يدرس مجلس التعاون الخليجي دعوة أطراف النزاع
في اليمن، بمن فيهم جماعة الحوثي، لعقد مشاورات شاملة في السعودية، وفق ما نشرته
وسائل إعلام دولية، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام أسئلة عدة، حول فرص نجاح هذه
المساعي، وهل سيقبل الحوثيون بالمشاركة في المشاورات في الرياض التي يعتبرونها
طرفا في الحرب وليس وسيطا؟
ويرى متابعون للشأن اليمني أن إعادة الملف
اليمني إلى الطاولة الخليجية، محاولة سعودية لتدارك مواقفها وهروبا إلى الأمام
لاحتواء الصراعات الخليجية الخليجية، في ظل مشاورات للحل يعقدها المبعوث الأممي
إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، مع قيادات سياسية وحزبية منذ 10 أيام في العاصمة الأردنية.
"لن يقبل الحوثي"
وفي هذا السياق، قال أستاذ إدارة الأزمات
والصراعات بجامعة الحديدة اليمنية، نبيل الشرجبي إن هذه الدعوة ليست جديدة فقد تم
توجيه نفس الدعوة سابقا في العام 2015 تحت المظلة السعودية وتم رفضها من قبل
الحوثيين وحزب المؤتمر (بزعامة، علي صالح) يومها بحجج عديدة.
ومن تلك الحجج يضيف الشرجبي في حديث
لـ"عربي21" أن السعودية تقف في طرف الشرعية، وهي من بررت
"العدوان"، إضافة إلى الخلافات الشديدة بين الحوثيين وحلفائهم في
المؤتمر لحضور مثل هذا الاجتماع.
وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن دعوة اليوم،
ربما تختلف كثيرا جدا عن السابقة منها.
كما تابع متسائلا: هل السعودية تحاول أن تستبق
ما يقوم به المبعوث الأممي من مشاورات للحل قد تكون مخرجاته في غير صالح المملكة؟
أم أن السعودية تحاول أيضا استباق سقوط محافظة مأرب (شرق) بيد الحوثيين، وهو ما
يمثل ذروة الفشل السعودي في قيادة التحالف؟
ولفت الشرجبي إلى أن الرياض ربما تحاول استغلال
حالة انشغال العالم بالحرب الأوكرانية الروسية لتمرير مفاوضاتها وقبل تفاقم حالة
الاحتقان الخفية بين السعودية والإمارات بشأن قضية رفع سقف إنتاج النفط، الذي
ترفضه الأولى على عكس الأخيرة.
وبحسب أستاذ الأزمات بجامعة الحديدة اليمنية
فإن هذه التحركات السعودية تأتي والحوثيون أكثر تمكنا في الأرض، وأصبحوا طرفا
وحيدا في تقرير مصير المفاوضات.
فيما شكك المتحدث ذاته، بقبول الحوثيين
المشاركة في المشاورات التي دُعُوا لعقدها في الرياض، مرجعا ذلك لأسباب عدة منها حنق
الجماعة من إقدام السعودية على إعدام مجموعة من الأفراد من بينهم عناصر تابعين
لها.
اقرأ أيضا: السعودية تنفذ حكم الإعدام في 81 متهما بالإرهاب.. وانتقادات
أما السبب الثاني، وفقا للأكاديمي الشرجبي، فيخص
إيران، التي سجلت واعترضت على ذلك الأمر، وقامت بتعليق المحادثات مع السعودية
وخاصة أن جزءا من تلك المحادثات بين الدولتين انصبت على إيقاف إعدام العديد من
الشيعة وهو ما رفضته المملكة.
وأوضح أن الموقف الإيراني، لا بد وأن يلقي
بظلاله على الموافقة الحوثية من عدمها.
وقال إن طهران باتت أقرب من أي وقت مضى للتوقيع
على الاتفاق النووي مع الغرب، وهو ما يعني أن إيران ستطلق يدها أكثر في المنطقة
خاصة مع الحاجة الملحة والمستعجلة من قبل الغرب، لنفطها لسد النقص الكبير في الغاز
الذي كان يستورده من موسكو.
