قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لمراسلتها نجمة بوزرجمر إن رجال الأعمال الروس يتدفقون على إيران للتعلم من خبرة البلد في مواجهة العقوبات التي فرضتها أمريكا والدول الأخرى عليها بسبب نشاطاتها النووية.
وتقول إن عمل علي، المرشد السياحي ازدهر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير، لكن طبيعة السياح تغيرت، ففي الماضي كان يقدم جولات سياحية للروس الراغبين بالتعرف على الفن الفارسي والثقافة والطعام، وبات اليوم يرحب برجال الأعمال.
وبعد سلسلة من العقوبات الغربية المشددة على روسيا، أصبح لدى رجال الأعمال الروس "اهتمام بالتعرف على كيفية حياة الإيرانيين في ظل العقوبات الأمريكية". وفي الشهر الماضي وحده، أحضر رجل الأعمال علي إلى طهران، 160 روسيا معظمهم من رجال الأعمال وهو عدد أكبر من 40 سائحا روسيا كان يحضرهم في شهر قبل وباء كورونا. وقال إن "رجال الأعمال الروس كانوا يزورون إيران لبيع منتجاتهم وينظرون بدونية للبضائع الإيرانية. والآن وما يثير الانتباه هو أنهم يريدون شراء المنتجات الإيرانية".
وأضاف أنه ينظم لهم جولات لزيارة الشركات في العاصمة طهران ولقاء نظرائهم التجار. ومع تقييد الشركات الغربية البضائع الاستهلاكية في روسيا، فإن رجال الأعمال الروس عبروا عن دهشتهم من توفر هواتف أبل في طهران، حسبما يقول علي.
وتقول الصحيفة إن الجمهورية الإسلامية تحملت أربع سنوات من العقوبات الأمريكية المتأرجحة والتي قطعت علاقاتها وبشكل فعلي مع النظام المالي العالمي، وذلك بعد تخلي الرئيس السابق دونالد ترامب عن الاتفاقية النووية عام 2015. إلا أن هواتف أبل ليست المنتجات الاستهلاكية الوحيدة المتوفرة في إيران، ففي الوقت الذي تنتشر فيه العلامات التجارية الصينية، إلا أنه من السهل الحصول على البضائع التي تنتجها الشركات الاستهلاكية الغربية مثل منتجات بوستش وفيليبس.
وليس من الواضح كيفية وصول هذه المنتجات – بعضها مهرب والآخر حمله أفراد معهم جاءوا من الخارج. إلا أن رجال أعمال يقترحون أن تركيا وشمال العراق أصبحتا منطقتي عبور للبضائع التي يتحايل فيها المهربون على العقوبات الأمريكية.
وقال علي إن "الروس متخلفون عن الإيرانيين من ناحية الصلات والمنافذ على الأسواق السوداء العالمية وشراء قطع الغيار المصنعة في أوروبا وأمريكا".
وإلى جانب البحث عن النصائح غير الرسمية، فقد انتفعت إيران كثيرا من الحرب الأوكرانية، فقد ولد ارتفاع أسعار النفط دخلا قويا للاقتصاد الذي بات يعتمد على مبيعات النفط للصين والصادرات غير النفطية لجيرانها. وضربت العقوبات اقتصاد إيران، حيث زادت معدلات التضخم والفقر. إلا أن قدرة رجال الأعمال الإيرانيين على مواصلة الاستيراد والتصدير- والتحايل على العقوبات- ساهمت في تخفيف أثرها. ولن يتم رفع العقوبات عن إيران إلا في حال وافقت إدارة بايدن على إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
وتعرضت الجهود الدبلوماسية والتوصل لاتفاقية إلى ضربة في الأسبوع الماضي، عندما أعلنت طهران نزع 27 كاميرا تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشآتها النووية.
وفي آذار/مارس أعاقت روسيا، الموقعة على الاتفاقية النووية التقدم في المحادثات التي تدعمها أوروبا في العاصمة النمساوية فيينا عندما طالبت بضمانات تقضي بأن لا تضر العقوبات الأمريكية على موسكو بعلاقاتها مع إيران.
