ما زال لقاء بيني
غانتس وزير الحرب
الإسرائيلي
مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس يثير نقاشات إسرائيلية حول مدى وجاهته
وجدواه، في ظل التباينات الجارية بين مؤيد ومعارض، وسط اتهامات موجهة لغانتس بأنه
يسعى لتقليد نموذج إسحق رابين رئيس الوزراء الراحل حين بدأ مفاوضاته مع منظمة
التحرير الفلسطينية، تمهيدا لإنجاز اتفاق أوسلو.
في الوقت ذاته، فإن اجتماع غانتس- عباس خضع
للرقابة كالعادة حتى غادر الأخير منزل غانتس، رغم أن ما تم الإفصاح عنه فقط هو
تفاصيل حول محتوى المباحثات، وكل جانب قام بتسريب فحواها، وفقا لاحتياجاته
ومصالحه، دون أن يمنع الحلبة السياسية الإسرائيلية من التنافس والاستقطاب.
موران أزولاي خبيرة في الشؤون الحزبية
الإسرائيلية، قالت في مقالها بصحيفة
يديعوت أحرونوت، الذي ترجمته
"عربي21"؛ إن "محمود عباس لم يكن منذ فترة طويلة "سلعة"
للتسويق في الشارع السياسي الإسرائيلي، ولا حتى في الشارع الفلسطيني على ما يبدو،
مما يطرح السؤال حول ما الذي أراده غانتس من لقائه به، ويؤكد لإعادة استخدام
المقولة الشهيرة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، بأن إسرائيل ليس
لديها سياسة خارجية، بل سياسة داخلية فقط".
وأضاف أن "لقاء عباس- غانتس هو في الواقع
حدث داخلي لمعسكر يسار الوسط كجزء من الجهود المبذولة من أجل هوية الزعيم الإسرائيلي
القادم، وهي حركة تستهدف عيون وآذان وقلب الجمهور المرتبط بحزب أزرق-أبيض وباقي
معسكر يسار الوسط، وربما يسعى غانتس من خلال لقائه بعباس على الاستقرار في معركته
الشخصية مع باقي شركائه في الحكومة، وخصومه من خارجها، حول من سيرأس المعسكر
السياسي الذي سيحكم في الفترة القادمة".
والملفت للنظر، أن هناك شبه إجماع إسرائيلي على الأبعاد الداخلية للقاء عباس- غانتس،
لاسيما رغبة الأخير بترميم أوضاعه الداخلية، والتأهل للانتخابات القادمة، وربما
محاكاة تجربة إسحاق رابين، ومع ذلك خرج حسين الشيخ الوزير الفلسطيني الذي شارك في
الاجتماع، بزعمه أن "السلطة الفلسطينية تسعى لصناعة التاريخ مع الحكومة
الإسرائيلية، كما فعلنا مع رابين".
في الوقت ذاته، فإن لقاء عباس-غانتس يأتي في
ذروة خوضه معركة من أجل قيادة معسكر يسار الوسط خلف الكواليس، ويبدو مصمما على
إصلاح الأضرار التي خلفتها شراكته مع بنيامين نتنياهو في الحكومة السابقة، ويأتي
اجتماعه بعباس كجزء من هذه الجهود، ولعل أفضل طريقة لذلك تأتي من خلال احتضان
السلطة الفلسطينية ورئيسها، الذي يجد نفسه محشورا في الزاوية.
مع العلم أن التباين الجاري في الساحة السياسية
الإسرائيلية حول لقاء عباس-غانتس بعد أيام على انعقاده يعود إلى أسباب داخلية
وخارجية، فالأولى تتعلق برغبة غانتس الاستقواء بالملف الفلسطيني لترميم أوضاعه
الحزبية من جهة، ومن جهة أخرى التقدير الإسرائيلي السائد بأن أي اختراق سياسي مع
الفلسطينيين لن يكون قريبا، على الأقل في ضوء تباعد المواقف السياسية بين الجانبين.