قال
المعلق في صحيفة "
الغارديان" سايمون جينكنز إن معارضة بريطانيا لبوتين يجب
ألا تدفع بريطانيا لاسترضاء ديكتاتوريين بغيضين مثله.
وقال
إن الحرب في أوكرانيا كشفت عن عدم الانسجام والخطأ الأخلاقي في الكيفية التي تتعامل
فيها بريطانيا مع الأنظمة.
وقال
إن الحرب هي الوقت المناسب لدفن الأخطاء، فربما كرهنا فلاديمير بوتين، لكننا لا نستطيع
التعامل إلا مع ديكتاتور واحد في كل مرة. ولهذا سيقوم بوريس جونسون بدفعة إنسانية لمناشدة
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتخفيض أسعار
النفط، فماذا سيقدم له؟ هل سيكون غض
النظر عن قتل الدولة للصحفي جمال خاشقجي، أم غض النظر عن التدمير المستمر لليمنيين
أم غض النظر عن إعدام 81 رجلا بعضهم سجناء سياسيون؟ ومن سيتم ترضيته بعد؟ هل الأوليغارش
الإماراتيون؟ أم نيكولاس مادورو حاكم البلد الغني بالنفط فنزويلا؟ وكيف ستكون بريطانيا
لطيفة مع الصين حيث تراوغ الأخيرة في موقفها من الصين وتنظر بجشع إلى تايوان؟
فقد
كشفت حرب أوكرانيا المزيد عن التراخي الأخلاقي عند صناع السياسة البريطانيين. فقد تم
التعامل مع العقوبات كثمن يستحق بدلا من تقديم الدعم المباشر إلى كييف كي تواجه بوتين.
ومثلما لم تسر الحرب بطريقة جيدة لبوتين لم تكن العقوبات الغربية موفقة أيضا، فقد أدت
لزيادة أسعار الطاقة وزادت من معدلات التضخم.
ففي
البداية كانت المشاعر النبيلة لمشاركة الأوكرانيين معاناتهم أو بطريقة ما. والآن فقد
زاد الأمر. ويحبذ علماء السياسة وصفها بالواقعية السياسية لكن العقوبات بدأت تؤلم.
فالديكتاتوريون الذين يتحكمون بالنفط ليسوا أغبياء. ويعرفون أنهم يسهمون في العقوبات
لو رفعوا معدلات إنتاج النفط من أجل تخفيض أسعاره.
وربما
رأى بعض الناشطين في مجال البيئة أن الأسعار المرتفعة ليست أمرا سيئا لأنها ستؤدي إلى
تخفيض استهلاك العالم من الكربون.
ومهما
كان الأمر فالارتفاع لن يستمر. فستنتهي حرب أوكرانيا وستنخفض أسعار النفط، كما حدث
في غالب الأحيان. ولا حاجة لمنح منتجي النفط فرصة قصيرة لغسل سمعتهم في العواصم الأوروبية.
ويقترح
جونسون اليوم المضي إلى المصيدة
السعودية لإرضاء واحد إن لم يكن أكثر من ديكتاتور لتخفيف
المعاناة التي جلبتها العقوبات القاسية.
ويرى
الكاتب أن كل سياسة محلية وخارجية لجونسون مفتوحة على منافع قصيرة الأمد. فقد قيل إنه
يريد مفاعلات نووية وفرش الأراضي البريطانية بطواحين الهواء. وهو يواجه ضغوطا لتخفيض
الضريبة على الوقود والتنقيب عن النفط في بحر الشمال. وهناك حديث عن إعادة فتح مناجم
الفحم.
وتقدم
روسيا لبريطانيا نسبة 8% من احتياجاتها النفطية و4% من الغاز الطبيعي، ومع ذلك تم
وصف كل هذا بأنه "تبعية" لروسيا. ودعا وزير الصناعة كواسي كواتينغ مناشدا:
"نحن عرضة للضعف من بوتين" ولكننا لسنا ضعفاء لجماعات الضغط الماكرة التي
تحاول استغلال ضعفنا.
وظهرت
سياسة حماية الحدود التي تبنتها الحكومة ضد المهاجرين في أعلى درجاتها من الفجاجة.
فقد تم احتجاز المهاجرين الأفغان في فنادق لندن ومنعوا من العمل، أما المهاجرون الأوكرانيون
فبعد مقاومة تم الترحيب بهم في بيوت بريطانيا ونظام الرفاه وسوق العمل. والفرق هو في
عناوين الأخبار، ففي أوكرانيا تم الهجوم على وزراء الحكومة البريطانية في أوروبا بسبب
سياساتهم الأخلاقية المتوحشة، أما الأفغان فهم ضحايا السياسة البريطانية ويجب تناسيهم.
وعندما
تعتمد السياسة الخارجية، كما في معظم الأحوال على المراوغة، فهناك مزيد من الأسباب
للاحتفاظ بالمبادئ الأخلاقية. فقد كانت بريطانيا محقة في عدم الانضمام إلى حروب الدول
الأخرى التي لا تهدد أمنها. وهذا هو السبب الحقيقي لأن تقف مع مبادئ الحرية والخيرية
وحكم القانون. والسعودية هي نظام مثير للمقت، ولو كانت بريطانيا ترى أن العقوبات هي
الرد المناسب على حرب بوتين فيجب أن تتحمل ثمن ذلك الرد. فمعارضة ديكتاتور لا يعني
ترضية آخر.