وسط بوادر متزايدة عن نشوب أزمة سياسية وحزبية في دولة الاحتلال، ظهرت احتمالات بإجراء المزيد من الانتخابات المبكرة، مما سيشكل كارثة للاستراتيجية والمستشارين الإعلاميين الذين أطلقوا كل ذخيرتهم في الحملات السابقة، في حين أن الشخص الوحيد الذي سيكون مرحبا بهذه التطورات هو زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو.
مع العلم أن ظهور هذه الأزمة السياسية، وبهذا الوقت المبكر، يعني دعوة سريعة لاستنفار المخططين الاستراتيجيين للأحزاب الإسرائيلية لمزيد من التحرك، لأنه في حالة تفكك التحالف بالفعل، واتخذت القرارات بالدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، فإنهم سيدخلون في حالة من الشد والجذب، وترقب استطلاعات الرأي، رغم أن إلقاء نظرة سريعة على الحملات الانتخابية الأربع السابقة خلال السنوات الثلاث الماضية يوضح أنهم قالوا كل شيء، فالسياسيون هم أنفسهم، واستطلاعات الرأي نفسها تقريبًا، وما زالت النصوص التي قيلت في الماضي تُقال حتى اليوم، فما الذي يمكن أن يبتكره المستشارون السياسيون والإعلاميون اليوم.
باروخ لاشيم المحاضر في قسم السياسة والاتصال بكلية هداسا، ذكر في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "إجراء أي انتخابات مبكرة في هذه الآونة سيكشف عن حقيقة نفتالي بينيت، رئيس الحكومة، الذي يظهر حاكما في اللقب فقط، لكنه عارٍ في أفعاله السياسية، مع حزب هش، بدون قاعدة شعبية واسعة، ولا إنجازات حقيقية، فالهجمات الفلسطينية تباغتنا، وكورونا ما زال معنا، والوساطة الروسية الأوكرانية فشلت، مما يجعله يشعر بالاختناق، وحق له ذلك".
وأضاف أن "إخفاقات بينيت المتلاحقة أكدت على رسالة لم تتغير، ولو شبرًا واحدًا، طيلة عشرة أشهر من حكمه، وهي أن إسرائيل قوية فقط مع بنيامين نتنياهو، لأن نشطاء حملته هم الوحيدون الذين لن يضطروا لكسر رؤوسهم، في حين أن مستشاري بينيت سيجدون صعوبة في كيفية تسويقه للجمهور، لأن إستراتيجيتهم السابقة قامت على تقديمه ورفاقه بأنهم يمينيون يستقطبون الجمهور المركزي، لكن اليوم يظهر بينيت دون قدرة على الادعاء بذلك، وسط حالة استعداء له من قبل المستوطنين".
الشعور السائد في دولة الاحتلال اليوم أنه في حال تم اتخاذ قرار بحل الكنيست، والذهاب إلى انتخابات مبكرة، فلن يُنظر إلى بينيت كرئيس للوزراء في الوعي الإسرائيلي العام، لأنه لم يعبر في أي استطلاع السقف الزجاجي في حده الأدنى، وسيكون بحاجة لجماهير مستهدفة إضافية، بعد أن كان شعاره في الانتخابات الأخيرة "حان الوقت لتشكيل حكومة عاقلة"، لكن هذا الشعار لن يصلح لأن يكون كلمة المرور المطلوبة للفوز بالانتخابات المقبلة.
المشكلة التي يواجهها بينيت اليوم، ويستغلها نتنياهو، أنه بعد أي انتخابات مبكرة قد تشهدها دولة الاحتلال، فإن هذه الحكومة لن يشتريها أحد، لأنها تسببت بظهور فجوة في الرأي العام تجاهها، الأمر الذي يعبد الطريق لهبوب عاصفة باتجاهها لن تجعل أياً من وزرائها بمأمن من عواقبها، رغم محاولة بينيت مؤخرا تحقيق اختراق إعلامي مع بيني غانتس حول الموافقة على بناء آلاف الوحدات السكنية في الضفة الغربية، لكن من المشكوك فيه أن يكون هناك وحدة سكنية استيطانية واحدة ستدعمه.
اقرأ أيضا: بينيت يهاجم عباس ويتهمه بالتشجيع على تنفيذ "العمليات"
في الوقت ذاته، فإن غانتس، ورغم الانتقادات الموجهة ضده بسبب تعرجاته السياسية وتعثراته اللغوية وقلة حنكته التي صاحبت دخوله السياسة، فربما يتضح أنه الناجي الوحيد من بين الجنرالات الثلاثة في قمرة القيادة لحزب "أزرق- أبيض"، مما قد يجعله أكثر من سواه قدرة على تسويق نفسه مع أي وسط سياسي جديد قد ينشأ في حال إجراء انتخابات مبكرة، بما في ذلك معسكر اليمين، وفيما أراد أفيغدور ليبرمان أن يكون "يسرائيل بيتنا" حزباً لكل اليهود، لكن من الواضح أنه لا يزال يمثل فقط الأعضاء السابقين في الاتحاد السوفياتي، أما بيتسلئيل سموتريتش فهو المستفيد من المحبطين من معسكر اليمين.
بينيت يهاجم عباس ويتهمه بالتشجيع على تنفيذ "العمليات"
حكومة بينيت تواجه خطر الانشقاقات والهجمات الفلسطينية
هجوم إسرائيلي على فشل الإعلام العبري بتغطية الهجمات