نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا كشفت فيه عن تقديم بريطانيا مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب البريطانيين لشركات لا تزال تعمل في روسيا، مضيفة أن الحكومة تدعم بطريقة غير مباشرة الجهود الحربية الروسية.
وكشفت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن الحكومة وقعت عقودا بملايين الجنيهات مع هذه الشركات أثناء الحرب في أوكرانيا. ولدى الحكومة البريطانية عقود فاعلة مع 15 شركة متعددة الجنسيات بقيمة 294,803,502 جنيه، لا تزال تتعامل مع روسيا، وذلك بحسب تحليل قامت به الصحيفة.
وطلب من الوزراء قطع العلاقات مع هذه الشركات وإلغاء العقود الموقعة. وأنهت أكثر من 600 شركة أعمالها في روسيا منذ بداية الحرب إلا أن هناك 214 شركة تواصل حضورها الاقتصادي في البلاد، وذلك بحسب بحث أجرته جامعة ييل.
وقال جون لو، الزميل المشارك في برنامج روسيا ويوريشيا في تشاتام هاوس في لندن: "تعمل هذه الشركات على الحد من تأثير الرد الغربي الموحد على الحرب"، مضيفا أن من "الغرابة" استمرار شركات متعددة الجنسيات في التعامل التجاري مع البلد.
وحذرت النائبة الأوكرانية ليزيا فيسالينكو من أن استمرار عمل 15 شركة في روسيا تتلقى أموالا من الحكومة البريطانية هي بمثابة دعم غير مباشر لآلة الحرب الروسية. وقالت: "تواصل الحكومة تمويل هذه الشركات التي تساهم في ميزانية الكرملين والذي يستخدم المال لقتل الأوكرانيين" و"هذا ليس منطقيا".
وقالت النائبة الأوكرانية: "كل قرش يذهب إلى ميزانية الكرملين، سواء كان ضرائب، استثمارات أو أي شكل هو قرش ينفق على قتل الشعب الأوكراني، وهم لا يستخدمون المال لتحسين أوضاع الروس ولكن لتدمير حياة الأوكرانيين".
اقرأ أيضا: روسيا تحظر دخول جونسون و12 مسؤولا بريطانيا إلى أراضيها
ومرر البرلمان الأوكراني مسودة مشروع يهدف لفرض ضرائب عالية على الشركات المرتبطة بروسيا وكذا العاملين فيها الذين يتعاملون مع روسيا. ودعت فيسالينكو إلى مشروع مماثل يمرره البرلمان البريطاني، قائلة: "يجب على الحكومة البريطانية فرض ضرائب عالية على تلك الشركات التي لم تغادر الأسواق الروسية بعد".
وقال الممول البريطاني-الأمريكي المستثمر الأكبر في روسيا حتى عام 2005 والذي تعرض لهجمات متكررة من الكرملين إن على بريطانيا "عدم مواصلة أي عمل حكومي مع الشركات التي ترفض مغادرة روسيا". وقال: "أي طرف يواصل إدارة أعمال مع روسيا يقوم بقتل المدنيين الأوكرانيين بطريقة غير مباشرة".
وذكرت الصحيفة أسماء الشركات الممولة من بريطانيا، وهي: أمغين، بيرو فيريتاس، كيبلا، كلاودفير، إي دي أف، إنجي، غيدون ريتشر، أتش آي بي بي، ليغراند، لينوفو، أورانو، بيلكينغتون، سيغنيفاي، ثيسنكراب، وفيوليا.
وتم منح عقود لهذه الشركات التي تغطي مجالات متعددة، عبر مؤسسات الحكومة في وايتهول والكيانات الحكومية المحلية والمؤسسات العامة والمدنية ومؤسسة الخدمة الصحية الوطنية. وتشمل الخدمات التي تقدمها هذه الشركات: التفتيش الهندسي والعمل في منشآت البناء وصيانة وإصلاح المعدات الطبية وخدمة وصيانة المصاعد وقياس كفاءة الهواء المحلي وتوصيل خدمات الغاز والكهرباء.
وفي حالة كل من أمغين وأتش آي بي بي وغيدون ريتشر وكيبلا وسيغنيفاي، فإنها حصلت على الدعم عبر عقود متعددة لا تحدد قيمة ما حصلت عليه كل شركة، ولم تتمكن الصحيفة في تحليلها من تقدير قيمة العقود البريطانية، ما يعني أن الرقم 294,803,502 جنيه هو مجرد تقدير وربما كان الرقم أعلى. وقدمت الحكومة عقودا بقيمة 17,348,911 جنيها على الأقل لكل من فيوليا وإي دي أف وإنجي وبيرو فيريتاس أثناء الحرب.
