كان الهدف الإسرائيلي المباشر والجوهري لاغتيال مراسلة قناة الجزيرة القطرية؛ الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة صبيحة يوم الأربعاء الحادي عشر من أيار/ مايو الجاري؛ محاولة اغتيال الصوت والصورة التي لاحقت على مدار خمسة وعشرين عاماً؛ عبر الشاشة عسف جيش الاحتلال الإسرائيلي والمجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وعمليات تدمير المنازل وجرف واقتلاع الأشجار الفلسطينية؛ فضلاً عن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته بكافة الأشكال لسياسات المحتل الصهيوني، والتي تدحض بمجملها زيف الرواية الإسرائيلية.
ولهذا كله باتت الشهيدة الإنسانة شيرين أبوعاقلة رحمها الله؛ أيقونة للشعب الفلسطيني في الداخل والمهاجر القريبة والبعيدة وكذلك لكل إنسان حر في العالم؛ كما نستحضر ثلة من المراسلين الفلسطينيين كان لهم دور بارز في كشف جرائم المحتل الصهيوني ودحض روايته؛ ومنهم الصحفيون؛ وليد العمري، إلياس كرّام، جيفارا البديري.
الشهيدة شيرين
على مدار خمسة وعشرين عاماً؛ دخلت شيرين أبوعاقلة كل بيت فلسطيني لمتابعة تغطيتها لمجريات انتفاضة الاقصى وبطولة مخيم جنين وصموده في وجه الآلة العسكرية الصهيونية في نيسان/ أبريل من عام 2002، ليتم اغتيالها وبدم بارد في الحادي عشر من شهر أيار/ مايو الجاري من قبل جيش الاحتلال الصهيوني؛ وهي في تغطية مباشرة لاقتحام الجيش الصهيوني لمخيم الصمود في مدينة جنين.
الشهيدة شيرين أبو عاقلة
ولدت شيرين أبوعاقلة في عام 1971 في مدينة القدس، وتخرجت من مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس، ويعود أصلها لمدينة بيت لحم. درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة لمكتوبة، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن، وعادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو ولاحقًا انتقلت للعمل في عام 1997 مع قناة الجزيرة الفضائية حتى استشهادها برصاصة قناص غادر وبشكل ممنهج ومقصود من جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الأربعاء 11/5/2022 وهي تغطي اقتحام الجيش الاسرائيلي لمخيم جنين.
وجاء في بيان لشبكة الجزيرة الإعلامية: "في جريمة قتل مفجعة تخرق القوانين والأعراف الدولية أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على اغتيال مراسلتنا شيرين أبو عاقلة". ودانت الشبكة "هذه الجريمة البشعة التي يراد من خلالها منع الإعلام من أداء رسالته". وأضافت: "نحمل الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال مسؤولية مقتل الزميلة الراحلة شيرين".
ورغم محاولات انتزاع الجيش والشرطة الإسرائيلية لعلم فلسطين خلال جنازة شيرين أبوعاقلة؛ إلا أن العلم الفلسطيني بقي يرفرف عالياً؛ ويشي إلى وحدة الشعب الفلسطيني واستمرار الكفاح الوطني. ستبقى الشهيدة شيرين أبوعاقلة في ذاكرة الشعب الفلسطيني كقائدة إنسانة وأيقونة للشابات والشباب الواعي المتسلح بالعلم والمعرفة لمواجهة المحتل الصهيوني الذي سيرحل عن أرضنا بعد انهيار روايته المزيفة ؛ففلسطين التاريخية وطن الشعب الفلسطيني الوحيد.
ثلة من المراسلين الفلسطينيين
من أهم المراسلين الفلسطينيين؛ وليد العمري؛ وهو صحفي وإعلامي فلسطيني. مدير مكتب قناة الجزيرة في فلسطين والأراضي المحتلة، من مواليد 11 شباط/ فبراير 1957 في قرية صندلة الواقعة شمال مدينة جنين الفلسطينية، وهو ممن يطلق على الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني بفلسطيني الداخل وهو النعت الصحيح في مواجهة محاولات تهويد الزمان والمكان.
وليد العمري
يحمل وليد العمري الجنسية الإسرائيلية والفلسطينية في ان. له مقالات وبحوث في درويات وصحف عربية ومنها مجلة الدراسات الفلسطينية الصادرة عن مؤسسات الدراسات في بيروت العاصمة اللبنانية وكان له بالغ الأثر في نقل حقيقة العنصرية والمجازر الإسرائيلية على امتداد فلسطين التاريخية.
أما إلياس كرام؛ فهو صحفي واعلامي فلسطيني من مواليد 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1977 في مدينة الناصرة عاصمة الجليل الفلسطيني.. مراسل قناة الجزيرة في الداخل الفلسطيني. درس العلوم السياسية والإعلام وعمل في إذاعة محلية ثم مراسلا لتلفزيون محلي، قبل أن ينتقل إلى شبكة الجزيرة خلال عام 2003، وهو الانتقال الذي يعتبره نقلة نوعية في حياته المهنية. يحمل شهادة بكالوريوس صحافة وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة حيفا، 1998. مقدم لبرنامج يعنى بقضايا فلسطيني الداخل. محرر في صحيفة "كل العرب" 2000. معد ومقدم نشرات، معد ومقدم للبرنامج الإخباري الصباحي (هذا اليوم) في إذاعة عربية رسمية في الداخل الفلسطيني خلال الفترة (1997-1998). مراسل لشبكة تلفزيون محلية وإذاعة عربية محلية 1996.
إلياس كرام
ومن المراسلين جيفارا البديري؛ وهي إعلامية وصحفية فلسطينية، ولدت في مدينة القدس عام 1976. تعمل مع قناة الجزيرة الفضائية مراسلة لها من الضفة الغربية. حاصلةٌ على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك في إربد بالأردن. اعتقلتها قوات الاحتلال خلال هبة الأقصى الرمضانية في الخامس من حزيران/ يونيو 2021 أثناء تغطيتها اعتصامًا في حي الشيخ جراح وسط القدس، وكانوا قد اعتدوا عليها هي والمصور نبيل مزاوي الذي يعمل معها قبل اعتقالها بطريقة عنيفة، ثم أفرجت عنها شرطة الاحتلال الإسرائيلي في نفس اليوم، مع منعها من دخول حي الشيخ جراح لمدة 15 يومًا.
جيفارا البديري
وهي ابنة المحامي والصحفي المقدسي إسحاق أحمد البديري مدير بيت الشرق ووالدتها السيدة هداية الكاظمي رئيسة جمعية الاتحاد النسائي العربي في القدس؛ وكانت جيفارا حاضرة هي الأخرى لتغطية كافة المجازر والاقتحامات لباحات المسجد الأقصى المبارك، لكن تغطيتها الأبرز كانت خلال انتفاضة الاقصى عام 2000 وهبة الأقصى خلال أيار/ مايو من العام المنصرم 2021. وهناك عدد كبير من المراسلين للصحف والفضائيات؛ غطوا ويغطون بالصوت والصورة وبمصداقية عالية مايتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل واعتقال وتدمير للمنازل وجرف للأشجارمن قبل الجيش الاسرائيلي؛ ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الصحافي وائل الدحدوح، نجوان سمري، تامر المسحال، هبة عكيلة، وقامات اعلامية وصحافية فلسطينية كثيرة في داخل فلسطين وخارجها، وجميعهم مقاومون حتى النصر .
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا