ما حدث بعد ذلك من منع الفلسطينيين من العودة". فقد قررت الحكومة الإسرائيلية بعد شهر من إعلان تأسيس الدولة (16 حزيران/يونيو 1948)، أي قبل حوالي ثلاثة أسابيع من احتلال اللد والرملة وطرد سكانهما، منع الفلسطينيين من العودة، هذا القرار الذي حوله الكنيست إلى قانون.
من المثير للسخرية اليوم، حتى عند المؤرخين الصهاينة الجدد، الحديث في أسطورة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
"في إسرائيل، كما يؤكد المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند، "لا يوجد تقريبًا تقاليد عالمية. أولئك الذين تظلموا ذهبوا. يجب تحليل الوضع الحالي من الاستعمار الصهيوني الذي بدأ في القرن التاسع عشر. الاستعمار لم يتوقف. حتى بين عامي 1949 و 1967. كان استعمارًا داخليًا. اليمين واليسار، باستثناء الشيوعيين، قبلوا شعار "تهويد الجليل". لهذا السبب لا يتخذ أي سياسي إسرائيلي خطوات جادة للتسوية مع الفلسطينيين (...) الأسطورة الساخنة في إسرائيل تظهر أن الخليل والقدس وأريحا هي الوطن الحقيقي لليهود. كل طالب في إسرائيل، من سن 7 إلى 18 عامًا (هناك موضوع واحد في البكالوريا)، يتعلم الكتاب المقدس كما يتعلم المرء كتابًا في التاريخ. لإنشاء ارتباط بأرض الماضي الأسطورية. لا أحد يستطيع أن يحرر نفسه منه".
إسرائيل اليوم، هي الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، الجيش الإسرائيلي هو الأكثر تسليحا والأقوى عتادا في المنطقة، تستغل المنظومة-العالمية كل ما سواها مع استثناء واحد، إسرائيل تستغلها بل وتبتزها، كل الدول "الدينية" في العالم تصنف غربيا أقرب إلى/أو داخل ما يسمى "معسكر الشر" باستثناء إسرائيل... كيف والحال كذلك، يمكن تجنب المواجهة بين القيم العالمية المعلنة والخصوصية والفرادة الإسرائيلية؟
قبل تناول الإشكالية المركزية برأينا، أي المواجهة الوجودية المفتوحة بين الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ودولة إسرائيل، سنبدأ من شلومو ساند الذي يطرح السؤال حول ما يسميه الغرب الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط: "دولة إسرائيل: لا يمكن أن تكون ديمقراطية ويهودية في نفس الوقت. هذه سفسطة. قبل أن تكون تعددية وليبرالية، فإن مبدأ الديمقراطية هو شخص واحد، صوت واحد. الدولة ملك للشعب، لجميع المواطنين معًا. دولة إسرائيل، بحكم تعريفها، ليست ديمقراطية إذا عرفت نفسها على أنها يهودية لأن أولئك الذين تعتبرهم وزارة الداخلية كيهود يمثلون 75٪ فقط من السكان".
ثم يضيف: "مكتوب على بطاقة هويتي "الجنسية يهودي". وليس: الدين يهودي، الجنسية يهودي. الدولة ، إذا تم تعريفها على أنها يهودية، ليست دولة 25 بالمئة من مواطنيها غير اليهود. في حين هي دولة Finkielkraut أو Bernard ـ Henri Lévy أو Madoff أو Woody Allen ـ حتى لو لم يرغبوا في ذلك". الفقيد صائب عريقات عدّل جملة شلومو ساند بالقول: "هي دولة الدواعش اليهود، أو ستصبح كذلك عاجلا أو آجلا".
هذه الإسرائيل، تحتل منذ 1967 الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، ويمكن التوثيق لمتابعة السياسة الرسمية الإسرائيلية لهدم القرى والمدن السورية المحتلة بعد وقف إطلاق النار ونزوح عشرات آلاف السوريين.. كذلك التصفية المادية للشعب الفلسطيني داخل وخارج ما يسمى الخط الأخضر: مسح أو تهجير سكان القرى الفلسطينية قسريا، تهويد القدس، نسف المنازل، تهجير السكان، الاستيلاء على الأرض والمياه، تغيير أسماء المواقع، زرع كتل بشرية يهودية هائلة في المستوطنات...
