على ضوء مصادقة المحكمة الاتحادية في
العراق على نتائج
الانتخابات
البرلمانية بعد ردّ الدعوى القضائية التي قدمها "الإطار التنسيقي"، ووفق
المعطيات السياسية الحالية، فإن المشهد انحصر بثلاثة سيناريوهات محتملة لتشكيل
الحكومة
المقبلة.
وكان زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، المنضوي
في "الإطار التنسيقي" الشيعي، قد رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء
نتائج الانتخابات، مشيرا إلى أنه قدم أدلة تثبت وجود مخالفات فنية وقانونية في عملية
الاقتراع التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ثلاثة سيناريوهات
بعد حسم المحكمة الاتحادية الجدل حول نتائج الانتخابات، انتقلت
المعركة بين القوى الشيعية من كونها انتخابية إلى سياسية، حيث بدأت مرحلة المفاوضات
بين جميع الأحزاب والكتل السياسية لتشكيل الكتلة الأكبر تمهيدا لاختيار رئيس الحكومة
المقبل.
وفي ظل هذا الحراك السياسي طرحت ثلاثة سيناريوهات محتملة
لإعلان الكتلة الأكبر، أولها دخول "الإطار التنسيقي" والتيار الصدري في كتلة
واحدة، والثاني: ذهاب "الإطار التنسيقي" موحدا لتشكيل الكتلة الأكبر بدون
الكتلة الصدرية وتشكيل حكومة توافقية مع الكرد والسنّة.
أما السيناريو الثالث، فهو أن تذهب الكتلة الصدرية من دون
"الإطار التنسيقي" لتشكيل الكتلة الأكبر مع قوى سنية وكردية، ثم الذهاب إلى
تشكيل حكومة أغلبية وطنية أيضا مع الطرفين الكردي والسني.
وخلال مؤتمر صحفي عقدته الكتلة الصدرية في النجف، الثلاثاء،
بحضور جميع أعضائها، أعلن رئيس الكتلة حسن العذاري عن مضيّ كتلته بمشروع "الإصلاح
الكبير"، بالقول: إن "زعيم التيار مقتدى الصدر تبنى مشروع حكومة أغلبية وطنية
لإنقاذ العراق وتخليصه من الفساد والفاسدين".
وأضاف العذاري أن الكتلة الصدرية "عاهدت الشعب العراقي
على المضي بمشروع الإصلاح الكبير الذي تبناه الصدر في تخليص العراق من الفاسدين، وأن
ننجز ما وعدنا به شعبنا".
ورحب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة على
"تويتر"، الاثنين، بقرار المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات،
داعيا إلى الحفاظ على "السلم والسلام" والإسراع في تشكيل حكومة "أغلبية
وطنية لا شرقية ولا غربية" حسب وصفه.
وقدم الصدر شكره لكل من ساهم في الانتخابات، ذاكرا
"القضاء الأعلى، فائق زيدان، المحكمة الاتحادية، مفوضية الانتخابات، والممثلة
الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بلاسخارت".
"السيناريو الأقرب"
وتعليقا على ذلك، رأى الباحث والأكاديمي العراقي وحيد عباس
أن "السيناريو الأقرب هو تشكيل حكومة أغلبية وطنية بقيادة الصدريين وقوى سنية
وكردية، ولا سيما تحالفي (تقدم) بقيادة محمد الحلبوسي و(العزم) بزعامة خميس الخنجر،
والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني".
وأوضح عباس في حديث لـ"عربي21" أن "التيار
الصدري يعمل حاليا على استقطاب تحالف (الفتح) بقيادة هادي العامري من (الإطار التنسيقي)،
وبذلك يشكل الأغلبية الشيعية التي اشترطتها القوى السنية والكردية على الصدريين للتحالف
معهم".
