تتجه السياسة الخارجية التركية إلى "تصفير المشاكل" مع الدول التي تصادمت معها لسنوات عدة بما فيها الإمارات ومصر والسعودية، ما يثير التساؤلات حول اتباع هذا النهج مع النظام السوري، لا سيما بعد مزاعم منفية بشأن لقاءات تركية-سورية في الأردن.
وتقر تركيا بعقد لقاءات استخباراتية متعلقة بالصعيد الميداني بين استخباراتها وبين نظيرتها السورية، بالإضافة إلى عملية تنسيق عبر الوسيط الروسي.
وفي 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نفت وزارة الخارجية الأردنية، الأنباء المتداولة حول عقد اجتماع بين تركيا والنظام السوري على أراضي المملكة.
وجاء النفي الأردني، بعد نشر صحيفة "تركيا" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، تقريرا يؤكد اجتماع مسؤولين سوريين بنظرائهم الأتراك في الأردن، وتضمنت المباحثات مناقشة عدد من القضايا، بينها إعادة إعمار حلب بتمويل من دول خليجية، وعودة اللاجئين، وفتح المعابر المشتركة بين تركيا وسوريا.
مؤثرات خارجية ساهمت في تطبيع العلاقات مع دول عدة
الكاتبة التركية هاندا فرات، في تقرير لصحيفة "حرييت"، ذكرت أنه لسنوات واجهت تركيا والإمارات والسعودية بسبب تضارب المصالح في العديد من المجالات والقضايا المتعلقة بالأمن القومي، كما أن محاولة الانقلاب في 2016 ساهمت في وقف العلاقات.
وتابعت بأن وضعا جديدا نشب بعد التغيير الرئاسي في الولايات المتحدة وتأثير ذلك على السياسة الخليجية جزئيا، وإحياء الولايات المتحدة المحادثات النووية مع إيران، وتوقيع اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من دول خليجية، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية التي نشأت في العالم كله وتركيا بعد الوباء.
اقرأ أيضا: الأردن ينفي عقد اجتماع أمني سوري تركي في العقبة
وأضافت أن تركيا أرادت تحسين العلاقات من خلال حل مشاكلها مع تلك الدول التي تضررت أصلا من التطورات المذكورة سابقا، وانتهجت النهج ذاته في عملية التقارب.
وأشارت إلى أنه نتيجة لذلك فقد تم إطلاق عملية جديدة مع تلك الدول التي يوجد خلافات معها، والتي مرت في ثلاث مراحل كما جرى مع مصر والإمارات.
ثلاث مراحل للتطبيع
وأوضحت أن دبلوماسية الباب الخلفي مع الدول المعنية بدأت من خلال لقاءات استخباراتية، وعندما تصل إلى مرحلة معينة يأتي دور وزارة الخارجية لتنطلق مباحثات بين مسؤولي وزارتي خارجية البلدين، وعندما يتم التوصل إلى حلول للمشاكل، أو الاتفاقيات إلى مرحلة التوقيع تعقد اجتماعات حكومية مع تلك الدول أو رؤسائها.
وأشارت إلى أن تساؤلا برز مؤخرا بشأن إمكانية انتهاج هذه السياسة الخارجية الجديدة مع النظام السوري كما مصر والإمارات.
والأسبوع الماضي، رد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، على سؤال حول ما إذا كانت أنقرة تجري مباحثات مباشرة أو غير مباشرة مع دمشق قائلا: "قمنا وسنقوم بما يلزم إن كان بشكل سري أو علني من أجل أمن بلدنا، وسنقوم بما تتطلبه ردود فعل الدولة مثلما فعلنا مع السعودية والإمارات".
هل تنتقل المباحثات الاستخباراتية مع النظام السوري إلى مستوى أعلى؟
ونقلت الكاتبة التركية عن مصادر في أنقرة، أنه لا يوجد تواصل عسكري مباشر مع النظام السوري، ويتم التنسيق في ما يخص الأمور العسكرية من خلال روسيا.
