قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعضو ملتقى الحوار السياسي، عبد القادر حويلي، إن "فرص التوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة باتت كبيرة جدا، خاصة مع الاجتماعات الحالية في مصر بين رئيسي المجلسين، ولقائهما بالسلطات المصرية، التي من شأنها أن تذلل الصعوبات".
وأوضح أن "هناك آمالا كبيرة بحدوث هذا التوافق في الجلسة المقبلة، كي نذهب لإعداد القاعدة الدستورية".
وكانت المستشارة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني وليامز، قد أعلنت مؤخرا تحديد يوم 15 أيار/ مايو الجاري، موعدا لاستئناف اجتماعات اللجنة الليبية المشتركة المعنية بوضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات المقبلة.
وشدّد حويلي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "حكومة فتحي باشاغا، المُكلف من مجلس النواب، وُلدت ميتة، وعليها شبهات كثيرة جدا، ومهما قدمت من أعمال، فلا أعتقد أن لديها أي حظوظ في الاستمرار؛ فقد ضاعت فرص نجاحها تماما، وربما لو نجحنا في إقرار القاعدة الدستورية سينتهي النزاع بين الحكومتين نهائيا".
وأشار المسؤول الليبي، الذي يتواجد الآن في العاصمة المصرية القاهرة، إلى أن "باشاغا لا يحظى بتأييد أي دولة، حتى مصر لم تعلن رسميا اعترافها به، والدولة الوحيدة التي اعترفت به هي روسيا، وهي دولة ضعيفة ومُحاصرة حاليا، وما يُقال عن تعويضه أوروبا للنقص في إمدادات الغاز الروسي يُعدّ هراء وغير حقيقي".
وانتقد أداء المجلس الرئاسي، قائلا: "دوره ضعيف جدا، وكنّا نتوقع أن يقوم بأداء أفضل من هذا، لكنه لم يحرك ساكنا تجاه الأزمة الراهنة، وقد عرضنا عليه أفكارا بأن يجري مصالحة سياسية بين مجلسي الدولة والنواب، لكنه مع الأسف لم يقم بالمهام المنوطة به، وهي المصالحة الوطنية".
وأوضح حويلي أنه "لا توجد أي مؤشرات لإجراء انتخابات قريبة في ليبيا؛ لأسباب مختلفة"، مضيفا: "عام 2022 ربما يكون بداية حل الأزمة، وربما نقطف ثمار ما يتم إعداده في العام الحالي خلال عام 2023، الذي سيشهد حل الأزمة بشكل نهائي بعد عملية تضييق الهوّة بين الأطراف والاتفاق على المسار الدستوري المأمول".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني وليامز، أعلنت أن اللجنة المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة ستعقد جولتها الثانية في القاهرة يوم الخامس عشر من أيار/ مايو المقبل لوضع قاعدة دستورية للانتخابات.. فما هو المأمول من هذا الاجتماع المرتقب؟ ولماذا لم يخرج الاجتماع الأول بأي نتائج فعلية؟
في الاجتماع السابق وضعنا "الآلية"، ووضعنا جدول أعمال الاجتماع الثاني، لأن اختيار هذا الموعد (15 أيار/ مايو) هو أحد مخرجات الاجتماع الأول؛ فأغلب مخرجات الاجتماع الأول هي مخرجات "لوجستية" فقط، وليست في صميم العمل الدستوري؛ لأن أعضاء مجلس النواب هم مَن طالبوا التعديلات، وعندما طالبناهم بتقديم تعديلاتهم وجدنا أنهم لم يستعدوا بعد لهذه الجولة بهذه الكيفية، فقرروا اللقاء مع الحاضنة الاجتماعية، والمؤثرين لدى البرلمان، لكي يأتوا بالملاحظات التي ستدون على مشروع الدستور.
