توقع كبير الاقتصاديين بمجموعة "رينيسانس كابيتال" للاستثمارات المالية، تشارلز روبرتسون، "ارتفاع التضخم في مصر من متوسط 7 بالمئة في 2021/2022 إلى 8.6 بالمئة في 2022/2023، وهو الأمر الذي يزيد من خطر حدوث انخفاض في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 35 بالمئة إلى 40 بالمئة؛ وهذا يزيد من فرص التغيير السياسي".
واستبعد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن تؤدي الاضطرابات السياسية المحتملة في مصر إلى الإطاحة برئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قائلا: "إذا نمت مستويات الدخل، فهناك فرصة بنسبة 84 بالمئة في أن يظل النظام السياسي في مصر دون تغيير في أي عام بعينه، وإذا انخفض الدخل؛ فستظل هناك فرصة بنسبة 76 بالمئة كل عام لأن يظل نوع النظام كما هو".
وقال روبرتسون: "البلدان التي تشترك مع مصر في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونمط النظام السياسي لديها فرصة بنسبة 2 بالمئة في سنة عادية غير تضخمية أو 5 بالمئة إذا تقلص الدخل للتحول نحو الاستبداد؛ مثل أنواع الأنظمة التي شوهدت في معظم دول الخليج، ولكن من المرجح حدوث تحول نحو الديمقراطية"، وفق قوله.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري قد أعلن مؤخرا أن التضخم السنوي لإجمالي البلاد ارتفع في آذار/ مارس الماضي إلى 12.1 بالمئة، مقابل 4.8 بالمئة للشهر ذاته من العام السابق، وسط ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، بقيادة الطاقة والغذاء.
وتأثر الاقتصاد المصري بالتبعات السلبية التي خلّفتها الحرب الروسية الأوكرانية، بارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتذبذب سلاسل الإمدادات، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما الأسباب التي دفعتك للقول بأن مصر أكثر الدول الأفريقية عُرضة لتغيير نظام الحكم فيها هذا العام؟
الأسباب تتمثل في ارتفاع التضخم والأسعار وسوء الأوضاع الاقتصادية؛ فمن المرجح أن تشهد البلدان التي لديها نفس ناتج مصر ونظامها السياسي تغييرا سياسيا في أي عام بعينه أكثر من الدول الغنية التي تحافظ دائما على الوضع السياسي الراهن.
ما هو معدل التضخم الذي تتوقع أن تصل إليه مصر بنهاية العام الحالي؟ وماذا يعني ذلك؟
نتوقع ارتفاع التضخم من متوسط 7 بالمائة في 2021/2022 إلى 8.6 بالمائة في 2022/2023. وفي المتوسط؛ يزيد هذا من خطر حدوث انخفاض في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 35 بالمائة إلى 40 بالمائة في أي بلد؛ وهذا مزيج يزيد من فرص التغيير السياسي.
اقرأ أيضا: افريكا ريبورت: مصر الأكثر عرضة لتغيير النظام بسبب التضخم
ما هو تقييمك لتعاطي الحكومة المصرية مع الأزمة الاقتصادية الحالية؟
مصر تتعامل مع الأزمة الاقتصادية بشكل جيد للغاية؛ حيث إن السماح للجنيه المصري بأن يصبح أكثر قدرة على المنافسة والسعي للحصول على دعم صندوق النقد الدولي ودول الخليج، هو مزيج ذكي من السياسات التي ستساعد في الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
هل ستساهم المساعدات المالية التي تتلقاها القاهرة من دول الخليج في مواجهة الأزمة الاقتصادية المصرية؟
سيساعد مبلغ 12 مليار دولار الذي وعدت به دول الخليج خلال الشهر الماضي في تخفيف الألم عن الشعب المصري.
إلى أي مدى أنت متأكد من أن الاضطرابات السياسية التي توقعتها ستطيح بحكم السيسي؟
لا نتوقع أن تؤدي الاضطرابات السياسية إلى الإطاحة بالرئيس السيسي؛ فإذا نمت مستويات الدخل، فهناك فرصة بنسبة 84 بالمائة في أن يظل النظام السياسي في مصر دون تغيير في أي عام بعينه، وإذا انخفض الدخل؛ فستظل هناك فرصة بنسبة 76 بالمائة كل عام لأن يظل نوع النظام كما هو، حتى لو طرأ تغيير على نوع النظام السياسي؛ فيمكن للرئيس الحكيم ضمان حدوث ذلك بطريقة خاضعة للرقابة؛ كما فعل المغرب في عام 2011؛ حيث تخلى الملك المغربي عن بعض السلطة السياسية لصالح البرلمان، لكنه احتفظ بمقاليد السلطة السياسية الأساسية في البلاد، وليست هناك حاجة لأن تشهد مصر اضطرابات سياسية.
لكن ماذا لو لجأ النظام المصري إلى الحلول الأمنية وزاد من معدل القمع في مواجهة اضطرابات سياسية محتملة؟
البلدان التي تشترك مع مصر في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونمط النظام السياسي لديها فرصة بنسبة 2 بالمائة في سنة عادية غير تضخمية أو 5 بالمائة إذا تقلص الدخل للتحول نحو الاستبداد؛ مثل أنواع الأنظمة التي شوهدت في معظم دول الخليج، ولكن من المرجح حدوث تحول نحو الديمقراطية.
اقرأ أيضا: هروب جماعي للمستثمرين من مصر.. "الأموال الساخنة تتبخر"
هناك جدل حول مدى سيطرة الجيش المصري على الاقتصاد.. ما هي أبعاد ومخاطر ذلك على الاقتصاد المصري الآن حسب رأيك؟
من الصعب الحكم على التأثير الصافي لدور الجيش في الاقتصاد؛ حيث يشير البعض إلى أن الجيش ينجز الاستثمارات - في المجالات التي يتردد فيها القطاع الخاص في المخاطرة - لذلك فإن هذا يدعم الاقتصاد، ويشير آخرون إلى أن الجيش "يقصي" ويقلل من استثمارات القطاع الخاص، وعلى المدى القصير إلى المتوسط (على سبيل المثال بضع سنوات)؛ يمكن للجيش أن يلعب دورا مفيدا. وعلى المدى الطويل؛ يعتبر القطاع الخاص الأكثر أهمية، لأن هدفه الأساسي هو تحقيق النجاح الاقتصادي، في حين أن الهدف الأساسي للجيش هو الأمن القومي.
ما هي نصائحكم للحكومة المصرية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية؟
نحن لا نقدم المشورة بشأن ما يجب أن تفعله الحكومات أو البلدان؛ نحن نحلل فقط نتيجة خيارات السياسة المفتوحة لهم، ونشك في أن الحكومات المصرية ستواصل دعم الخبز وتوفر مدفوعات نقدية للأسر ذات الدخل المنخفض، وهذا سيجعل من الصعب خفض عجز الميزانية والدين العام، لذلك فإن الضرائب المرتفعة أمر لا مفر منه على المدى الطويل، أيًّا كان المسؤول عن مصر.