نشر
موقع "
ذا هيل" مقالا لجون هولزمان، مدير جون هولزمان إنتربرايزز والعضو الدائم
في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية عن التعاون الأمريكي-
القطري لحماية
أوروبا الضعيفة
من نفسها.
وقال: "بدون شك أصبحت الأزمة الأوكرانية عالمية. وتحاول الولايات المتحدة التعاون مع
حلفائها الذين تثق بهم. ودعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى البيت الأبيض
للتشاور مع الرئيس بايدن من أجل إنقاذ حليف من دمار محتمل: الاتحاد الأوروبي الضعيف".
وبرغم هذا التفاعل الدبلوماسي الذي يبدو معقدا، إلا أن سبب هذه الإستراتيجية غير التقليدية
واضح، وهو أن قطر لديها ثاني أكبر قدرة تصدير للغاز المسال في العالم، أما الولايات
المتحدة فتأتي في المرتبة الثالثة. ويمكن للبلدين التعاون معا لإحداث فرق حال قررت
روسيا التي تعتبر سادس مصدر للغاز في العالم إغلاق صنابيرها على أوروبا أو تعرضت شركة
الغاز الروسية العملاقة غازبروم للعقوبات.
ولو
قررت روسيا غزو أوكرانيا وتم فرض العقوبات عليها، فستكون الورقة الجيو – اقتصادية هي
السلاح المفضل لدى الكرملين. وطالما حذر الاتحاد الأوروبي ولسنوات بأنه سيجد نفسه في
هذه الحفرة وأن الكرملين قد يحول أنابيب الغاز التي تتدفق نحو أوروبا إلى سلاح.
وتوفر
موسكو نسبة 40% من الغاز الطبيعي الذي تستهلكه أوروبا. والحصة التي تستوردها ألمانيا
أكبر، باعتبارها ماكينة اقتصاد أوروبا وأهم دولة في القارة.
وتمنح
الهيمنة على احتياجات الطاقة الأوروبية السياسة الخارجية الروسية على المدى القريب،
فيتو، يحد من اتخاذ أوروبا وألمانيا مواقف متشددة من موردي الغاز الرئيسيين. وفي ظل
هوس أوروبا بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، فقد ظلت وعلى مدى الجيلين الماضيين
منشغلة بطرق التخلص من الطاقة الأحفورية. وهو ما أعماها عن مخاطر رهن نفسها للغاز الروسي
الذي باتت تعتمد عليه بشكل كامل.
وبدأ
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحد من توريد الغاز إلى أوروبا منذ الخريف الماضي.
وباتت أوروبا، نتيجة لهذا تواجه خطر المعاناة من أسوأ أزمة طاقة في ذاكرتها، مما قد
يدفع اقتصادات أوروبا الهشة نحو الركود العميق.
وهنا
تدخل قطر المعادلة، فقد طلب الرئيس من أمير قطر تحويل التصدير الضخم من الغاز نحو أوروبا
المنكوبة، حالة اقتضت الضرورة. وعبرت قطر التي تعتبر إلى حد بعيد المنتج الأكبر في
العالم للغاز المسال الأقل تكلفة في العالم والحليف القوي للولايات المتحدة عن استعداد
لمناقشة الأمر، لكن عملية إنقاذ أوروبا من نفسها ستكون معقدة.
ففي
عام 2011، وفي أعقاب كارثة فوكوشيما النووية في اليابان، قررت قطر تحويل الغاز الطبيعي
إلى طوكيو، نظرا للظروف الخاصة. وعلى الرئيس بايدن أن يظهر للأمير أن هناك ظروفا خاصة
ومهددة تستدعي القيام بنفس الأمر. ويجب على البيت الأبيض أن يستخدم نفوذه مع أسواق
الغاز القطري الرئيسية في اليابان وكوريا الجنوبية وباكستان والهند لدعم هذه الخطوة.
وسيكون
هذا صعبا لأن توريد النفط العالمي عادة ما تربطه عقود طويلة الأمد. ولحسن الحظ، فمعظم
هذه الدول تعتبر حليفة للولايات المتحدة وقد تكون منفتحة على فكرة بايدن. وحتى بدعم
قطر الثابت وافتراض موافقة مستوردي الغاز من الدولة الخليجية على فكرة بايدن، فهناك
"إذا" كبيرة، تدعو لمزيد من التنويع من أجل إنقاذ أوروبا.
وتعمل
إدارة بايدن بشكل محموم مع الحلفاء الأوروبيين للبحث عن موردي غاز إضافيين في شمال
أفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا والولايات المتحدة نفسها. ومع ذلك فكل هذه الجهود
لن تكون كافية لأن تحل بشكل مباشر محل انقطاع الغاز الطبيعي من روسيا. وعلى أمل أن
تكون الآثار التراكمية للتحركات في مجال الطاقة كافية لنزع فتيل قنبلة اقتصادية موقوتة.
فالبحث عن حلول للسيطرة الخانقة التي أحدثتها روسيا على قطاع الطاقة الأوروبي يحتاج
إلى دبلوماسية معقدة ومتعددة الجوانب. وتحتاج إلى حلفاء مثل قطر، لديهم الاستعداد لمقابلة
الولايات المتحدة أكثر من منتصف الطريق.
وزيارة
الأمير إلى واشنطن تجعله أول زعيم خليجي يزور البيت الأبيض شخصيا في أثناء إدارة بايدن،
وهي إشارة عن قرب العلاقات الأمريكية – القطرية وتلخيص قوي للدور الذي باتت تلعبه دولة
تنتج غازا بكلفة قليلة في عالمنا المتشرذم.
ويرى
الكاتب أن أمير قطر يخوض في مياه مليئة بسمك القرش من تنافس القوى العظمى، وهذا علامة
واضحة عن طموحات قطر وامتحان كبير لتحالفها مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فعندما تتم
مكافأة بعض الحلفاء بحق فعلى الآخرين الانتباه. وبناء على القاعدة الوحشية في قلب العلاقات
الدولية: إما أن تتقن فن التاريخ أو يتغلب عليك التاريخ.
وبالنسبة
لأوروبا فهي تدفع اليوم ثمن تجاهلها غير المنطقي عندما اعتمدت على طاقة الجار المنافس.
والشرط المقدم لإنقاذ أوروبا من نفسها هو إعادتها التفكير بكل سياسة الطاقة، وإن كان
متأخرا ومؤلما في نفس الوقت. وسيؤدي التوجه الجديد في السياسة إلى التعامل مع الغاز
الطبيعي والقوة النووية كخطوة مهمة نحو التعامل في النهاية مع التغيرات المناخية، وهي
خطوة تثمن أمن التوريد، لأن الجيوسياسية مهمة وبشكل أساسي. ويجب مكافأة من يقدمون النجاة
لأوروبا من نفسها مثل الولايات المتحدة وقطر، في وقت تنوع القارة مصادر طاقتها بعيدا
عن التبعية غير الصحية للغاز الروسي. وفي النهاية فهناك حدود على المرات التي يمكن
فيها إنقاذ القارة العجوز من نفسها.