أطلق حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، خطة تهدف إلى إنقاذ اقتصاد المملكة، قال إنه يأمل من الحكومة الأخذ بها.
وخلال مؤتمره العام السادس الذي عقد الخميس، بحضور شخصيات سياسية ونيابية، أشهر حزب الجبهة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، خطته التي حملت اسم "الرؤية الاقتصادية للأردن 2030".
وقال الحزب؛ إنه بالتعاون مع خبراء اقتصاد، عكفوا على إعداد هذه الخطة خلال 30 شهرا، قبل أن يتم إعلانها بالتزامن مع احتفالات المملكة في عيد الاستقلال الـ76، الذي حلّ وسط تحديات سياسية واقتصادية أبرزها ارتفاع أرقام البطالة، وارتفاع العبء الضريبي على المواطن الأردني، في ظل تآكل في المداخيل.
وتهدف الخطة إلى خفض معدلات البطالة في الأردن بشكل تدريجي وصولا إلى (الصفر)، ورفع معدلات النمو، وزيادة الاستثمارات الأجنبية بنسب تصل إلى 250 بالمئة، ورفع قيمة الصادرات إلى 300 بالمئة، وخفض الدين العام بنسبة 2 بالمئة سنويا. والوصول بعجز الموازنة إلى الصفر.
وشهد الاقتصاد الأردني مؤخرا ارتفاع معدلات التضخم الذي طال سلة غذاء المواطن الأردني، متأثرا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلال الإمداد والتصدير وارتفاع تكلفة الشحن.
وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي (وهو مؤسسة حكومية مستقلة) بتخفيض نسبة خدمة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، من خلال إعادة جدولة الديون المتعاقد عليها، والوصول إلى مصادر تمويل جديدة ميسرة، وتخفيض نسبة الدين الخارجي إلى الصادرات من السلع والخدمات بواقع نقطتين مئويتين سنويا من عام 2022، واقتصار النفقات الرأسمالية على النفقات التي تؤدي إلى زيادة التكوين الرأسمالي الحكومي، ونقل أي نفقات رأسمالية ذات طبيعة جارية إلى النفقات الجارية، وخاصة المرتبطة بإدارة المباني والمشاريع والإنشاءات والصيانة والتأثيث والأجهزة.
اقرأ أيضا: التضخم يضرب اقتصاد الأردن.. ما خيارات الحكومة والمواطنين؟
إصلاح سياسي
وحول الخطة ومدى تطبيقها، يقول الخبير الاقتصادي محمد البشير: "هي أداة تستطيع تقديم الأفضل للوطن، لكنها تحتاج إلى محور سياسي كبوابة لتحقيق هذا البرنامج.. دون سياسيين مخلصين لا نستطيع أن نعالج مشاكل الاقتصاد".
وأضاف: "يعاني اقتصادنا من أزمة هيكلية، تتمثل بأن حصة الزراعة والصناعة من الناتج المحلي لا تصل إلى 30 بالمئة، بينما تسيطر حصة الخدمات على اقتصادنا، وهذه المعالجة خلفيتها الحقيقة هي السياسات المالية، التي تم العبث بها من خلال رفع النفقات الجارية على حساب النفقات الرأسمالية، بالإضافة إلى العبث بالضرائب، وأصبحت واردات الخزينة تعتمد على الضرائب، خصوصا ضريبة المبيعات".
ويعتمد الاقتصاد الأردني على الضرائب في إيراداته التي تشكل ما يقارب 85 بالمئة من الموازنة، "يذهب 65 بالمئة منها كلفة رواتب ونفقات جارية"، حسب البشير.
وتشير أرقام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات إلى أن إجمالي تحصيلات ضريبة الدخل والمبيعات خلال الثلث الأول من العام 2022 بلغت نحو 2.8 مليار دينار (3.95 مليارات دولار تقريبا)، مقارنة بنحو 1.855 مليار دينار تم تحصيلها خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة مقدارها 225 مليون دينار، فيما بلغت نسبة الزيادة نحو 12 بالمئة. جلها من ضريبة المبيعات 16 بالمئة، التي يعدّها اقتصاديون "غير عادلة".
