على عكس الكثير من ردود الفعل المعارضة،
أيد الفاتيكان، السبت، قرار المحكمة العليا الأمريكية إلغاء الحق الدستوري الذي
يمنح المرأة في الولايات المتحدة حرية الإجهاض.
وقالت الأكاديمية البابوية للحياة، في
بيان، "حقيقة أن تغير دولة كبيرة ذات تقاليد ديمقراطية عريقة موقفها بشأن هذه
القضية تمثل تحديا للعالم بأسره".
وأضاف البيان أن "حماية الحياة
البشرية والدفاع عنها ليسا قضية يمكن أن تظل محصورة في ممارسة الحقوق الفردية، بل
هي مسألة ذات أهمية اجتماعية واسعة".
وتابع أنه ينبغي للحكومات سن سياسات
داعمة للحياة من دون الوقوع في مواقف أيديولوجية.
وأنهت المحكمة الأمريكية بقرارها الحق
الذي كان يعرف باسم "رو ضد واد" الصادر عام 1973 ليكرس حق المرأة في
الإجهاض.
وتسبب القرار في ضجة كبيرة وردود فعل
رافضة في الولايات المتحدة، ابتداء من الرئيس الأمريكي، والكثير من المسؤولين.
وجاء التصويت بتأييد خمسة مقابل رفض
أربعة لإبطال الحكم إذ كتب كبير القضاة جون روبرتس بشكل مستقل إنه يدعم تأييد
القانون الصادر في ولاية مسيسيبي، لكنه لا يؤيد الخطوة الإضافية التي تلغي السابقة
القانونية كليا.
وجاء في حيثيات الحكم الصادر أن الحكم
الصادر عام 1973 في قضية "رو ضد وايد"، وسمح بالإجهاض قبل أن يتمكن
الجنين من الحياة خارج الرحم، بين 24 و28 أسبوعا من الحمل، كان خاطئا لأن الدستور
الأمريكي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض.
قرار تاريخي
وكانت مسودة للحكم كتبها القاضي صامويل
أليتو وأشارت إلى أن المحكمة ستبطل على الأرجح حكم قضية رو ضد وايد قد تسربت في
مايو/ أيار مما أثار عاصفة سياسية. وجاء نص الحكم، الذي كتبه أليتو، مطابقا
لحد كبير للتسريب.
وكتب أليتو في الحكم: "لا يشير
الدستور للإجهاض وليس هناك حماية ضمنية لمثل هذا الحق في أي من بنود
الدستور".
واعترف الحكم الصادر في قضية "رو
ضد وايد" بأن حق الخصوصية الشخصية في الدستور الأمريكي يحمي قدرة المرأة على
إنهاء حملها. وفي عام 1992 أصدرت المحكمة العليا حكما أعاد التأكيد على حقوق
الإجهاض ومنع صدور قوانين تفرض "أعباء غير ضرورية" للحصول عليه.
ومن خلال إلغاء الحق الدستوري في
الإجهاض، يعيد الحكم للولايات الأمريكية قدرتها على تمرير قوانين تحظره. ويعتقد أن
نحو 26 ولاية ستحظر الإجهاض قطعا أو ترجيحا.
اقرأ أيضا: شرطة واشنطن تعثر على
"أجنة" بمنزل ناشطة مناهضة للإجهاض
وأصدر القضاة الليبراليون الثلاثة في
المحكمة اعتراضا مشتركا وقالوا: "أيا كان المدى الفعلي للقوانين المقبلة
فهناك نتيجة واحدة مؤكدة لقرار المحكمة وهي الحد من حقوق النساء وبوضعهن كمواطنات
لديهن الحرية والمساواة".
وأضافوا أن الحكم سينتج عنه
"من أول لحظة في التخصيب ليس لدى المرأة حقوق تذكر. ويمكن لولاية أن تجبرها
على إتمام الحمل حتى في ظل أصعب الآثار على المستوى الشخصي والأسري".
وكان الرئيس الجمهوري السابق دونالد
ترامب قد وعد في حملته الانتخابية في 2016 بتعيين قضاة في المحكمة العليا سيبطلون
حكم "رو ضد وايد" وتمكن بالفعل من تعيين ثلاثة قضاة محافظين خلال ولايته
التي استمرت أربع سنوات مما رجح كفة اليمينيين في المحكمة وأسس لأغلبية محافظة من
ستة قضاة مقابل ثلاثة ليبراليين.
بايدن ينتقد
وفي أول رد فعل له، انتقد الرئيس
الأمريكي جو بايدن الجمعة القرار الذي أصدرته المحكمة العليا، وقال إن صحة
وحياة النساء في بلاده أصبحت الآن في خطر.
وأضاف في خطاب بالبيت الأبيض بعد صدور
الحكم: "إنه يوم حزين للمحكمة وللبلاد".