وفي عقد يعد الأكبر أثناء الحرب، منحت وزارة الدفاع شركة إي دي أف، وشركة الغاز الفرنسية عقدا قيمته 7,881,620 جنيها وانتهى عقد الانبعاثات القابلة للتداول بعد ستة أيام. وفي العام الماضي، وقّعت شركة إي دي أف عقدا مع شركة الطاقة المملوكة من الدولة الروسية روس أتوم، من أجل الترويج لمشاريع الطاقة النظيفة في روسيا وأوروبا. ولدى إي دي أف علاقات عقود مع روسيا تتعلق بالطاقة ومشاريع البناء وعمليات المفاعلات النووية.
اقرأ أيضا: الغارديان: بريطانيا تفتح المخابئ لتخزين أسلحة نووية أمريكية
وحاليا، يوجد لدى الحكومة البريطانية 12 عقدا فاعلا مع إي دي أف يصل مجموعها إلى 4,862,796 جنيها. ولدى شركة إنجي المزودة بالطاقة علاقات مع "غازبروم" الروسية وتواصل الالتزام بعقود مع شركة الغاز المملوكة من الكرملين “لمنح الأولوية لأمن تزويد الطاقة للعملاء”. ولدى الشركة المتعددة الجنسيات 14 عقدا فاعلا تصل إلى 201,033,496 جنيها، وأحدها حصلت عليه من مجلس محلي لانكشاير في 28 آذار/ مارس.
وحثت ليلى موران، من الديمقراطيين الأحرار والمتحدثة باسم الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، الوزراء على قطع علاقاتهم مع الشركات التي تواصل عملياتهم في روسيا "حتى نجفف خزينة بوتين ونوقف الغزو" بحسب قولها، وأضافت: "نحن بحاجة لإرسال هذه الرسالة بأنه لم يعد هناك مجال للعمل كالمعتاد. هذا أمر مشين، ففي الوقت الذي تواصل فيه آلة حرب بوتين تدمير المدن الأوكرانية، تواصل الحكومة البريطانية التعامل مع شركات مرتبطة بروسيا ومن أموال دافعي الضرائب".
ويأتي الكشف عن العلاقات التجارية البريطانية مع الشركات التي لا تزال تعمل في روسيا وسط تحضير المسؤولين الأوروبيين لخطة منع مرحلي للمنتجات النفطية الروسية.
وبدأت بريطانيا والولايات المتحدة بتخفيف اعتمادهما على النفط الروسي من أجل وقف استيراده بالكامل. وقال البرتش ريتسشل، أستاذ تاريخ الاقتصاد في مدرسة لندن للاقتصاد: "المال الروسي في كل مكان، ويدفعه التصدير الضخم للنفط والغاز والحديد وكل ما تحصل عليه. وأصبحنا مدمنين على هذا، وهو جزء مهم من القوة الروسية الناعمة، فهل سنفطم أنفسنا عنه؟ الزمن هو الحكم، ومن الأفضل عمل ذلك ولكنه مكلف".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية: "كنا واضحين من البداية في أن المال العام لن يدعم آلة بوتين الحربية" و"يجب على الشركات التفكير بحذر حول استثماراتها في روسيا وإمكانية دعمها لبوتين ولا توجد حالة عن استثمارات جديدة في روسيا".
وطلبت الصحيفة ردا من الشركات الـ15، ردت خمسة منها مع نشر التقرير وهي سيغنيفاي التي قالت إنها أوقفت كل العمليات الجديدة وتواصل مراجعة الوضع اللوجيسيتي ومضطرة في الوقت ذاته للوفاء بالإجراءات القانونية المتعلقة ببعض العقود.
وقالت ليغراند إن عملياتها مع روسيا تمثل أقل من نسبة 2 بالمئة من مبيعاتها الدولية وأنها أوقفت استثماراتها في روسيا مع بداية الحرب وأي نشاطات مرتبطة بالعقوبات المفروضة على البلد. فيما قالت شركة كلاودفير إنها لم تفتح مكتبا لها في روسيا ولم تدفع ضرائب هناك وأنها تدير عمليات تجارية بالحد الأدنى. وقالت ثيسنكراب إن عملياتها التجارية في روسيا لا قيمة لها وإنها ملتزمة بالعقوبات وأوقفت كل عمليات الاستحواذ في روسيا. وقالت أورانو إنه ليس لديها وحدات تجارية أو تدير مناجم يورانيوم في روسيا وإن عملها التجاري هناك محدود. وأوقفت منذ نهاية شباط/ فبراير كل عمليات النقل الجديد للمواد النووية سواء من أو إلى روسيا وليس لديها خطط نقل بالإنابة عن أورانو.
لماذا تبحث الأوليغارشية الروسية عن موطئ قدم في تركيا؟
WP: وزير الدفاع الروسي رفض محادثة نظيره الأمريكي مرارا
صحيفة روسية: كيف تحوّل زيلينسكي إلى "غيفارا" جديد؟