أُعلن الخميس عن وفاة الرئيس السابق لمحكمة أمن الدولة فايز النوري، في دمشق، الذي كان شهيرا بإصدار أحكام الإعدام في محاكمات للنظام السوري لم تستمر أكثر من دقائق. وقد قضى السنوات الأخيرة من عمره وهو يعاني من الشلل النصفي.
وترأس النوري محكمة أمن الدولة سيئة الصيت منذ عام 1979 وحتى 2011، أي في عهدي حافظ الأسد وابنه بشار، عندما أحيل النوري على التقاعد إثر إلغاء محكمة الدولة وإنشاء محكمة الإرهاب "الأسوأ سمعة وأداءً"، بحسب وصف اللجنة السورية لحقوق الإنسان.
وفي تفصيل لمسار حياته، ذكرت اللجنة أن النوري لم يمارس قبل توليه قاضي محكمة أمن الدولة العليا مهنة المحاماة أو القضاء، "بل كان يعمل معلماً لتلاميذ المرحلة الابتدائية، وحصل على شهادة في الحقوق أثناء توليه منصبه دون أن يذهب للجامعة أو يقدم امتحاناً".
وقالت اللجنة في تقرير لها: "عُرف النوري بأحكامه العرفية الظالمة للمحكومين، دون أن يستمع إلى أقوالهم، ودون الاطّلاع على أيّ من ملفاتهم، ولم تكن المحاكمة تدوم أكثر من دقائق معدودة". ولفتت إلى أنه "في عام 1979 حكم على 19 معتقلاً بالإعدام دفعة واحدة، بينما حكم في واقعة أخرى عام 1992 على 660 معتقلاً بالإعدام دفعة واحدة أيضاً".
وأشارت اللجنة إلى أنه "كانت الأحكام التي يصدرها بمثابة نكتة سمجة يطلقها تقضي على الأبرياء وحياتهم ومستقبلهم في سوريا، دون أن يشعر بوخز الضمير أو يتبع أصول للمحاكمات، ودون تثبت، ويزيد الأحكام من عنده كما يشاء إذا ناقشه المتهم أو حاول الدفاع عن نفسه. وزيادة في الإذلال، كان يختم المحاكمة بقوله للمتهم: انقلع".
وكانت قناة سوريا المعارضة قد بثت في كانون الثاني/ يناير مقتطفات ترويجية لفيلم عن النوري، وفيها يتحدث عن أحكام الإعدام التي أصدرها. لكن لم يتم بث الفيلم الذي حمل عنوان "أمن الدولة"، دون توضيح من المحطة.
وأوضح النوري أنه حكم بالإعدام على كل من يعارض أهداف حزب البعث، واعترف بأن المحكمة شكلت أصلاً لأغراض سياسية، وهي المحافظة على حزب البعث والقضاء على أعدائه.
وقالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان، إنه تسبب "بقتل عشرات الآلاف من السوريين الأبرياء، خصوصاً من فئة الشباب، وشرد آلاف الأسر؛ إرضاء لرؤسائه رفعت الأسد ثم حافظ الأسد بعد إبعاد الأول عن سوريا ومن بعده لوريث حكمه بشار، بأحكام لا علاقة لها لا بالقضاء العادل أو النزيه أو المهني، حتى إنه حكم على مسيحيين بالإعدام بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين".
ووصفت اللجنة النوري بأنه كان "فاسداً مرتشياً، فلقد روى العديد من المعتقلين الذين كتب لهم النجاة من مقصلته أنهم دفعوا له رشاوى كبيرة جداً لتخفيف الأحكام عليهم"، بحسب اللجنة.
وبدأ النوري مسيرته بصفة معلم مدرسة للمرحلة الابتدائية لتدريس مادة الفنون، ثم تعرف عليه رفعت الأسد في إحدى زياراته لمدينة دير الزور التي ينحدر منها، ووجد فيه من الصفات ما يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ سياساته، فعينه أمين شعبة في حزب البعث في السبعينيات، ثم رقّاه ليصبح أمين فرع الحزب في دير الزور، وانتقل بعدها إلى دمشق ليكون عضو احتياط في قيادة حزب البعث. ثم عيّنه رفعت الأسد قاضياً في محكمة أمن الدولة إثر تأسيسها عام 1979 لمحاكمة المتهمين بعضوية جماعة الإخوان المسلمين، ثم أصبح رئيساً لها.
وقالت اللجنة إنه لم يكن "إلا أداة مطيعة منفذة لحكم حافظ الأسد ثم وريثه بشار من بعده، وكانت الأحكام تصدر للنوري معدة مسبقاً من أجهزة مخابرات نظام الأسد، ليضيف عليها من سماجاته واستهزائه بقيم الإنسانية والحياة".
وقد أصيب النوري في أواخر حياته بالشلل النصفي، "وأهمل من النظام الذي استخدمه 30 سنة لقتل عشرات آلاف المواطنين الأبرياء، وساءت حالته حتى قضى اليوم وهو في أسوأ حال وأسوأ سمعة منبوذاً حتى من أبناء مدينته الذين لقوا منه ظلماً مضاعفاً أثناء حياته"، بحسب اللجنة.
وفاة "معتقل رأي" في السجون السعودية
ترحيل "قسري" لعشرات اللاجئين السوريين من تركيا
"أمنستي" تنشر تقريرها الكامل حول الفصل العنصري الإسرائيلي