نحن أمام جرائم حرب موصوفة وجرائم ضد الإنسانية، فهل يمكن لمدافع عن حقوق الإنسان والشعوب أن يغلق العين عن موضوعات مثل التهجير القسري للسكان، حق العودة، الاستيطان في أراض محتلة، هدم المنازل وضم الأراضي بالقوة، أن يغلق العين عن القرارات والمواثيق الدولية المتعلقة بالفصل العنصري (الأبارتايد)، القانون الدولي الإنساني والمستعمرات، العقوبات الجماعية بحق مجموعة بشرية محددة، شرعنة الاعتقال والأسر بأحكام استثنائية، نهب الأرض والمياه، بناء جدار فصل عنصري بين السكان، بناء طرق للمستوطنين وهدم طرق للسكان المحليين... وأن يختزل حقوق إنسانه في اعتقال معارض سياسي في روسيا الاتحادية أو هونغ كونغ؟
في ندوة في جنيف حول شبه جزيرة القرم في نيسان/أبريل 2019، قال باحث في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية: "فرضت الدول الغربية عقوبات قاسية على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم التي لم تكن أوكرانية إلا بقرار من أمين عام الحزب الشيوعي الأوكراني الذي صار رئيسا للاتحاد السوفييتي يوما، ومعظم سكانها من الروس والتتار، حسب قراءاتي لتاريخ شرقي المتوسط، لم يقطن هضبة الجولان منذ نشأة اليهودية إلى عام 1967 يهودي واحد، بل حتى بن غوريون لم يفكر باعتبارها جزءا من إسرائيل. الشهر الماضي أصدر الرئيس ترامب، في احتقار للقانون الدولي لا سابق له، إعلانا باعتبار الجولان إسرائيلية. ما هو رد الأمم المتحدة؟ ما هو رد الاتحاد الأوربي؟ ما هو رد الكونغرس الأمريكي؟ هل يتجرأ غربي واحد على معاقبة إسرائيل على ضمها هضبة الجولان السورية؟"، دون طلب التدخل قاطعته: "حبذا لو كنت أمينا وأكملت: ماهو رد الاتحاد الروسي؟ وما هو رد بعض "العرب"؟
قرأت عشرات أطروحات الدكتوراه في الجامعات الغربية حول فكرة "ازدواجية المعايير"، نجد أريحية وقوة في المتابعة والتحليل في قارات الأرض المختلفة، مع استثناء واحد، كلما تعلق الأمر بالإبن المدلل للمعايير المزدوجة: الإسرائيلي.
إن كانت مهمة المثقف والحقوقي كما طالبنا دائما، أن يفضح مختلف أشكال الاستعمار، وأن يناهض كل من يتحدث عن حرب "مقدسة" أو شعب متفوق، وأن يناضل ضد كل أشكال القتل الفيزيائي والمعنوي للبشر والانتهاكات المتزايدة للحقوق الإنسانية والكرامة الإنسانية، هل يمكن أن يقف على الحياد، أو يختار الصمت، حول كل ما يجري في هذه الأرض المقدسة ثلاث مرات؟
يخوض المدافعون عن حقوق الإنسان في أوربة اليوم، معركة ضارية في مواجهة يمين عنصري يرفض التفريق بين الإسلام والإيديولوجيات السياسية الإسلامية، التفريق بين المسلم بالولادة، وبين المطالب بدولة إسلامية.. هل يمكن لمدافع عن دولة يهودية أن يكون جزءا من هذه المعركة؟
منذ ولادة المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة، خضنا في معركة قيام محكمة جنائية دولية باعتبار "مستقبل حقوق الإنسان"، كما أوضحت في كتاب جماعي بهذا العنوان، هو في الانتقال من مجرد التوثيق والشجب إلى المحاسبة. كانت الإدارات الإسرائيلية المتعاقبة عدونا الأكبر في كل المعارك وعلى كل الجبهات... فبعد التقدم الذي حصل في تشريعات أوربية على صعيد الولاية أو الاختصاص الجنائي العالمي universal Jurisdiction كان التدخل الإسرائيلي سببا في فرملة هذا التقدم، في بلجيكا بعد ملاحقة آرييل شارون، وفي النرويج بعد ملاحقة المسؤولين عن العدوان على غزة.
لم يعد بإمكان المدافعين عن حقوق الإنسان إبعاد البوصلة عن القضية الفلسطينية في أجندتهم، وأصبح من الضروري تجاوز الصيغ التقليدية والشمالية لمنظمات حقوق الإنسان، وذلك عبر الربط بين حقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني، وبين ما تم إقراره من مواثيق وما هو ضروري للحؤول دون توظيف لهذه الحقوق سلعة من سلع حقبتنا..
