توقع الكاتب جيفري كلايف في مجلة "نيوستيتمان" أن يعزز صعود اليمينية المتطرفة مارين لوبان إلى الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية وضعية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال إن روسيا تخسر في ساحة المعارك لكن الأحداث السياسية التي تجري في أماكن أخرى تصب في صالح بوتين. وأضاف أن الدرس الذي تعلمه بوتين من الحرب التي مضى عليها ستة أسابيع "لا تلعب مع أوكرانيا" فبحسب إحصائيات الناتو، خسرت القوات الروسية حوالي 15.000 جندي منهم سبعة جنرالات.
وتوقع بوتين السيطرة على العاصمة الأوكرانية في وقت سريع، إلا أن الأدلة الأخيرة عن سحب قواته من حول العاصمة كييف وتركيزها في الشرق تشير أكثر إلى فشل قواته في السيطرة على مدن كبرى في أوكرانيا. وهناك أدلة عن غياب الإنضباط بين جنوده وهبوط معنوياتهم ومشاكل في الدعم اللوجيستي. وكما كتب لورنس فريدمان فلو فشلت قواته مرة أخرى في الشرق فإنه قد يقرر سحب قواته بالكامل بحلول 9 أيار/مايو.
ومن جانب آخر منحت الحرب أوروبا عزيمة جديدة ووحدة. وعزز الناتو من وجوده في المناطق الشرقية. وتقترب فنلندا والسويد من الإنضمام للحلف. وتلاشت الفكرة الآن عن بوتين كعقل استراتيجي مدبر.
ومن المغري النظر إلى الصورة الدولية التي باتت واضحة عن فشله وخزيه. لكن محاولة التفكير بهذا قد تكون في إطار التمنيات. فلو نظرت إلى أماكن أخرى لرأيت أن الأحداث تجري في صالحه.
والمثال الأوضح هي فرنسا، التي كان الرئيس إيمانويل ماكرون على حافة تأمين المكان الأول في انتخابات 10 نيسان/إبريل، إلا أن حظوظ لوبان قد تحرمه من الجولة الثانية وتؤمن الرئاسة في 24 نيسان/إبريل. وأشار استطلاعان نشرت نتائجهما الأحد إلى أن ماكرون فاز بنسبة 54 مقابل 49 بالمئة و51- 49 بالمئة. ووضعت مجموعة يوريشيا، مؤسسة تقدير المخاطر نسب فوز لوبان بـ 30%.
وفي ضوء ما تعنيه الرئيسة لوبان لأوروبا فالاحتمالات رهيبة. وربما لم تعد زعيمة اليمين تطالب باستفتاء على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي، إلا أن نظرة فاحصة لبرنامجها الإنتخابي 2022 يقترح اختيار فرنسا أي نوع من القوانين الأوروبية التي تريد تطبيقها. كما أنها تدعو في برنامجها هذا إلى معارضة فرنسا أوروبا لأي اتفاق أوروبي في مجال الهجرة والزراعة والتغيرات المناخية والعدل. وكما استنتج إيان بوند وجون سبرنيغفورد من مركز الإصلاح الأوروبي فـ"التداعيات ستكون فوضى سياسية".
وتريد لوبان الانسحاب من البنية العسكرية المتكاملة في الناتو. فمحاولتها إبعاد نفسها عن بوتين هي تعبير عن الإعجاب المتبادل بينهما. وفي حوار قديم مع قناة "بي بي سي"، قالت لوبان: "السياسات التي أمثلها هي تلك التي يمثلها بوتين". فموقف فرنسا لوبان والموقف الذي يمكن أن تتخذه من أوكرانيا أنذرت به هنغاريا وفوز رئيس وزرائها فيكتور أوربان الذي فاز بفترة رابعة في 3 نيسان/إبريل. ومثل لوبان فقد حاول التقليل من علاقاته مع بوتين أثناء الحرب. ومنذ فوزه بدأ يعرض نفسه على أنه الحليف الوحيد لبوتين في أوروبا.
