يشهد البحر الأسود معركة من نوع آخر في الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة بعد تشديد حصارها البحري على الأوكرانيين، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى أزمة غذاء عالمية.
ويخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى فرض حصار بحري على الأوكرانيين، خاصة في البحر الأسود، الذي يتوقع الخبراء أن يشهد "المعركة الحاسمة" في الحرب الروسية الأوكرانية.
وللبحر الأسود أهمية بالغة لشحن الحبوب والزيوت ومنتجات النفط. وتتشارك في مياهه بلغاريا ورومانيا وجورجيا وتركيا، بالإضافة إلى أوكرانيا وروسيا.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الأمم المتحدة التوسط لتوفير ممر آمن لشحن الحبوب من أوكرانيا وتهدئة المخاوف من أزمة غذاء عالمية، تتهادى مئات الألغام على سطح مياه البحر الأسود، وتمثل كابوسا مزعجا لكل من يفكر في الحل، الذي سيستغرق شهورا من العمل في حال الاتفاق عليه، وفقا لرويترز.
وللبحر الأسود أهمية بالغة لشحن الحبوب والزيوت ومنتجات النفط، وتتشارك في مياهه بلغاريا ورومانيا وجورجيا وتركيا، بالإضافة إلى أوكرانيا وروسيا.
وبحسب تقديرات مسؤولين في الحكومة الأوكرانية، هناك 20 مليون طن من الحبوب يستحيل شحنها من الدولة التي كانت رابع أكبر مصدّر في العالم قبل الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير.
اقرأ أيضا: ترسانة كييف تنفد.. وبايدن: زيلينسكي لم يستمع لتحذيراتنا
وقال أستاذ التاريخ بجامعة يل الأمريكية، تيموثي سنايدر، في سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"؛ إن بوتين يهدف إلى تجويع أوروبا، وتوليد أزمة لاجئين، عبر حصار البحر الأسود.
وتوقع سنايدر، أن يتسبب الحصار الروسي للبحر الأسود في تعفن عشرات ملايين الأطنان من المواد الغذائية داخل الصوامع الأوكرانية، ما سيؤدي لحالة جوع عالمية.
ووجه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، نداء للحصول على مزيد من الصواريخ المضادة للسفن لكسر الحصار، محذرا من احتمال توقف 75 مليون طن من الحبوب في أوكرانيا بحلول الخريف، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
ونقلت مجلة "نيوزويك"، عن المؤرخ البحري وأستاذ التاريخ بجامعة كامبل في نورث كارولينا، سال ميركوجليانو، قوله؛ إن الصواريخ المضادة للسفن، ليس التهديد الوحيد الذي تواجهه السفن الأوكرانية.
وأضاف: "التهديد الذي تواجهه السفن الأوكرانية هو الغواصات الروسية التي يمكنها تلغيم المياه وسفن الطوربيد".
وتتهم كييف وزعماء غربيون موسكو باستخدام الإمدادات الغذائية كسلاح في الحرب عبر محاصرة الموانئ الأوكرانية. وتقول روسيا إنها تريد رفع العقوبات الغربية عنها في إطار أي اتفاق يسمح بتدفق الصادرات.
لكن حتى في حالة التوصل لاتفاق، أيا كان، وأصبح بالإمكان إعادة فتح الموانئ الأوكرانية، فإن خطر الألغام البحرية التي زرعتها أوكرانيا وروسيا سيعرقل أعمال الشحن على الأرجح لأشهر مقبلة، بحسب ما نقلته رويترز عن مسؤولين في قطاع الشحن البحري.
وقال متحدث باسم المنظمة البحرية الدولية وهي وكالة الشحن التابعة للأمم المتحدة وإحدى الهيئات العديدة، التي تعمل على إنشاء ممر بحري لإمدادات الحبوب "وُضعت الألغام البحرية في مداخل الموانئ، فيما أُغلقت المخارج بقوارب ورافعات غارقة".
وأضاف: "سيستغرق الأمر عدة أشهر لإزالة الألغام البحرية في مناطق الموانئ بالكامل".
