تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إبرام
اتفاق لدمج الدفاعات الجوية لـ"إسرائيل" وعدد من الدول العربية فيما
يسمى بمشروع "الإنذار المبكر" ضد المسيّرات والصواريخ التي تتهددها،
خصوصا الإيرانية، بحيث يتم الربط بين رادارات هذه الدول لتبادل المعلومات والإنذار
بخطر هجوم محتمل.
وكشفت "القناة 12" الإسرائيلية، أن
الجيش الإسرائيلي نشر منظومة رادارية في مناطق بالشرق الأوسط، بما فيها الإمارات
والبحرين، ضمن رؤية للتعاون المشترك في مواجهة تهديدات إيران الصاروخية وخلق
منظومة للإنذار المبكر.
وفي السياق ذاته؛ تقدم مشرّعون أمريكيون من
الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الخميس الماضي، بمشروع قانون إلى الكونغرس، يقضي
بأن تسعى وزارة الدفاع الأمريكية
"البنتاغون"، إلى دمج الدفاعات الجوية
لـ"إسرائيل" ودول عربية، منها دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن
ومصر، لحماية هذه الدول من أي هجمات إيرانية.
وأثارت هذه التطورات تساؤلات حول طبيعة هذا
المشروع، والموقف الأردني تجاهه، وهل سيكون للمملكة دور محوري فيه؟ وما مدى
استفادتها منه؟ وهل ثمة معوقات تحول بينها وبين المشاركة فيه بفعالية؟ وهل تعكس
تصريحات الملك الأردني عبد الله الثاني، مؤخرا، عن وجود اعتداءات على الحدود
الأردنية مع سوريا عبر طائرات مسيّرة، رغبة بأن يكون جزءا من هذا المشروع
الإقليمي؟
انخراط إسرائيلي بالمنطقة
ويرى مدير عام مركز الطريق الثالث للاستشارات
الاستراتيجية، عمر الرداد، أن "هذا المشروع يعكس التوافقات الإسرائيلية
الأمريكية بالدرجة الأولى، لتشكيل بدائل للفراغ العسكري الذي ستتركه أو تركته
أمريكا في المنطقة، وفقاً لتنفيذ استراتيجيتها المتضمنة مواجهة (ليس بالضرورة
عسكرية) مع الصين وروسيا".
ولفت إلى أن "هذا المشروع يأتي في سياق
مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا، وبعد اتفاقات أبراهام التي وقعتها دول
عربية مع "إسرائيل"، وفي ظل الحديث عن اتفاق جديد مع السعودية وبقية دول
الخليج، ربما يعلن عنه خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المزمعة للرياض".
وقال الرداد لـ"عربي21" إنه
"على المدى البعيد؛ فلا شك أن إسرائيل هي المستفيدة من مشروع الإنذار المبكر،
وهو تطور لمشاريع ناتو سابقة بين العرب والإسرائيليين، صيغت على أساس أن
"العدو" هي إيران، حيث قدمت إسرائيل نفسها باعتبارها جزءاً من تحالف سني
ضد الممانعة وإيران، على أسس مذهبية".
وأكد أن مشروع الإنذار المبكر يشكل بداية
لانخراط إسرائيل في الإقليم، بديلا عن اعتمادها الكامل على الولايات المتحدة،
لافتاً إلى أن "قمة النقب التي عقدت قبل أكثر من شهر، وضمّت وزراء خارجية
إسرائيل ومصر والإمارات والمغرب والبحرين، بحضور وزير الخارجية الأمريكي، روّجت
لانخراط إسرائيل في الإقليم بشكل جديد".
اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار سلع أساسية
بالأردن.. والحكومة تلوّح بعقوبات
وبيّن الرداد أن الأردن لم يعلن بشكل رسمي
تأييده لهذا المشروع، لكن هناك إشارات تدل على أنه سيكون جزءاً منه، كالتحالف
الاستراتيجي بين عمّان وواشنطن، والتصعيد الإيراني على الحدود الأردنية السورية،
لافتا إلى أن تصريحات الملك حول التهديد الإيراني على الحدود مع سوريا تأتي في هذا
السياق، "وإنْ كانت تأتي أيضا ضمن سيناريوهات مستقبلية متعلقة بالفراغ الذي
أحدثته روسيا نتيجة انشغالها بحرب أوكرانيا".