من جانبه قال وزير العدل الأمريكي
ميريك جارلاند، إن وزارة العدل ستستخدم كل الوسائل التي تحت تصرفها لحماية الحرية
الإنجابية، وإن الوكالات الاتحادية قد تستمر في تقديم خدمات الصحة الإنجابية إلى
أقصى حد يسمح به القانون الاتحادي.
وقال جارلاند في بيان: "هذا
القرار يوجه ضربة قاصمة للحرية الإنجابية في الولايات المتحدة، وسيكون له تأثير
مباشر لا رجعة له على حياة الناس في جميع أنحاء البلاد.. سيكون تأثيره غير متناسب
إلى حد كبير في ظل الأعباء الكبرى التي يتحملها الأشخاص من غير أصحاب البشرة
البيضاء وذوو الموارد المالية المحدودة".
عودة للوراء
بدوره قال رئيس الوزراء البريطاني
بوريس جونسون الجمعة إن قرار المحكمة العليا الأمريكية الذي يلغي الحكم
التاريخي الصادر في عام 1973 ويعترف بالحق الدستوري للمرأة في الإجهاض "خطوة
كبيرة للوراء".
وقال في مؤتمر صحفي في كيجالي حيث يحضر
اجتماع دول منظمة الكومنولث: "إنه قرار مهم للغاية. ينبغي أن أقول لكم إنه،
في اعتقادي، خطوة كبيرة إلى الوراء"، وأضاف: "أؤمن على الدوام بحق
المرأة في الاختيار ورأيي لم يتغير".
زعماء العالم ينتقدون
ووصف زعماء العالم والمدافعون عن حقوق
الإجهاض الحكم بأنه "مروع ومرعب". وقد تجمعت حشود احتجاجية في مدن من
بينها لندن وباريس وإدنبرة.
وبعد دقائق فقط من الحكم، كتبت رئيسة
الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون على تويتر: "أحد الأيام الأكثر ظلمة
بالنسبة لحقوق المرأة في حياتي".
كما وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن
ترودو القرار بأنه "مروع"، قائلا إنه "لا ينبغي على أي حكومة أو
سياسي أو رجل أن يخبر المرأة بما يمكنها فعله وما لا تستطيع فعله بجسدها".
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر:
"الإجهاض حق أساسي لجميع النساء. أعبر عن تضامني مع النساء اللواتي طعنت
المحكمة العليا الأمريكية في حرياتهن".
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فقد أصبحت
الولايات المتحدة الآن واحدة من ثلاث دول فقط تفرض قيودا على الإجهاض.
وعلى مدى العقود العديدة الماضية، شرعت
أكثر من 50 دولة قوانين الإجهاض، وفقا لمركز الحقوق الإنجابية، وهو مجموعة عالمية
تعارض قيود الإجهاض.
وقالت أكثر من 100 منظمة رعاية صحية
عالمية، في بيان، الجمعة، إن الولايات المتحدة "لا تتماشى مع التزام المجتمع
الدولي بالنهوض بحقوق الإنسان".
وفي السنوات الأخيرة، تحركت دول مثل
الأرجنتين وكولومبيا وأيرلندا والمكسيك لتوسيع إمكانية الإجهاض. ورفعت المحكمة
العليا في المكسيك صفة الجريمة عن الإجهاض، في سبتمبر الماضي.
ضربة موجعة
إلى ذلك أعلنت المفوضة السامية لحقوق
الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة أن إلغاء الحق في الإجهاض الذي قررته المحكمة
الأمريكية العليا "يشكل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء".
وقالت ميشيل باشليه في بيان إن
"الحق في الإجهاض الآمن والقانوني والفاعل متجذر بعمق في القانون الإنساني
الدولي وهو في صلب استقلالية النساء وقدرتهن على القيام بخياراتهن بأنفسهن"،
مبدية أسفها لقرار "يشكل تراجعا كبيرا".
واعتبرت أن "القرار ينتزع
استقلالية ملايين النساء في الولايات المتحدة، خصوصاً ذوات الدخل المنخفض واللواتي
ينتمين إلى أقليات عرقية وإثنية، ويأتي على حساب حقوقهن الأساسية".
وذكرت باشليه بأن أكثر من 50 دولة خففت
من قوانينها التي تقيد الإجهاض في السنوات الـ 25 الماضية، وقالت: "قرار المحكمة يبعد الولايات المتحدة عن هذا الاتجاه التقدمي".
السعودية تستبق زيارة بايدن بالإفراج عن "أصغر معتقل سياسي"
أمريكا: حظر استيراد منتجات الإيغور "القسرية" يدخل حيز التنفيذ
ناشطة أمريكية تحذر من خطر على حياتها بسبب دعمها لفلسطين