خطة للاستقلال
الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة، وصف في كلمة له الخطة الاقتصادية بأنها "خطة حقيقية للاستقلال والاعتماد على الذات أطلق عليها "رؤية الأردن 2030"، عمل على إنجازها أكثر من 350 خبيرا، وتتضمن 17 مجالا تنمويا وفق معايير الأمم المتحدة، تعالج كل المجالات التنموية في البلاد، وتحوي 90 هدفا استراتيجيا، و318 مبادرة و 112 مشروعا، تحاول أن تعالج الخلل وتسد الثغرات وتساهم في تقديم الحلول".
وبين أن الحزب يوجه رسائل من خلال إطلاق هذه الخطة، أبرزها "رسالة إلى الشعب الأردني أن هذا الإصلاح الاقتصادي لا يَعوقه إلا إغلاق أفق الإصلاح السياسي، وأنه لا إصلاح اقتصاديا بدون إصلاح سياسي، وأن الاستئثار بالسلطة وتغييب الشعب عن دوره وإبعاد أصحاب الكفاءة لصالح الولاء الموهوم أطاح بكل منجزات الوطن، فلا إصلاحا حققنا ولا ولاء أبقينا، فالأوطان لا تُبنى بالمنافقين والمُصفقين".
أما الرسالة الثانية، فـ "إن إمكانية الإصلاح والنهوض بالبلد متوفرة، سواء بالموارد البشرية المتميزة أو الموارد الطبيعية، ولا يحتاج الأمر أكثر من إرادة جادة وإيمان عميق بهذا الوطن".
مراجعة رابعة للاقتصاد الأردني
بدوره، أعلن وزير المالية الأردني محمد العسعس، الاثنين الماضي، "إتمام المراجعة الرابعة لأداء الاقتصاد الأردني مع صندوق النقد الدولي بنجاح".
وقال في مؤتمر صحفي: "الأردن يمتلك برنامجا إصلاحيا اقتصاديا دون أي إملاءات خارجية"، مضيفا "أكبر تحد اقتصادي واجتماعي يواجه الأردن هو البطالة، لذلك برنامجنا في الإصلاح الاقتصادي مختلف عن البرامج الأخرى كافة، فقد تم وضعه بأياد أردنية خالصة، دون أي إملاءات تذكر لمعالجة المشاكل الحقيقية والهيكلية ومحاربة الفساد بكل شفافية، ومعالجة مشكلة البطالة عبر رفع وتعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية بمختلف القطاعات وتشجيعها على التشغيل، بالإضافة إلى توفير برامج تشغيل حكومية من خلال تخصيص 80 مليون دينار لهذه الغاية".
نسخة إلى السلطات الأردنية
وأرسل حزب جبهة العمل الإسلامي نسخة من الخطة الاقتصادية إلى الديوان الملكي، ومجلس الأمة (النواب والأعيان)، وإلى مؤسسات المجتمع المدني والجامعات.
وعن توقيت إطلاق هذه الخطة، يقول النائب الأول لأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، وائل السقا، لـ"عربي21": هي العقل القادم لعشر سنوات قادمة، بدأنا العمل عليها قبل جائحة كورونا، واستمر العمل 30 شهرا بالتعاون مع 350 خبيرا اقتصاديا، وهي ليست الرؤية الأولى التي ينجزها الحزب، لكنها تمتاز بأنها شاملة وتنحو نحو أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر، بحيث تصل إلى أردن تنموي وغير ريعي".
للاطلاع على رؤية حزب جبهة العمل الإسلامي للإصلاح الاقتصادي (هنا)
لماذا تثير حرب روسيا بأوكرانيا مخاوف أردنية من جنوب سوريا؟
ما أبعاد التوتر بين الأردن والاحتلال حول السيادة على الأقصى؟