اقرأ أيضا: معارك شرق أوكرانيا.. وموسكو تعلن قتل العشرات بخاركيف
أسعار المواد الغذائية
يقول مجلس الحبوب العالمي؛ إن من المتوقع أن يكون الإنتاج العالمي من الحبوب دون مستوى الطلب في موسم 2022-2023.
وسيؤدي غياب الشحنات الأوكرانية إلى زيادة الضغط على الإمدادات المتاحة، ومن المرجح أن يكون ذلك عاملا محركا لزيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية كالخبز والمعكرونة والمقرمشات وزيادة التضخم في سوق الغذاء، في وقت وصلت فيه معدلات الجوع في العالم إلى مستويات غير مسبوقة.
ويقول مسؤولون غربيون في قطاع الشحن البحري؛ إن هناك غموضا حول أنواع الألغام التي زُرعت في هذه المرحلة من الحرب.
قال مسؤول بوزارة الخارجية الأوكرانية لرويترز في آذار/مارس؛ إن روسيا زرعت حوالي 372 لغما بحريا من نوع "آر-421-75"، وهي ألغام غير مستخدمة أو مسجلة لدى البحرية الأوكرانية حاليا، بعد أن استولى عليها الجيش الروسي في أثناء ضمه للقرم عام 2014.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان في الشهر نفسه؛ إن أوكرانيا قامت بتلغيم موانئ أوديسا وأوتشاكوف وتشورنومورسك ويوجني، بحوالي 400 لغم قديم من الألغام التي تقبع تحت سطح الماء بعمق بضعة أمتار.
وأكد جهاز المخابرات الروسي (إف.إس.بي) في آذار/مارس، أن الألغام انجرفت إلى البحر الأسود بعد انقطاعها عن كابلات التوصيل قرب الموانئ الأوكرانية، مضيفا أن القوات الأوكرانية هي التي زرعت الألغام. وقالت أوكرانيا في ذلك الوقت؛ إن تحذير (إف.إس.بي) تحذير زائف، وإنها ليس لديها معلومات عن انجراف أي ألغام في البحر.
وكشف المسؤول بوزارة الخارجية الأوكرانية الجمعة أن أوكرانيا زرعت بعض الألغام. وأضاف: "وضعنا ألغاما بحرية في إطار حقنا في الدفاع عن النفس بموجب نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".
وتشير تقديرات لـ"وزارة الدفاع البريطانية"، في أواخر نيسان/أبريل، إلى أن حوالي 20 سفينة بحرية روسية بما في ذلك ست غواصات تقوم بدوريات في الساحل الجنوبي لأوكرانيا.
وتسببت الحرب المستمرة في إغلاق موانئ البحر الأسود في أوكرانيا، مما يهدد الإمدادات الغذائية، وأدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة.
وقالت الأمم المتحدة، الجمعة؛ إن ما يصل إلى 19 مليون شخص إضافي في العالم قد يواجهون جوعا مزمنا خلال العام المقبل، بسبب انخفاض صادرات القمح والأغذية الأخرى، وفقا لـ"رويترز".
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، السبت، "إذا لم نتمكن بسبب الحصار الروسي من تصدير موادنا الغذائية، التي صارت الأسواق العالمية في أمس الحاجة إليها، فسيواجه العالم أزمة غذاء حادة وشديدة، ومجاعة في العديد من بلدان آسيا وأفريقيا".
وقال نائب وزير الزراعة الأوكراني، السبت؛ إن ما يصل إلى 300 ألف طن من الحبوب تم تخزينها على الأرجح في مستودعات بميناء ميكولايف المطل على البحر الأسود، التي تقول كييف إن القصف الروسي دمرها، الأسبوع الماضي.
كييف تعلّق المفاوضات.. وباريس تعدها بمزيد من السلاح
استسلام 265 جندي أوكراني.. وأمريكا توفر دعما جديدا لكييف
دعم أمريكي إضافي لأوكرانيا.. وفنلندا تطلب دخول "الناتو"