ويرى بعض الإيرانيين أن الحرب في أوكرانيا، عملت بداية على حرف انتباه القوى الغربية عن محادثات فيينا. وقال مطلع مقرب من المعسكر المتشدد في إيران إن "حرب أوكرانيا كانت منحة من السماء لإيران" و"يركز الأمريكيون والأوروبيون بشكل كبير على مواجهة مشاكلهم من ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار الطعام"، مضيفا أن روسيا والصين طالما حثتا إيران على توقيع اتفاق مع الغرب ولم يعد الحال كذلك "هل سمعت ما قاله (وزير الخارجية الروسي سيرغي) لافروف؟ ليس بعد الآن".
وتعترف السلطات أن روسيا، جارة إيران الشمالية هي فرصة للجمهورية الإسلامية. وأخبر وزير الصناعات الإيراني رضا فاطمي أمين الصحافيين وبعد فترة قصيرة من حرب أوكرانيا أن "آثارها الإيجابية على اقتصاد إيران ستكون أكبر من آثارها السلبية". وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في لقاء مع رجال الأعمال بطهران، الشهر الماضي "نحن على مسار زيادة التعاون التجاري، الاقتصادي، اللوجيستي، الاستثماري، المالي والمصرفي"، وذلك حسب وكالة انترفاكس الروسية. وأضاف أن التجارة المتبادلة بين البلدين زادت بنسبة 10% خلال الربع الأول من هذا العام.
وبحسب الجمارك الإيرانية زادت التجارة مع الصين التي تعتمد على إيران في النفط الخام، إلى 2.2 مليار دولار مع نهاية العام المالي الذي انتهى في آذار/مارس. وحتى قبل الحرب الأوكرانية، قال الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي يفضل توسيع التجارة مع الصين وروسيا إن الرئيس فلاديمير بوتين وافق معه على أن مستوى التجارة بين البلدين ليس مرضيا.
واتفق البلدان على استخدام الروبية والروبل في التبادل التجاري، وذلك حسبما قال وزير النفط جواد أوجي، بشكل يظهر المشاكل التي تواجه البلدين في الحصول على الدولار. وحذر المحللون من أصحاب الرؤية الإصلاحية أن الأوضاع الاقتصادية المتشابهة بين البلدين تعني أن المنافع ستكون محدودة. يضاف إلى هذا التباين بين الاقتصادين، فالروسي هو أكبر بكثير من اقتصاد إيران والدخل المحلي العام لإيران يتقزم أمام الدخل الروسي المحلي، حسب أرقام البنك الدولي.
ففي مقالة نشرتها صحيفة "إعتماد" لعلي شمس أردكاني قال فيها: "على من يعتقدون بتحول روسيا إلى شريك اقتصادي قراءة التاريخ واكتشاف أن روسيا لا مبادئ لديها" و"إن لم يقم المسؤولون بعمل شيء الآن فسيأخذ الروس ما تبقى من سوق للنفط الإيراني في آسيا وستصبحون اللاعب الرئيسي في سوق النفط الآسيوي". وقال جليل جلاليفار، عضو غرفة التجارة الإيرانية- الروسية في تصريحات لوكالة أنباء إيلنا أنه لا مستثمر روسياً جاء إلى إيران منذ الغزو "في وقت كانوا يحلقون فوق رؤوسنا في الطريق إلى الإمارات العربية المتحدة" لاستثمار أموالهم هناك، في إشارة لوصول آلاف الروس إلى دبي بعد الهجوم على أوكرانيا.
ورغم هذه المحاذير إلا أن علي يعتقد بوجود علامات إيجابية للغزو على إيران. ويرغب رجال الأعمال الروس بالحصول على المعدات الثقيلة وقطع الغيار، وهي عملية بطيئة لكنها قد تقود إلى تعاون أكبر. وقال إن الطلب الروسي بطيء في الدخول للسوق و"ربما احتاج الأمر لعام أو عامين قبل بدء الشركات الروسية والإيرانية بالعمل معا وبطريقة فعالة وحالة استمرت العقوبات".
WP: الروس يتعلمون من إيران دروسا في العيش تحت ظل العقوبات
تحذيرات من "مجاعة" بسبب الحرب في أوكرانيا
FT: السعودية تدعم روسيا في "أوبك+" رغم العقوبات الغربية