نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده بن هبارد، قال فيه إن مقتل زعيم تنظيم الدولة، أبو إبراهيم القرشي، ضربة أخرى للتنظيم، لكنها ليست نهايته.
وأوضح أن التنظيم اليوم ظل ما كان عليه في الماضي، إلا أنه سيحاول التكيف، وتحمل الضربات، حتى بعد قتل الأمريكيين لزعيمه الأعلى بعملية إنزال في شمال سوريا.
وقال بن هبارد: "بالنسبة لرجل حاول الاختفاء، فقد فعل زعيم الدولة ما هو الصواب في كل شيء".
واختفى في مكان لم يتوقعه أعداؤه، ولم يغادر أبدا بيته، واعتمد على سعاة وثق بهم للتواصل مع أتباعه البعيدين.
وكان الزعيم الوحيد الذي لم يظهر في فيديو أو يسجل شريطا، حتى لا يكون هدفا سهلا للملاحقة. \
ولم يكن أي من أتباعه قادرين على التعرف عليه لو رأوه في الشارع. لكن الكوماندوز الأمريكي وصل إليه على أي حال يوم الخميس، حيث فجر زعيم التنظيم نفسه خلال المداهمة في شمال سوريا، حسبما قال المسؤولون الأمريكيون.
اقرأ أيضا: الغارديان: مقتل "القرشي" لا يعني نهاية خطر تنظيم الدولة
وجاء في الصحيفة أن "قادة أمريكا تعاملوا مع رحيل القرشي كجرح جديد في منظمة كان اسمها ينشر الرعب في القلوب، تلاشت معظم قوتها في الوقت الحالي. مع أن المحللين سارعوا للتحذير من الاحتفال الكبير بقرب نهاية التنظيم الذي كرس أتباعه أنفسهم لمواصلة البحث عن ملاذات في أماكن الفوضى حول العالم".
وقالت برابيتا ثاكر، مدير التحرير في وحدة الأمن لأفريقيا والشرق الأوسط بمجلة "إيكونوميست": "هي ضربة موجعة أخرى للمنظمة التي فرضت ظلها على المنطقة قبل عدة أعوام، والجميع يتساءلون بعمق عن أهمية قتل زعيم التنظيم، لأن التنظيم يعمل بطريقة لا مركزية".
وقالت الصحيفة إن مقتل القرشي يحرم تنظيم الدولة من مرجعية دينية وسياسية في وقت أخرج من مناطقه التي كان يسيطر عليها، وخسر عددا ضخما من مقاتليه، وها هو الآن يواجه فراغا محتملا بالسلطة.
ويرى المحللون أن مشكلة الفراغ بالسلطة ليست خطيرة، لأنه بات متوسعا لا مركزيا، بشكل يسمح لأفراده القدرة على مواصلة عملياته.
وفي الوقت الذي لم يعد قادرا على حكم مناطق كما فعل في الماضي، بحيث يقدم نفسه كـ"دولة"، إلا أنه أثبت قدرته على تنسيق عمليات عسكرية مدمرة، وفق قولهم.
وأشاروا بحسب الصحيفة، إلى قتل 10 عسكريين عراقيين وذبح آخر في العراق بالأسابيع الماضية، إضافة إلى الهجوم الذي نفذه مقاتلوه على سجن في مدينة الحسكة السورية، واحتلاله لمدة ستة أيام، حيث لم تتمكن القوات الكردية المدعومة من القوات الأمريكية من تحريره إلا بعد معارك شرسة.
وكل هذا لا يلغي حقيقة أن التنظيم لا يزال صورة باهتة عن نفسه، ففي ذروة قوته سيطر على مناطق مساحتها تساوي مساحة بريطانيا، وحل محل تنظيم القاعدة كأثرى وأخطر تنظيم إرهابي، وفق تعبير الصحيفة.