هل كان يخطر على بال ثلاثة أسماء كبيرة في القرن العشرين، متحدرة من عائلات يهودية، تجمعهم الثقافة والجنسية الألمانية وذاكرة "الهولوكوست". ومواقف، أقل ما يقال فيها أنها ليست معادية لدولة إسرائيل: حنا أرندت (1906-1975)، كارل جاسبرز (1883 ـ 1969) وماكس هوركهايمر (1895 ـ 1973). عندما طالبوا بضرورة إدماج الجرائم ضد الإنسانية في التشريعات الوطنية وقيام محكمة جنائية دولية، أن "الدولة اليهودية" ستكون أشد الأعداء لكل البناء الفكري ـ القانوني الذي يدافعون عنه؟
في كل المعارك الكبرى التي خضناها طيلة أربعين عاما من أجل الحقوق الإنسانية، كان الوحش الإسرائيلي جاثما في وجهنا مخافة تسجيل مكسب، أو سابقة، يمكن للفلسطيني أن يطالب بها. حتى اتفاقية مناهضة التعذيب، الوحيدة التي ولدت في رحم المجتمع المدني العالمي ولم يكتب خبراء الدول مسودتها، كان الإسرائيلي يعطي الأمثلة على حالات الضرورة القصوى للتعذيب، وكان الإسرائيلي الوحيد، الذي وظّف طواقم طبية للالتفاف عليها.
في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2021 ، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارا بتصنيف ست مؤسسات حقوق إنسان ومجتمع مدني فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية" بموجب "قانون مكافحة الإرهاب" الإسرائيلي لعام 2016 و"منظمات محظورة" بموجب أنظمة الدفاع (حالة الطوارئ) لعام 1945. (مؤسسة الحق ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ـ فلسطين واتحاد لجان المرأة العربية ومركز بيسان للبحوث والإنماء واتحاد لجان العمل الزراعي). ورغم حركة الاحتجاج الدولية على هذا القرار، احتفلت البشرية باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وما زال هذا القرار ساريا. ولم يصدر عن إدارة بايدن، الديمقراطية حتى النخاع، كلمة واحدة شجبا أو نقدا؟
كيف يمكن للمجتمع الحقوقي، بل والبشري، هضم قرار من هذا النوع، بحق منظمات غير حكومية تدافع عن الحقوق الخمسة الأساسية، سياسية ومدنية واجتماعية واقتصادية وثقافية؟ بل كيف يمكن أن يقبل فكرة أن المخابرات الإسرائيلية احتاجت إلى أربعين عاما لاكتشاف أن أول منظمة حقوقية عربية، كانت قدوة جيلنا في بناء منظمات حقوقية جديرة بالتسمية، قدمت للمفوضية السامية لحقوق الإنسان خيرة كوادرها، وانتخبت كبريات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان أكثر من قيادي فيها، تصنف بالإرهابية؟
هل يمكن لمناضل حقوقي في العالم اليوم، أن يكتفي ببيان براءة ذمة، يعلن فيه عن تضامنه مع المدافعين عن الحقوق الإنسانية في فلسطين؟ هل تختصر مهمة المنظمات الدولية ببيان تنديد لا يختلف كثيرا عن ذاك الموقع من مئة من مشاهير ونجوم هوليود؟
بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي ببناء آخر نظام أبارتايد على سطح البسيطة، لم يعد أمامها سوى أن تصنف محامي الدفاع عن الحقوق الفلسطينية الأساسية إرهابيا...
لم يعد بإمكان المدافعين عن حقوق الإنسان إبعاد البوصلة عن القضية الفلسطينية في أجندتهم، وأصبح من الضروري تجاوز الصيغ التقليدية والشمالية لمنظمات حقوق الإنسان، وذلك عبر الربط بين حقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني، وبين ما تم إقراره من مواثيق وما هو ضروري للحؤول دون توظيف لهذه الحقوق سلعة من سلع حقبتنا.. من هنا، ومنذ نهاية عدوان الرصاص المسكوب، عبرّنا عن ضرورة التشبيك وتعدد أشكال ووسائل وتعبيرات النضال من أجل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لأن غياب المحاسبة تأصيل وقبول معمم، للجرائم الجسيمة ضد الإنسان.
نحن اليوم، بأمس الحاجة لبناء استراتيجيات عمل دينامية قادرة على مواجهة حيتان السلطتين السياسية والاقتصادية في العالم المتمترسين في جبهة المعتدي الإسرائيلي. ومهما كانت موازين القوى قاسية، من واجبنا باستمرار استحضار عبارة صموئيل بيكيت: "في هذا المكان، وفي هذه اللحظة، الإنسانية هي نحن، سواء أعجبنا أم لم يعجبنا ذلك؟".
*مفكر وناشط حقوقي
هل يملك العرب دورا في النموذج الفكري القيمي الملهم للعالم؟
اغتيال شيرين أبو عاقلة كخنجر في صدر مريم أو الأم تيريزا