حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على رعاية ودعم المجموعات الإرهابية من المستوطنين، وتوفر لهم الغطاء القضائي ضمن منظومة العمل الإسرائيلية القائمة أساسا على دعم الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينية، وخلال الأحداث الأخيرة والمتصاعدة وفرت حكومة التطرف القائمة حاليا برئاسة نفتالي بينت الحماية الكاملة للمستوطنين ومجموعاتهم الإرهابية، وعملت على رعاية المجموعات المتطرفة وسمحت لها بإقامة بؤر انطلاق لعملياتهم الدموية ضد الفلسطينيين، في عمق الضفة الغربية وداخل القدس المحتلة.
وشكلت تلك المصالح المشتركة بين مختلف الأحزاب المتطرفة نموا متصاعدا داخل المجتمع الإسرائيلي، مما وفر الفرص لأن تكون الحكومة الحالية هي حاضنة طبيعية لإرهاب الدولة المنظم، التي تقوم بتنفيذها بالمناطق والأراضي الفلسطينية الخاضعة للاحتلال منذ عام 1967، واستمرت سلسلة الأعمال العدوانية، بالرغم من إدانة المجتمع الدولي، ورغم إدراك الجميع بأن المنطقة تقف على حافة الانفجار، وأن المستقبل بات مجهولا وسينفجر في أي لحظة، ومن ثم تتحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن إرهاب هذه المجموعات التخريبية، ونتائج وتداعيات اعتداءاتها المتصاعدة، التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وللحقيقة، إننا نقف أمام مشهد لا يمكن استيعابه لما جرى في القدس خلال مسيرة الأعلام الإسرائيلية، فالقصة لم تكن مجرد مسيرة ويوم ممكن أن يمر بسلام، ولكن كنا أمام مشهد مرعب بكل المقاييس، ويعبر عن واقع العنصرية المتطرفة والهمجية القائمة عليها دولة الاحتلال وإرهاب المجموعات المتطرفة، وما جرى في مسيرة الأعلام لا يمكن التغطية عليه.
فالغالبية العظمى من المشاركين في مسيرة الأعلام، شاركوا في ترديد شعارات تدعو لموت العرب والدعوات إلى حرق القرى والأحياء الفلسطينية كما فعلوا سابقا مع عائلة دوابشة، حيث قام المستوطنون بإشعال النيران والتسبب في حرق منزل العائلة الفلسطينية في قرية دوما، ونتيجة لذلك توفي الرضيع علي وعمره 18 شهرا، وأصيب والداه وأخاه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة، وتوفي لاحقا والد الطفل ورب العائلة سعد دوابشة، بعد أن أصيب جسمه بحروق من الدرجة الثالثة، وتوفيت لاحقا الأم ريهام حسين دوابشة يوم 6 من شهر أيلول/سبتمبر عام 2015، وتستمر دعوات المستوطنين الذين شاركوا في مسيرة الأعلام، للتحريض على تنفيذ سلسلة من أعمال الإرهاب المماثلة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، كما شاركوا في الاعتداء على المقدسيين وممتلكاتهم، فلا أحد يمكنه أن يتصور طبيعة وخطورة الفكر العنصري المتطرف وأيديولوجيا الإرهاب، التي تتبناها مجموعات المستوطنين المنتشرة داخل المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
تلك الوقائع الصعبة التي شهدتها مدينة القدس المحتلة، التي تمكنت بعض وسائل الإعلام من نقل جزء بسيط منها ليشاهده العالم، ولكن تبقى الصورة الحقيقية وما يجري في المسجد الأقصى والأراضي الفلسطينية المحتلة من إرهاب وعنف وتنكيل يومي ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، هي الأكثر دموية، وتعبر عن وقائع الاحتلال وعنصريته.
ويجب على الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إعادة تأكيد أن جميع المنظمات اليهودية المتطرفة يحجب أن تكون على قوائم الإرهاب، ولا يمكن استثناء تلك المجموعات التي تمارس الأعمال الخطيرة، وتقود المنطقة إلى الانفجار والمجتمع الدولي والدول كافة، مطالبة بسرعة التحرك واتخاذ قرار واضح بوضع المنظمات التابعة للمستوطنين على قوائم الإرهاب لديها، ومنعها من دخول أراضيها والضغط على دولة الاحتلال لتفكيكها، وتجفيف مصادر تمويلها ومحاسبة ومعاقبة عناصرها، ومن يقف خلفهم ويقدم الإسناد لها، وذلك تطبيقا للقانون الدولي.