وسيطر التنظيم على مدن كبرى، وجمع الضرائب، ووفر الخدمات العامة، وأنشأ جيشا قويا. وكانت خسارته لمناطقه في عام 2019 بمثابة هزيمة كبيرة، ولم تعد الخلافة اليوم إلا بالاسم. وخسر ماليته وقدراته؛ بسبب العمليات المستمرة التي تقوم بها الولايات المتحدة وشركاؤها في العراق وسوريا وأماكن أخرى.
وعين القريشي زعيما للتنظيم في 2019 بعد مقتل أبو بكر البغدادي، الذي فجر نفسه خلال مداهمة القوات الأمريكية الخاصة لمكانه في شمال غرب سوريا.
ولم تكن للقرشي الجاذبية ذاتها التي تمتع بها زعيم التنظيم السابق، ولم يعرف أتباع التنظيم الكثير عن أصوله. وملأت الولايات المتحدة بعض الفراغات، عندما كشفت عن محاضر التحقيق معه في أثناء سجنه في معسكر بوكا في العراق عام 2008. لكن المعلومات التي كشفت عن خدمته في الجيش العراقي أثناء حكم صدام حسين، وحصوله على ماجستير بالدراسات الإسلامية، غطت عليها تلك التي كشفت عن استعداده للإخبار عن زملائه الجهاديين في نفس المعتقل معه.
وبعد توليه قيادة التنظيم، وضعت الولايات المتحدة جائزة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، واتهمته بأنه "ساعد وبرر عملية اختطاف وقتل والاتجار بأعضاء الجماعات اليزيدية" في العراق، وأشرف "على عمليات التنظيم الدولية".
ولم يعد لدى التنظيم الذي يبحث عن بديل للزعيم المقتول العناصر المؤهلة للاختيار منها؛ بسبب العمليات الأمريكية التي أدت لقتل عدد كبير من قادته.
وكتب حسن حسن في موقع "نيولاينز": "القادة الذين يمكن الثقة بهم هم سلالة محتضرة، بالمعنى الحرفي".
وقال إن الفراغ القيادي، وتراجع جاذبية الجهادية العالمية، وقوة الحكومات المنافسة له، وكذا الجماعات الجهادية، تعتبر عائقا مهما لعودته وبقوة.
وقال: "قتل زعيمه في هذه الظروف سيربك الحركة، ويضعف تركيزها على الإرهاب الدولي".
اقرأ أيضا: WP: كواليس اغتيال زعيم داعش.. بايدن شاهد بثّا مباشرا للعملية
وبحسب مايكل نايتس الزميل في معهد واشنطن، فلم يعد التنظيم قويا في العراق. ووجد مع زميله ألكيس الميدا أن التنظيم زاد من هجماته في الفترة ما بين 2019 – 2020، لكنها تراجعت بعد ذلك.
وقالا: "في الوقت الحالي، ومنذ بداية عام 2022، فتمرد تنظيم الدولة في العراق في أدنى تدرجاته، وعدد الهجمات تنافس أدنى سجلاته".
وقالا إن زيادة القوات العراقية من عملياتها، وتركزها في المناطق الريفية، حرم التنظيم من ملاجئ آمنة.
ويتردد محللون من كتابة نعي التنظيم، مشيرين إلى أن وفاته أعلنت ليعود وبقوة عام 2014. ووجد التنظيم قدرة على العمل في الدول الفاشلة والمناطق البعيدة عن الحكم المركزي.
ولا يزال ناشطا في شرق سوريا التي يسيطر الأكراد على مناطقها. وهذا يفسر اختيار القرشي إدلب الخاضعة لتنظيم جهادي آخر، وبعيدا عن معقل التنظيم القوي سابقا، الرقة.
ولن يعتمد اختيار الزعيم المقبل للتنظيم على مؤهلاتهم القيادية بقدر ما يعتمد على فرص التوسع المتوفرة، والتي قد يستفيد منها.
الغارديان: مقتل "القرشي" لا يعني نهاية خطر تنظيم الدولة
NYT تقدم تفاصيل جديدة عن هجوم "الدولة" على سجن غويران
الغارديان: شبكات للجوازات المزورة تسمح لعناصر "داعش" بالسفر