وأضافت أن دبلوماسية الباب الخلفي في الميدان تجرى بالفعل بين وكالات الاستخبارات التركية والسورية منذ سنوات عدة.
ولفتت المصادر إلى أن اللقاءات الاستخباراتية مع النظام السوري تتعلق بالمشاكل الميدانية، وشكلت قضايا تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب الكردية والتطورات في إدلب، الأجندة الرئيسية لتلك المحادثات.
وتساءت الكاتبة التركية حول إمكانية تحول المحادثات مع النظام السوري لتصبح أكثر شمولية في الفترة كما هو الحال مع الإمارات، مشيرة إلى أنه "في الوقت الحالي لا أحد يمكنه القول ’نعم‘ أو ’لا‘".
وتابعت بأنه، مع ذلك، يتم التأكيد على أن العناوين الرئيسية التي تؤثر على العملية هي أكثر تعقيدا مما هي عليه مع الإمارات أو مصر، مؤكدة أن المباحثات الحالية تتعلق فقط بـ"الإشكاليات الميدانية".
وأضافت أن الموقف الرسمي لتركيا، والذي نقل أيضا إلى روسيا يؤكد على "اختتام العملية الدستورية تحت إشراف الأمم المتحدة، وخلق بيئة انتخابية في البلاد التي تعاني من حرب أهلية منذ أكثر من عشر سنوات.
اقرأ أيضا: تركيا ترفض بيانا لبرلمان النظام السوري وتصفه بـ"الوقح"
وأشارت إلى أنه رغم التأكيد التركي بشأن العملية الدستورية، ووجود مشاكل معقدة بين البلدين، فإن تصريحات وزير الدفاع خلوصي أكار الأخيرة، تشير إلى أن المحادثات قد تنتقل إلى مستوى أعلى على المدى الطويل إن لم يكن في الأمد القصير.
المشكلة مع النظام السوري تختلف عن تلك مع الإمارات ومصر
الباحث التركي إسماعيل جوكتان في حديث لـ"عربي21"، أشار إلى أن المشكلة التي تسببت في قطع العلاقات بين النظام السوري وتركيا تختلف عن المشكلة بين الإمارات وتركيا.
وأوضح لـ"عربي21"، أن النظام السوري قتل أكثر من نصف ميليون سوري وهجر ما يزيد على الـ11 مليونا آخرين، واستخدم الغاز الكيماوي ضد شعبه ونتيجة ذالك فإن تركيا تحملت الكثير من أضرار الحرب الجارية في سوريا.
ولفت إلى أنه مع ذلك، فإن تركيا تجري اتصالاتها مع روسيا بشأن سوريا، لأن موسكو هي التي تملك القرار في دمشق، ويعني أنه عندما ننظر من هذه الزاوية فإن تركيا تتحدث مع النظام السوري لكن ليس بشكل مباشر.
وتابع بأن تركيا تدعم الحل السياسي في سوريا، وقد قامت بمبادرات عدة كمسار "أستانا" و"سوتشي".
وشدد الباحث التركي، على أن وجود تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني في سوريا يجعل التطبيع مع النظام مستحيلا.
ولفت إلى أن تركيا منذ البداية، شددت على فقدان النظام شرعيته، وأسباب ذلك لا تزال قائمة.
وأضاف أنه من المعلوم أن مجلس الأمن الدولي قد اتخذ عدة قرارات بشأن سوريا، وتركيا تدعم تطبيق هذه القرارات بشكل كامل وإضافة إلى ذلك فهي تريد دحر تنظيم "ب ي د" من سوريا.
وأكد أنه لا يمكن لتركيا تطبيع علاقاتها مع النظام دون تحقيق تلك الشروط، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أنقرة ليست لها مصلحة حالية في تطبيع العلاقات مع دمشق.
تركيا تنتقل إلى 2022 بمحاولة "تصفير المشاكل" مع خصومها
عمدة إسطنبول يواجه تحقيقات بتوظيف متهمين.. وتراشق مع صويلو
كاتبة تركية تستهجن الصمت أمام حرق 3 سوريين.. هذه تفاصيل