وخالف الحلفاء الأوروبيين باستعداده لدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل ومعارضته لفرض عقوبات على استيراد الطاقة من روسيا. ومن المفترض قيام لوبان التي تشعر بنشوة الفوز بالتحرك نحو الكرملين. إلا أن هنغاريا ليست فرنسا، فالأولى صغيرة وتقع على الهامش الأوروبي، أما فرنسا فهي واحدة من عمادين للاتحاد الأوروبي. فالتحول ضد العقوبات وعن دعم أوكرانيا في باريس سيكون أخطر من سياسات نابعة من بودابست.
وتمنح دول أخرى مهمة في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا أسبابا لبوتين وتشعره بالفرح. فالدولة الفدرالية التي تقودها حكومة يسار- وسط بزعامة أولاف شولتز قدمت ردا مدهشا على الحرب الأوكرانية، يعد نقطة تحول في تاريخ ألمانيا، حيث زادت من نفقاتها الدفاعية وقتلت بشكل فعلي مشروع نورد ستريم2 وأنهى الرد الحظر الذاتي على إرسال الأسلحة لمناطق الحرب.
وفي الوقت الذي كان فيه الجانب الدفاعي نقطة تحول إلا أن برلين ترددت في الأسابيع الأخيرة بشأن الطاقة وتزويد أوكرانيا بالمعدات الثقيلة. فقد رفضت الحكومة الفدرالية إرسال الدبابات لكييف، وضخت ملايين اليوروهات يوميا في خزينة الكرملين من خلال شراء الغاز والنفط والفحم الحجري.
كل هذا يجعل من سيناريو فوز لوبان خلال أسبوعين مثيرا للقلق الشديد. وفي حالة فوزها فإن الاتحاد الأوروبي سيخسر عمادا له، وستقع المسؤولية على ثلاث دول كي تحافظ على وحدته وهي ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. فجرأة وعزم ألمانيا تظل محلا للتساؤل، وفي إسبانيا وإيطاليا هناك جماعات على شاكلة لوبان تنتظر فرصتها.
اقرأ أيضا: لوبان: بورقيبة منع الحجاب في الجزائر.. وسخرية (شاهد)
وربما أنتجت انتخابات إيطاليا العام المقبل تحالفا من جماعات اليمين "إخوة إيطاليا" وأحزاب الرابطة. وفي إسبانيا، حصل الحزب المتطرف "فوكس" على دعم بنسبة 20%، وعبر الحزب الشعبي الحاكم عن استعداد للحكم معه. وستشهد إسبانيا انتخابات في العام المقبل أيضا. وكل هذه مقدمة لما سيجري على الساحة العالمية، فهناك إمكانية لتأمين دونالد ترامب ولاية ثانية في انتخابات 2024.
لا تلعب مع أوكرانيا، هذا هو الدرس، لكن الواحد يمكنه التلاعب مع الغرب وقيمه الجمعية والإفلات من العقاب، حتى لو كان هذا الشخص عاجزا وفاسدا وواهما مثل بوتين. وفي وقت يقوم فيه الجنود بارتكاب المذابح في المدن والبلدات والقرى الأوكرانية، يتقدم حلفاء أسيادهم في الغرب. أما الدول التي يفترض أنها تقوم بحراسة المتاريس في لندن وبرلين وبروكسل فلم تقدم إلا تضامنا غير كامل. وعبر الشاعر ييتس عن هذا الوضع عندما قال إن "الأفضل ليس لديه أي اعتقاد، أما الأسوأ فهو مليء بالعاطفة الشديدة".
إكسيوس: غالبية الروس يدعمون بوتين في حربه على أوكرانيا
WP: الشعبويون اليمينيون بأوروبا يتقدمون رغم حرب أوكرانيا
عقوبات أمريكية على ابنتي بوتين.. من هما كاترينا وماريا؟