وأردف قائلا: "لا توجد أي دولة أخرى لديها
القدرة على سد مثل ذلك النقص في المدى المتوسط سوى إيران".
واستبعد أستاذ إدارة الأزمات في اليمن، قبول
الحوثيين بتلبية تلك الدعوة، على الأقل، خلال المرحلة الحالية، إلا في حال حصول
الجماعة على تأكيد بتحقيق أغلب شروطها في إيقاف الحرب.
"تسويق وإعادة توصيف"
من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة
"الوسط" اليمنية، جمال عامر أن هذه الدعوة الموجهة من مجلس التعاون
الخليجي "لا تختلف عن مبادرة السعودية لوقف الحرب التي تقدمت بها سابقا، ولم
تتعامل معها جماعة "أنصار الله" في صنعاء".
وقال في حديث لـ"عربي21": "إنها
محاولة من الرياض لإعادة توصيفها من قائد للحرب إلى وسيط بين أطراف الصراع اليمنية،
بالإضافة إلى سطحية المبادرة وعموميتها".
وأشار رئيس تحرير صحيفة الوسط الأسبوعية في
صنعاء: "اليوم يتم توسيع الدعوة باعتبارها من مجلس التعاون الخليجي مع منح
الرياض الدور المحوري بجعلها صاحبة الدعوة والدولة المستضيفة"، مؤكدا أن التعاطي مع
هذه الدعوة سيكون أخطر مما لو كان مع مبادرة باعتبار أن مجرد الوصول إلى الرياض
سيمثل تبرئة للنظام السعودي من كل ما اقترفه من جرائم في الحرب على اليمن.
ومضى بالقول: "وهذا هو الهدف الحقيقي خلف
هذه الدعوة".
وحسب الصحفي عامر فإنه لو كانت هناك جدية
لإنهاء الحرب، فإن الرياض وأبوظبي هما المتحكمتان بمسارها واستمرارها.
كما لفت إلى أن الرياض عجزت أيضا، عن تنفيذ
الحل الذي تبنته للتوفيق بين طرفي حكومة هادي والمجلس الانتقالي، مع كونهم يمولون
من التحالف، في إشارة منه إلى اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية المعترف بها
والمجلس الانتقالي والذي لا يزال متعثرا في تنفيذ بنود أساسية منه.
واعتبر الصحفي اليمني أن الدعوة ليست أكثر من
تسويق حياد يكذبه استمرار الطائرات السعودية في ضرب اليمن وإصرارها على مواصلة
الحصار الاقتصادي، متسائلا في الوقت نفسه، عن الأرضية التي يمكن أن تُبنى عليها هذه
الدعوة؟ ومن الذي سيراهن عليها؟
"طرف لا وسيط"
من جانبها قالت جماعة الحوثي، إنها سترحب
بإجراء محادثات مع التحالف الذي تقوده السعودية لكن المكان يجب أن يكون دولة
محايدة، بما في ذلك دولة خليجية وإن رفع القيود عن الموانئ اليمنية ومطار صنعاء يجب
أن يكون أولوية.
وذكرت الجماعة في بيان أنه ليس من المنطقي ولا
المنصف أن تكون الدولة المضيفة للمحادثات راعية للحرب والحصار.
وأمس الثلاثاء، قال مسؤول في مجلس التعاون
الخليجي لوكالة "فرانس برس" الفرنسية، إن المجلس يدرس عقد مشاورات بين
أطراف النزاع في اليمن لوضع حد له.
وأضاف أنه تم بالفعل التشاور مع كافة الأطراف،
وجارٍ إرسال الدعوات لهم.
التحالف يحضر لعملية باليمن بعد قصف الحوثي مطارا في جازان
مسلحون يختطفون 5 موظفين أمميين في أبين جنوب اليمن
الجيش اليمني يسقط 10 مسيّرات انتحارية للحوثي شمال البلاد