واستدرك بالقول إن الأردن لن يكون متحمسا بشكل
كامل للمشاركة في هذا المشروع، بالإضافة إلى كل من مصر والعراق، وربما قطر إلى حد
ما، مضيفا أن "هذا لا يعني أن هذه الدول لن تكون جزءا منه، ولكنها لن تكون
مندفعة كاندفاع بقية الأطراف".
ووفق مراقبين؛ فإن هذا المشروع سيمكّن إسرائيل
من اختراق المنطقة العربية بأن يكون لها وجود عسكري فيها على شكل ضباط ارتباط، أو
منظومات دفاع جوي يديرها إسرائيليون، وسيتيح لها فرصة إظهار نفسها باعتبارها حامي
إمدادات النفط باتجاه القارة الأوروبية، ما يعزز من مكانتها الجيوسياسية.
مشاركة أردنية بحذر
ومع ذلك؛ فإن الكاتب والمحلل السياسي حازم
عياد، يرى أن من الصعب أن يتأخر الأردن عن المشاركة في مشروع "الإنذار
المبكر" في حال انخرطت فيه دول الخليج الست دون استثناء، ورغبت واشنطن
بمشاركة عمّان كونها شريكا استراتيجيا لها في المنطقة، وشريكا للناتو، وباعتبارها
أكبر متلقٍّ للمساعدات في المنطقة.
واستدرك عيّاد بأن الأردن "قد يضع لنفسه
بعض الشروط والمحددات التي تحول دون تورطه بشكل واسع في صدام عسكري ناجم عن تطبيق
منظومة الإنذار المبكر، وسيكون له بعض التحفظات على الأرجح".
وحول أسباب هذه الشروط والمحددات؛ قال عيّاد لـ"عربي21"
إن الاتفاق على منظومة إنذار مبكر لا يسير بالتوازي مع تحقيق تهدئة في الأراضي
الفلسطينية، والعودة إلى مفاوضات السلام، ما يسبب حرجا كبيرا للأردن الذي يرى أن
ذلك يتعارض مع رغباته ومصالحه.
وأضاف أن الأردن أيضا لا يريد صداما مباشرا مع
إيران أو مع غيرها في جنوب سوريا، وهذا قد يمثل عائقا وسببا في استنكاف الأردن عن
المشاركة في هذا المشروع، أو وضع بعض القيود على ذلك.
ولفت عياد إلى أن "وجود معارضة شعبية في
الأردن للانخراط مع إسرائيل في هذا المشروع، سيسبب حرجا كبيراً للسلطة السياسية في
البلاد، خصوصا أن بإمكان الأردن أن يستعيض عن ذلك بالإبقاء على الشراكة مع
الولايات المتحدة بعيدا عن أي اتفاقات تضر بمصالحه، وعبر إيجاد نوع من التفاهمات
مع النظام السوري".
وذهب إلى القول بأن "الكيان الإسرائيلي هو
المستفيد الأكبر من هذا المشروع، فمنظومة الإنذار المبكر تحوّل العراق والأردن
ودول الخليج العربي إلى عمق استراتيجي لحفظ أمن إسرائيل، وهذا أكبر مكسب تاريخي
بالنسبة لها".
وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط
بـ"اتفاقية سلام" مع "إسرائيل" منذ عام 1994، عبر اتفاقية
"وادي عربة"، والتي نصت على إنهاء حالة العداء بين البلدين، وتطبيق
أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.
صيف ساخن أمام الأردنيين.. دخل متواضع في مواجهة أعباء كبيرة
وفدان سعوديان يزوران واشنطن.. غموض حول زيارة بايدن للرياض
هل تعين واشنطن مبعوثا للفلسطينيين عوضا عن فتح القنصلية؟