وفي الاجتماع المقبل سنعمل على وضع هذه الملاحظات؛ لأن المجلس الأعلى للدولة ليست لديه ملاحظات جوهرية على مشروع الدستور، فقط يريد أن يمرره ويجربه لمدة 5 سنوات، كما هو منصوص عليه ثم يتم تعديله، لكن أعضاء مجلس النواب أصروا على التعديل قبل اعتماده، ومن أجل فك هذا الانسداد وافقنا على عملية التعديل بهذه الآلية حتى لا يُطعن فيه؛ فقد قدمنا ضمن المقترحات أن يؤجل الاستفتاء على مشروع الدستور للبرلمان القادم، وما نتفق عليه حاليا من تعديلات وتنقيحات سنعتمدها كتعديل للإعلان الدستوري، لتصبح شبه دستورية، وهو ما سيحل الانسداد الدستوري لدورة برلمانية واحدة على الأقل.
ما فرص التوافق حاليا بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة؟
فرص التوافق موجودة إذا جد أعضاء مجلس النواب - وخاصة المستشارين - واعتمدوا المقترح الذي قدمناه، وهناك فرص كبيرة جدا، خاصة مع الاجتماعات الحالية في مصر بين رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، ولقائهما بالسلطات المصرية، التي من شأنها أن تذلل الصعوبات، والكل يعلم أن دولة مصر الشقيقة لها تأثير كبير وواضح على مجلس النواب في المنطقة الشرقية باعتباره موجود على الحدود المصرية، وتريد مصر فعلا حل الأزمة الليبية بأسرع وقت ممكن، لأن أي توتر يؤثر سلبا على الأمن المصري، بالإضافة لذلك هناك آمال كبيرة بأن يكون هناك توافق في هذه الجلسة، ونذهب لإعداد القاعدة الدستورية التي تعتمد على مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.
هل القاعدة الدستورية تعد الأولوية الأولى والأهم اليوم في ظل النزاع بين الحكومتين؟
لا علاقة بين القاعدة الدستورية والنزاع بين الحكومتين. النزاع بين الحكومتين هو نزاع على السلطة التنفيذية، ونحن نعمل من أجل السلطة التشريعية لإجراء انتخابات، وفي حال نجاحنا في إعداد قاعدة دستورية وإجراء انتخابات ستقوم السلطة التشريعية الجديدة باختيار حكومتها، وينتهي عمل الحكومتين، وتوحد السلطة؛ فالنجاح في إعداد القاعدة الدستورية سيحل الأزمة بين الحكومتين، وتنتهي هاتين الحكومتين إلى الأبد.
كيف تقيم موقف مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، من النزاع بين الحكومتين؟ وهل يمكنها الاعتراف بشرعية حكومة باشاغا؟
السيدة ستيفاني بحكم منصبها لا تستطيع مخالفة قرارات مجلس الأمن الدولي؛ لأن مجلس الأمن الدولي يعترف بحكومة الدبيبة كسلطة تنفيذية اختارها ملتقى الحوار السياسي، وحصلت على ثقة مجلس النواب، بالرغم من وجود خلل كبير في نزع الثقة عن هذه الحكومة من قِبل مجلس النواب، مخالفا بذلك الإعلان الدستوري، وقرارات مجلس الأمن. لذا هذه الحكومة ما زالت مستمرة، والسيدة ستيفاني ما زالت تعترف رسميا بحكومة الوحدة الوطنية، ولا تعترف بحكومة الاستقرار التي شكّلها مجلس النواب، لأن تعيين هذه الحكومة تم بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، والاتفاق السياسي الليبي، وبالمخالفة لمقترحات فبراير أيضا؛ فهذه الحكومة عليها شبهات كثيرة، ولو أن القضاء الإداري حكم في القضية التي رُفعت ضد مجلس النواب في دائرة استئناف مصراتة لتم إنهاء عمل هذه الحكومة، لكن مع الأسف هناك تأثير سلبي على القضاء، خاصة بعد أن قام السيد عقيلة صالح بتغيير المجلس الأعلى للقضاء، وإصدار قانون معيب وتعطيل الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، هو ما أربك المشهد القانوني لهذه الحكومة وأوضاعها؛ فما تسمى بحكومة الاستقرار "ولدت ميتة"، ومهما قدمت من أعمال فلا أعتقد أن لديها أي حظوظ في الاستمرار، وربما لو نجحنا في إقرار القاعدة الدستورية سننهي هذا الإشكال نهائيا.
