انطلقت في مصر مؤخرا مبادرات مجتمعية ودينية، بينها مبادرة "بنك الزواج المصري"، من أجل مواجهة تكاليف الزواج الباهضة في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بسبب الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وقفزت تكاليف الزواج في مصر بشكل متزايد خلال السنوات القليلة الماضية؛ ما أدى إلى تراجع معدلات الزواج، وتأخر سن الزواج للجنسين، إضافة لزيادة نسبة العنوسة في المجتمع، ما دعا مؤسسات دينية ومنظمات مجتمع مدني ومعنيون بالعمل الأهلي لإطلاق مبادرات تهدف للحد من تلك الظواهر.
وارتفع متوسط سن الزواج لكل من الذكور والإناث بين عامي 2010 و2019، حيث زاد سن زواج الذكور من 28.7 سنة عام 2010 إلى 30.6 سنة عام 2019، في حين ارتفع بالنسبة للإناث من 23.8 سنة عام 2010 إلى 24.9 سنة عام 2019.
وبلغ عدد الإناث اللاتي لم يتزوجن في الفئة العمرية 35 عاما فأكثر، نحو 472 ألفا بنسبة 3.3% من إجمالي عدد الإناث في تلك الفئة العمرية، مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5%، حسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قبل خمس سنوات.
تراجع معدلات الزواج في مصر
ارتفعت معدلات الطلاق في مصر، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (رسمي)، حيث بلغت نحو 222 ألفا العام 2020 مقارنة بـ 199 ألفا العام 2015، وبمعدل 26 طلاقا كل ساعة.
وفي المقابل، انخفض عدد عقود الزواج في العام ذاته إلى 876 ألفا، مقارنة بـ 969 ألف عقد عام 2015، أي بنسبة انخفاض بلغت 10%، بمعدل 101 عقد زواج كل ساعة.
وقال رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء اللواء خيرت بركات؛ إن هناك 24.5 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج، مشيرا إلى أن هذه أرقام غير مطمئنة، وتحتاج دراسة جدية لمعرفة الأسباب ومعالجتها.
بنك الزواج المصري
تقوم فكرة المبادرة، بحسب صاحبها الكاتب الصحفي، حسن القباني، على "توفير قروض حسنة إلى المقدمين على الزواج وفق شروط وضوابط تقوض البذخ والانفاقات غير الضرورية، أو تقديم دعم مادي للمقبلين على الزواج من صدقات وزكاة المصريين، بعد دراسة دقيقة وحازمة، بجانب استمرار جهوده في مسار دعم الزوجية والبناء الأسري في تقديم دعم أو قروض حسنة من أجل الارتقاء التعليمي للأبناء."
ورأى القباني في المقال الذي نشره لتدشين هذه المبادرة، أن تأسيس "بنك الزواج المصري"، بات من الأهمية بمكان؛ فالضغوط الاقتصادية والاجتماعية والهجمة الخارجية على منظومة الأسرة العربية والعلاقات الإنسانية الأخلاقية تحتاج إلى منظومة اقتصادية تكاملية تعاونية قادرة ومقتدرة على تيسير سبل الزواج ومقاومة ظاهرة تأخر سنه بين الشباب والبنات؛ دحرا للعنوسة بين الجنسين وتقوية لبنيان العائلات والأواصر الاجتماعية.
وتحمست قيادات بمؤسسة الأزهر الشريف للمبادرة، من بينهم وكيل الأزهر السابق ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر الدكتور عباس شومان، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية الدكتورة إلهام محمد شاهين، ووصف شومان الفكرة على حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك" بأنها وجهة نظر تستحق الدراسة، واعتبرتها الدكتورة شاهين على صفحتها الرسمية بأنها أحد بوادر نجاح مبادرات تيسير الزواج بمصر.
اقرأ أيضا: اقتصادي: تردي الأوضاع في مصر ينذر بانفجار مجتمعي خطير
"لتسكنوا إليها".. مبادرة أزهرية
والأيام الماضية، أطلق مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، مبادرة بعنوان "لتسكنوا إليها" من أجل القضاء على العادات السيئة والمتبعة فى الزواج، والتيسير في الأمور المتعلِّقة به، ومواجهة المغالاة في تكاليفه في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وتهدف المبادرة، وفق ما قال وكيل الأزهر الأسبق الدكتور عباس شومان، إلى تغيير ثقافة المجتمع وتصحيحها، داعيا كل مؤسسات الدولة، مثل وزارت الإعلام والشباب والثقافة لنشر ثقافة تسهيل الزواج وعدم المغالاة في تجهيز العرائس.
كما اعتبر الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدكتور نظير عيَّاد، أن المبادرة دعوة عامة لجميع المواطنين من أجل التخلي عن هذه العادات، التي تحول دون تكوين أسرة مستقرة وآمنة تحقق أهدافها وتبني مستقبلها.
وأدت العادات المصرية المتبعة في تجهيزات الزواج إلى زيادة عدد الغارمات في السجون المصرية، ووصل عددهن وفق تقديرات رسمية نحو 30 ألفا، اضطررن معظمهن للاستدانة بسبب تكاليف زواج بناتهن.
مسؤولية المجتمع والدولة
وأشاد المأذون الشرعي لأحد أحياء مدينة الجيزة، الشيخ محمد عبد الرحمن، بالمبادرات المتعلقة بتيسير أمور الزواج، قائلا: "من واقع تجاربي الممتدة على مدى أكثر من عقدين، فإن غياب الوعي ومفهوم حقيقة الزواج، أحد أسباب زيادة شهادات الطلاق وتراجع عدد الزيجات وعزوف الشباب عن الزواج".
وأكد عبد الرحمن لـ"عربي21" أنه "يجب على الأسر المصرية أن تعيد القراءة في مفهوم الزوج والزوجة والزواج، قبل التفكير في خوض مثل هذه التجربة التي يترتب على نجاحها نجاح الأسرة والمجتمع، وفشلها فشل الأسرة وأزمات مجتمعية خطيرة، وأدعم أي مبادرة تهدف إلى التخلص من العادات والتقاليد التي تعيق تيسير الزواج، مع ضرورة زيادة الوعي بهذه الخطوة المهمة".
ومن أكثر الأشياء التي تغفلها الدولة، وفق الشيخ عبد الرحمن، هو تراجع دورها في تسهيل الزواج من خلال توفير فرص العمل للشباب بأجور مجزية، وتوفير شقق سكنية وأراض للسكن في بلد يعيش غالبيته على مساحة لا تتجاوز 8%، إلى جانب تكريس جرعات التوعية بالمسؤولية الكبيرة للزواج، وأنه للاستقرار والبناء وليس للمتعة واللعب.
معتز مطر لـ"عربي21": إطلاق قناة "الشعوب" خلال أيام
أهالي جزيرة مصرية يستغيثون: "أنقذونا من الحصار" (شاهد)
لماذا استُبعد الأزهر من إعداد قانون الأحوال الشخصية بمصر؟