ما زالت دولة
الاحتلال
تعلن "تأذيها" من تقرير منظمة العفو الدولية الذي اتهمها بارتكاب جرائم
الفصل العنصري ضد
الفلسطينيين، وأنها نموذج جديد من نظام الأبرتهايد، وتعتبره
تهديدا لا يقل عن الأسلحة النووية، لأنه يشكك في وجودها من الأساس، ويمنح أعداءها
مزيدا من الأدوات لنزع الشرعية عنها.
وتتخوف المحافل
الإسرائيلية
من الربط القائم لدى منظمات حقوق الإنسان بين ما تمارسه قوات الاحتلال اليوم مع
الفلسطينيين، وما ساد في جنوب أفريقيا في ثمانينيات القرن الماضي من وصفها بنظام
الفصل العنصري، لأن ذلك سيترك آثاره السلبية على الإسرائيليين عموما، باعتبارهم رعايا
دولة ترتكب جرائم حرب، وبالتالي فقد يتعرضون لعقوبات دولية مع مرور الوقت.
الحاخام زئيف وارن
غولدشتاين، كبير حاخامات جنوب أفريقيا، زعم في مقال بصحيفة "معاريف"،
ترجمته "عربي21" أن "تقرير "أمنستي"
الأسبوع الماضي الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جريمة الفصل العنصري لا يقل خطورة عن
محاولات قوى معادية لها حيازة السلاح النووي، بل إنه يمكن اعتباره المعادل الدبلوماسي
للأسلحة النووية ضد إسرائيل، لأن اتهامها بتنفيذ نظام الفصل العنصري، شكل آخر من
أشكال الكراهية القديمة لليهود، وأحد أوجه معاداة السامية، بل إن فسادها وخداعها
لا يجعلها أقل خطورة".
وأضاف أن "نوايا
من يتهمون إسرائيل بارتكاب جريمة الفصل العنصري هي بالضبط ذاتها نوايا النظام
الإيراني، وخلاصتهما هي تدمير الدولة اليهودية، وطالما أنني أتحدث من جنوب أفريقيا،
فإن لدي المعطيات التي تجعلني أتوقع تعرض الإسرائيليين لما تعرض له رعايا تلك
الدولة في ثمانينيات القرن الماضي، من حيث آثار العقوبات التي فرضها العالم على
حكومة الفصل العنصري، تمهيدا لإنهاء الظلم الممارس على السود من نظام الفصل العنصري
الحقيقي".
وتستعيد ذاكرة الإسرائيليين
المعاناة التي واجهها "البيض" الذين حكموا جنوب أفريقيا من تنقلاتهم حول
العالم، حتى بات اسمهم مقترنا بـ"العار"، الذي رافق دولتهم بسبب اتباعها
لسياسات الفصل العنصري، وبات مواطنوها "البيض" يشعرون بأنهم منبوذون من
باقي سكان الكرة الأرضية، وأصبح السفر حول العالم بجواز سفر جنوب أفريقي، يبدو
وكأنه يتجول مع وصمة العار، وهذا كما يبدو أحد أسباب غضب إسرائيل من تقرير "أمنستي"،
بحيث يجعل الإسرائيليين يخجلون من دولتهم، ويرفضون الخدمة في الجيش، ويمتنعون عن دفع
الضرائب، بجانب الاستبعاد الدولي.
قد يبدو مثل هذا التصور
المتشائم للإسرائيليين واقعيا على المدى الزمني البعيد، لكن مثل هذه التحذيرات قد تدفع حكومة
الاحتلال إلى أن تتصرف مع تقرير "أمنستي" وسواها من المنظمات الحقوقية بما
يتناسب مع خطورتها على التهديد الوجودي الذي تشكله على الدولة برمتها، مع العلم أن
هذا التقرير استغرق من خبراء منظمة العفو الدولية أربع سنوات لتجميعه، لكن خلاصته بالإعلان
أن إسرائيل دولة فصل عنصري صدرت منذ اليوم الأول لصدوره.
وتأخذ الأوساط الإسرائيلية
على الحكومة رد فعلها الضعيف على تقرير "أمنستي"، رغم أنها أمام تقرير يساهم
في نزع الشرعية عنها، وإن الخشية الإسرائيلية هي من أن تشجع "أمنستي" باقي
المنظمات الحقوقية حول العالم على إطلاق وصف دولة الفصل العنصري على إسرائيل، ما
يعني أن هذه التهمة ستتجذر ضد إسرائيل.