وأشار إلى أن "العامري في الوقت الحالي هو الأقرب إلى
التيار الصدري من غيره من داخل (الإطار الشيعي) وإذا نجح الصدريون باستقطابه سيحققون
هدفين، الأول: الأغلبية الشيعية، والثاني: عزل ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي
وإنهاء طموحاته بالعودة للمشهد".
وأكد عباس أنه "لا أحد يستطيع تشكيل الحكومة بدون التيار
الصدري، لذلك يحاول (الإطار التنسيقي) التفاهم مع الصدر للوصول إلى صيغة تحفظ وضعهم
ونفوذهم في مؤسسات الدولة، لكن الأخير سيقدم مغريات للعامري فقط، وربما لرئيس ائتلاف
النصر حيدر العبادي للالتحاق بالكتلة الصدرية".
واستبعد الباحث سيناريو تشكيل الحكومة من قوى "الإطار
التنسيقي"، ذلك "لأن الصدر يمتلك كتلة برلمانية كبيرة ومتماسكة، ولا تستطيع
أي حكومة العمل إذا تحول للمعارضة، خصوصا أن كتلتي (امتداد، والجيل الجديد) قررتا تشكيل
معارضة، أي سيكون العدد نحو مئة نائب".
"اتفاق محتمل"
وفي المقابل، توقع الباحث في الشأن السياسي العراقي، نجم
المشهداني أن "يتفق الشيعة فيما بينهم والتوجه لتشكيل حكومة توافقية، ولذلك ذهب
إلى النجف، الأربعاء، وفد من (الإطار التنسيقي) يضم هادي العامري وقيس الخزعلي وفالح
الفياض للقاء زعيم التيار الصدري".
وأوضح المشهداني في حديث لـ"عربي21" أنه
"حتى الآن لا يوجد اسم محدد لرئاسة الحكومة المقبلة، لأن جهود القوى الشيعية جميعها
منصبة حاليا نحو التوصل إلى اتفاق يجمع بين قوى (الإطار التنسيقي) والتيار الصدري".
ورأى الباحث العراقي أنه "إذا لم يجر الاتفاق اليوم
بين الشيعة، فإن السيناريو الأقرب هو ترك الصدر يجرب حظه ويفشل، إما بالإخفاق في تشكيل
الحكومة خلال المدة المقررة، أو إفشال حكومته لاحقا، والعكس صحيح، بمعنى العقدة مستحكمة
وإن ظهر الاتفاق".
وكشف المشهداني عن "تسريبات تفيد بقرب وصول القيادي
في حزب الله اللبناني محمد كوثراني إلى العراق، للعمل على جمع القوى الشيعية وتوحيد
موقفهم، ومن ضمن عمله أيضا موضوع رئاسة البرلمان فهم مهتمون بها أكثر من رئاسة الجمهورية".
وأشار إلى أن "الشيعة متخوفون من عودة محمد الحلبوسي
إلى رئاسة البرلمان مر ثانية، بسبب طريقة إدارته وارتباطاته بدولة الإمارات العربية
المتحدة، ولا سيما بعد أن سحب خميس الخنجر معه ورتب زيارته إلى الإمارات، الأمر الذي
أحدث خلافا داخل تحالفه (العزم)".
وتوقع المشهداني "قرب تفكك تحالف العزم بقيادة الخنجر،
وبقاء مناصري الحلبوسي فقط داخل التحالف"، مشيرا إلى أن "المرشحين البدلاء
الأقرب إلى الشيعة لرئاسة البرلمان هم: خالد العبيدي (وزير الدفاع الأسبق) كونه الأضعف،
ومحمود المشهداني (رئيس البرلمان الأسبق) لكنه لا يحظى بدعم، أما ثابت العباسي فلن
يكون مطلقا كونه تركمانيا".
ووفق نتائج الانتخابات، فقد حققت "الكتلة الصدرية"
73 مقعدا، يليها تحالف "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي بـ37 مقعدا، ثم ائتلاف
"دولة القانون" بقيادة نوري المالكي برصيد 33 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني
بزعامة مسعود البارزاني بـ31 مقعدا.