برأيكم، هل يسعى باشاغا لإحراج الدبيبة وإرسال رسالة لطمأنة الكتائب المسلحة في طرابلس حال تخليهم عن الدبيبة، كما يقول البعض؟
البداية التي بدأ بها باشاغا غير مطمئنة لكل الكتائب المسلحة في المنطقة الغربية؛ فقد صرّح بأنه جاء بحكومة "لإنهاء الفساد" في ليبيا، ولوضع سلطة توافقية لاستقرار البلاد، ومع الأسف رأينا حكومته تُشكّل من 38 حقيبة وزارية في مقابل 36 للدبيبة، ورأينا أن الوزارات السيادية كلها تحت سيطرة مجرم الحرب خليفة حفتر، مثل وزارتي الدفاع والمالية، ورأيناه يدمج وزارة التخطيط مع المالية، وهو ما يعتبر بيئة خصبة للفساد، لذلك لا توجد رسائل طمأنة، وضاعت فرص نجاحه تماما؛ فتشكيلة الحكومة التي أخرجها باشاغا - على الرغم من كونه من صقور «فجر ليبيا» وصقور «بركان الغضب»، والدبيبة يُحسب على نظام الحكم السابق (نظام القذافي) - جعلت حظوظ الدبيبة لدى الكتائب المسلحة في طرابلس أكثر من باشاغا، لأن باشاغا جاء بمَن هاجمهم وقاتلهم وأعطاه وزارة الدفاع، ووزارة المالية، وأعطاه "نائبي رئيس الوزراء"، والحقيقة أن هذه الحكومة ضاعت، ولا يستطيع باشاغا أن يُطمئن الكتائب المسلحة بهذه التشكيلة ولن تُقبل منه.
ما رؤيتكم لعرض باشاغا النفط الليبي على الغرب وأوروبا كتعويض للنقص في إمدادات الغاز الروسي؟
الجميع يعلم أن باشاغا لا يحظى بتأييد أي دولة، حتى مصر لم تعلن رسميا اعترافها به، والدولة الوحيدة التي اعترفت به هي روسيا، وهي دولة ضعيفة حاليا لأنها مُحاصرة، أما عن تعويضه للنقص في إمدادات النفط فهذا "هراء"؛ فليبيا لا تستطيع تعويض النقص بسبب صعوبة الإمكانيات الفنية لإنتاج النفط الليبي؛ فليبيا في أفضل ظروفها تنتج مليون ومائتي ألف برميل، وهذه قيمة لا تعوض النقص، وتحتاج ليبيا على الأقل من 4 إلى 6 سنوات أخرى لترفع إنتاجها إلى 2 مليون برميل، وذلك بعد إعادة تأهيل الآبار، وتأهيل المناطق المستكشفة، وإعدادها وإدخالها على الإنتاج، كل ذلك يحتاج لوقت، والمناطق المنتجة حاليا تحتاج إلى صيانة، والغرب يعرف جيدا أن باشاغا لا يملك القدرة الفنية على رفع الإنتاج؛ فنقص الإمداد الروسي يصعب تعويضه إلا بإيجاد بدائل للطاقة مثل الطاقة الشمسية بشكل سريع، وقد صرّح باشاغا بأنه بصدد تقديم عروض للاستثمار في الطاقة الشمسية في ليبيا، وهو ما يحتاج من عامين لثلاثة أعوام حتى يصل الإنتاج لأوروبا؛ فهذه المغازلة التي يطلقها باشاغا الآن مردودة ولن تؤتي أكلها.
هل هناك مؤشرات لانتخابات قريبة في ليبيا؟
لا توجد أي مؤشرات لإجراء انتخابات قريبا في ليبيا لعدة أسباب: أولها أن المفوضية العليا للانتخابات تحتاج لإعادة تشكيل، لأن هناك حكم من محكمة استئناف مصراتة بأن رئيس المفوضية العليا للانتخابات لا يحمل الصفة التي تؤهله لرئاسة هذه المفوضية، وأعتقد أن أقرب وقت لإجراء الانتخابات هو 2023 في حال حدث توافق بين مجلسي الدولة والنواب لإخراج مجلس إدارة جديد للمفوضية العليا، وأيضا القوانين والقاعدة الدستورية تحتاج لتعديلات، وغير ذلك.
