كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة، عن دوافع الزيارة التي كان من المقرر أن يجريها رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إلى طهران، الأحد، والتي ألغيت بشكل مفاجئ بعد يوم واحد من إعلان عزمه إجراءها.
وقال مكتب الحلبوسي، السبت، إن "زيارة رئيس البرلمان إلى إيران تأجلت بسبب التزامات دستورية ونيابية للجانبين، فضلا عن ظهور عارض صحي لرئيس مجلس الشورى الإيراني".
جاء ذلك بعد إعلان الحلبوسي، الجمعة، نيته زيارة طهران؛ تلبية لدعوة رسمية من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف وصلته في كانون الثاني/ يناير 2022، وكان مقررا أن يلتقي خلالها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وعددا من المسؤولين.
توقيت الزيارة
وأفادت مصادر عراقية، طالبة عدم الكشف عن هويتها خلال حديث لـ"عربي21"، بأن "إلغاء زيارة الحلبوسي إلى طهران جاء بطلب إيراني، السبت، دون معرفة الأسباب، وذلك بعدما عزم تنفيذ الزيارة الأحد، لكنه جاء في توقيت حساس بالنسبة للمشهد السياسي في العراق".
وأوضحت أن "إلغاء الزيارة جاء بعدما أفشل حلفاء إيران -الإطار التنسيقي الشيعي والاتحاد الوطني الكردستاني- اكتمال نصاب جلسة البرلمان، السبت، التي كان مرشح التحالف الثلاثي (التيار الصدري، حزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة السني) ضامنا الفوز بمجرد انعقادها، كونه يمتلك الأغلبية".
وأشارت المصادر إلى أن "الحلبوسي أراد إجراء زيارة إلى إيران في هذا التوقيت بسبب التهديدات التي صدرت من قادة المليشيات الشيعية الموالية لإيران باستهدافه؛ ردا على مضيه في التحالف الثلاثي مع التيار الصدري وحزب البارزاني، لأن الدعوة وجهت إليه منذ شهرين".
وأكدت أن "الحلبوسي قرر الاستجابة للدعوة الآن بعد تصاعد التهديدات ضده، حيث كان ينوي اصطحاب زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر إلى طهران، للتباحث مع الجانب الإيراني في التهديدات التي تطال السنة ومدنهم من المليشيات الموالية لإيران".
ولفتت المصادر إلى أن "الحلبوسي والخنجر كانا يريدان من إيران الضغط على المليشيات الموالية لها لإيقاف أي هجمات محتملة قد تطال المحافظات السنية وقادتها، كما حصل من قصف لمنزل رئيس البرلمان بمنطقة الكرمة في الأنبار، في 25 كانون الأول/ يناير الماضي".
وجاء إعلان إجراء الزيارة بعد يومين من تهديدات أطلقها المدعو أبو علي العسكري، القيادي في حزب الله العراقي، الذي دعا إلى نشر المليشيات في الأنبار، مؤكدا أنه يراقب تحركات الحلبوسي و"التوجيهات التي تأتيه من خارج الحدود".
كما أعلن شبل الزيدي، زعيم "مليشيا كتائب الإمام علي"، الخميس، أن القيادات السنية إذا لم تعد حساباتها السياسية بشكل واضح، فثمة فواتير يجب سدادها، في إشارة إلى إصرار تحالف "السيادة" بقيادة الحلبوسي والخنجر المضي مع التحالف الثلاثي لتشكيل حكومة الأغلبية.
اقرأ أيضا: هذه أهمية "المستقلين" في انتخاب رئيس جديد للعراق
رسالة للحلبوسي
وفي تعليق على إلغاء زيارة رئيس البرلمان العراقي المفاجئ إلى إيران، قال الباحث في الشأن السياسي، أحمد المنصوري، لـ"عربي21"، إن "إلغاء زيارة الحلبوسي إلى إيران كان بمثابة رسالة موجهة للأخير بأنه لم بعد مرغوبا به بعد إصراره على المضي مع التحالف الثلاثي".
وأضاف المنصوري أن "إيران من أتت بالحلبوسي إلى منصب رئيس البرلمان في الدورة البرلمانية الماضية، وأن توجيه دعوة لزيارة طهران هو أمر بروتوكولي؛ لأنها جاءت بعد انتخابه مباشرة لدورة ثانية، وأن إيران كانت أساسا ممتعضة من إعادة انتخابه، كونه انقلب عليها".
ولفت الباحث إلى أن "إيران تنظر اليوم إلى التحالف الثلاثي على أنه تابع للمحور الأمريكي في المنطقة، وخاضع لتوجيهات دولة الإمارات، بل الأكثر من ذلك أن نوابا من قوى الإطار التنسيقي أكدوا قبل مدة أن طهران أبلغت التحالف الثلاثي أنه يهدد أمنها القومي".
وفي السياق ذاته، قال أستاذ العلوم السياسية العراقي، الدكتور معتز النجم، لـ"عربي21"، إن "من المؤكد عدم تخلي إيران عن الفصائل المسلحة، على اعتبار أنها أذرعها الفعالة، سواء في العراق أو المنطقة".
وأضاف النجم أن "إلغاء الزيارة جاء من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية الحالية في البلد، وأن الذهاب نحو التوافق هو الحل الأفضل في العراق"، لافتا إلى أن "جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تأجلت إلى الأربعاء المقبل، وبالتالي فإن وجود الحلبوسي في العراق فاعل وقوي".
وأردف: "أما التعاطي مع العامل الإقليمي من أجل تشكيل الحكومة العراقية، فقد فشل، وذلك بعد زيارات مكوكية من قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، ذلك لأن إيران تريد أن تلعب على وتر المذهب، ولا تريد تشتيت البيت الشيعي الذي عملت على توحيده منذ عام 2003".
وأعرب النجم عن اعتقاده بأن "تأجيل الزيارة لم يكن سوى أمر بروتوكولي، وكذلك إيجاد فرصة لتشكيل الحكومة العراقية، على اعتبار أن المدد والسياقات دستورية، ولا بد أن تتم، وأن الخشية من فراغ دستوري، لذلك فإن وجود الحلبوسي هو أمر فاعل بالعمل السياسي".
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن "المكون السني في العراق تجاوز مرحلة الضغوط عليه من الفصائل المسلحة، على اعتبار أن لديهم فاعلا قويا ومؤثرا في المشهد السياسي بالبلد، وهو التيار الصدري وسرايا السلام التابعة له".
ولم يتمكن التحالف الثلاثي والمتحالفون معه من تحقيق نصاب الثلثين (220 نائبا من أصل 329) لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، السبت، وذلك لمقاطعة عدد من الكتل السياسية، على رأسهم "الإطار التنسيقي" الشيعي، حيث جرى تأجيلها إلى الأربعاء المقبل.
تحذيرات من فشل انتخاب رئيس للعراق.. سيناريوهات محتملة
الصدر يشترط للتحالف مع "الإطار الشيعي".. هل تنتهي الأزمة؟
كيف يؤثر قصف أربيل على العلاقة بين إيران والعراق؟