كما أن عدم توحيد المؤسسة العسكرية يؤثر سلبا على الانتخابات القادمة، ولو تم التوافق على القوانين، والقاعدة الدستورية - كما حدث في انتخابات 2014 - بأن تكون هناك "هدنة"، وأن يُسمح بفتح مراكز الاقتراع في جميع أنحاء ليبيا، كما أن الانتخابات تحتاج لمراقبة دقيقة لكي نمنع التزوير، أو التلاعب بنتائج هذه الانتخابات.
ما قراءتكم لطبيعة الدور الذي يلعبه المجلس الرئاسي بخصوص الأزمة الراهنة؟
المجلس الرئاسي ضعيف جدا، وكنّا نتوقع أن يقوم بدور أفضل من هذا، لكنه لم يحرك ساكنا، وقد عرضنا عليه الأفكار بأن يجري مصالحة سياسية بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، أو على الأقل أن يلتقي تحت رعايته رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة، ولكن مع الأسف المجلس الرئاسي لم يقم بالمهام المنوطة به، وهي المصالحة الوطنية. لذا فدوره ضعيف للغاية، ولا يمكنه تجميد عمل المجلسين حال تأزم الأوضاع كما يقول البعض، ولن يقبل منه ذلك، لأنه لم يُقدم شيء ليحصل على دعم شعبي لمثل هذه القرارات.
لقد رأيناه من قبل يعقد اجتماعات ومشاورات، لكنه مع الأسف انغلق على نفسه، وطالته عدوى الانقسامات من المؤسسات الليبية الأخرى، كما أن الوضع القبلي والاجتماعي أثّر على رئيسه، وهناك مخالفات كبيرة، منها على سبيل المثال: أن المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للجيش، بمعنى أن تأتمر كل القوات بأمره، فلم نرى منه أي عمل في هذا الجانب، وفي يوم 16 أيار/ مايو المقبل سيكون هناك استعراض عسكري كبير في المنطقة الشرقية؛ فهل تم أخذ الإذن منه في ذلك؟، وهل سيتم الاستعراض برعايته؟، وهل سيحضر هذا العرض من الأساس باعتباره منسق هذا العرض؟، مع الأسف المجلس الرئاسي ضعيف ولن يقبل منه عملا مثل هذا.
إلى أي مدى تعتقد أن يشهد عام 2022 نهاية الأزمة الليبية؟
عام 2022 ربما يكون بداية حل الأزمة، خاصة مع قرب انعقاد الاجتماع بين السلطات المصرية والمجلس الأعلى للدولة؛ فكما تعرفون أنه لم يكن هناك أي زيارة لرئيس المجلس الأعلى للدولة أو رئيس المؤتمر الوطني العام، والسلطة التشريعية في المنطقة الغربية بشكل عام لم تقم بأي زيارة إلى مصر؛ فهذه أول زيارة، وربما تساهم هذه الزيارة في عملية حلحلة الأزمة، وربما نقطف ثمار ما تم إعداده في 2022 خلال عام 2023 بعد عملية تضييق الهوّة بين الأطراف.
وكما صرّحت السلطة المصرية بأنها تريد حل سريع للأزمة في ليبيا؛ حتى تحظى الحدود الغربية لها بالاستقرار؛ فأعتقد أن 2022 سيكون فيه حل الأزمة إذا نجحت المفاوضات بين مجلس الدولة والسلطة المصرية، وبين مجلس الدولة ومجلس النواب، وإذا تم إعداد القوانين اللازمة والقاعدة الدستورية، وحل المسار الدستوري بصفة عامة سيجعل هناك حل نهائي في 2023.
"عربي21" تحاور مستشار وزير الاقتصاد حول أصول ليبيا بالخارج