أكد معهد بحثي إسرائيلي، أن دولة
الاحتلال حاليا في مفترق طرق بالنسبة للتعامل مع المشروع النووي الإيراني، وهو ما
يستوجب أن تدير تل أبيب بحذر خطواتها في الساحة الفلسطينية والشمالية.
وأوضح معهد السياسة والاستراتيجية في المركز
متعدد المجالات في هرتسيليا، في دراسة أعدها خبراء المعهد برئاسة الجنرال عاموس
جلعاد، أن "إسرائيل توجد في مفترق طرق استراتيجي، في ضوء المفاوضات التي
تراوح مكانها بين إيران والقوى العظمى، والحاجة إلى وقف التقدم الإيراني في
المشروع النووي".
تقدم سريع
وأضاف: "في هذا الإطار، التنسيق
الاستراتيجي مع الولايات المتحدة يشكل عنصرا حرجا للتأثير على صياغة الاتفاق
المستقبلي، فتركيز جهد فاعل على التهديد الإيراني يستوجب من إسرائيل أن تدير بشكل
حذر خطواتها في الساحة الفلسطينية والشمالية، وأن تبقي فيهما هدوءا نسبيا كي تمنع
المس بالاهتمام في الموضوع النووي".
ولفت إلى أن جولة المحادثات السابعة التي انتهت
في فيينا، عقب عودة الفريق الإيراني للتشاور مع طهران، لاقت انتقادا علنيا من
الأوروبيين والأمريكيين، الذين شددوا على أن الزمن للوصول إلى صفقة ينفد، في ضوء
التقدم الإيراني السريع في البرنامج النووي".
اقرأ أيضا: كوخافي يوجّه بتسريع الاستعدادات لهجوم محتمل ضد إيران
وأشار المعهد إلى أن "المفاوضات أظهرت
تقدما ما بموافقة الطرفين على الأجندة ومسائل البحث في المفاوضات، وكذا الاستعداد
الإيراني المبدئي لاستبدال كاميرات الوكالة الدولية في المصنع بمدينة
"كراج"، حيث تنتج عناصر لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وكانت
طهران قد أزالت الكاميرات من الموقع في حزيران/ يونيو الماضي، بعد عملية تخريب نسبت
لإسرائيل".
وزعم أن "الفجوات بين الطرفين
بقيت عميقة، وواصلت إيران المطالبة برفع كل العقوبات، والعودة إلى الاتفاق الأصلي
الموقع في 2015، مع تلقي ضمانات أمريكية، ألا تخرج مرة أخرى من الاتفاق"،
منوها بأن "الولايات المتحدة وأوروبا يترجمون النهج الإيراني كتعبير عن عدم
الجدية والتسويف، في ضوء الرفض بالاعتراف بالتقدم المتحقق في جولة المحادثات
السابقة".
ورغم أن المحادثات ستستأنف مع نهاية 2021، إلا أن التقدير أن "القدرة على الجسر بين مواقف الطرفين متدنية في ضوء الفوارق
الجوهرية والمبدئية"، بحسب الدراسة الإسرائيلية التي نبهت أن "واشنطن
تمارس ضغطا على إيران للعودة إلى الاتفاق
النووي، وتشير إلى وجود خيارات أخرى غير المسار الدبلوماسي، ووفي هذا الإطار، سرب
موظفون كبار من وزارة الخارجية الأمريكية أنه قبل نحو شهرين طلب الرئيس جو بايدن
من مستشار الأمن القومي، جاك ساليبان، مراجعة خطط البنتاغون لعمل عسكري في حالة فشل
الجهد الدبلوماسي، وإضافة إلى ذلك، في إطار زيارة وزير الأمن الإسرائيلي إلى
واشنطن، ولقاء نظيره الأمريكي في كانون الأول/ ديسمبر الحالي، نشر أنه تم بحث مخططات
هجومية مشتركة على مواقع النووي الإيراني في حالة فشل الجهد الدبلوماسي".
حلول وسط
ولفتت إلى أن "واشنطن تفحص كيف
يمكن أن تشدد العقوبات على إيران، وأكدت
وزارة المالية الأمريكية أنها لن تتردد في فرض العقوبات على البنوك في الإمارات
إذا تبين أنها تخرق العقوبات، وهذه الخطوات تستهدف إطلاق رسالة تصميم لإيران، أن الزمن ينفد، وعليها أن تبدي استعدادا
حقيقيا للتقدم في المفاوضات؛ في ضوء الأثمان المحتملة؛ الاقتصادية
والعسكرية".
ونبه المعهد إلى أن "إسرائيل تعارض القناة
الدبلوماسية التي يعتبرها كـ"ابتزاز نووي" إيراني، ويدعو واشنطن لتشديد
العقوبات، والاستعداد لممارسة الخيار العسكري، كما أن تل أبيب تخشى من اتفاق
انتقالي يتحقق في فيينا، وفي إطاره تجمد أجزاء من البرنامج النووي مقابل رفع جزء من
العقوبات".
وإلى جانب ذلك، يكرر مسؤولون إسرائيليون "رسالتهم؛ بأن إسرائيل تستعد لعملية عسكرية مستقلة عند الحاجة، وتل أبيب لن
تقبل واقعا ما من النووي الإيراني".
وذكر المعهد أن "الولايات المتحدة كررت
التزامها بأمن إسرائيل، ولكن نهجها حيال المشروع النووي الإيراني يختلف في إساسه
عن نهج تل أبيب"، لافتا إلى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي ساليبان، عبر عن قلق
واشنطن "من تقدم إيران السريع في المشروع النووي".
وتساءل: "هل ما تشره إدارة بايدن عن
"خيارات أخرى" تستهدف إرضاء إسرائيل، وحمل ايران على قبول حلول وسط في
المفاوضات، ولكنها لا تعبر عن استعداد أمريكي لممارسة القوة العسكرية خوفا من
الانجرار لمعركة أخرى في الشرق الأوسط؟".
ورأى أن "تركيز جهد فاعل على التهديد
الإيراني يستوجب من إسرائيل أن تدير بشكل حذر خطواتها في الساحة الفلسطينية
والشمالية (سوريا ولبنان)، وأن تبقي فيهما على هدوء نسبي، لتمنع المس بالاهتمام في
الموضوع النووي".
توصيات
وخلصت الدراسة إلى توصيات، حيث شدد على
وجوب "تعزيز التنسيق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة لغرض تثبيت التأثير
الإسرائيلي على المفاوضات في فيينا، وتأكيد التزام واشنطن ببناء القوة
الإسرائيلية، وتطوير رد شامل (عسكري واقتصادي) لتشديد الضغط على إيران، في حال فشل
الجهد الدبلوماسي".
ونوهت إلى أنه "على إسرائيل أن تمتنع عن
نشر الخلافات التي تظهر في الحوار الاستراتيجي الجاري مع كبار رجالات الإدارة
الأمريكية، وتقلص قدر الإمكان الخطاب العلني في موضوع المعركة ضد النووي الإيراني
من جانب المسؤولين في تل أبيب، لأن
التسريبات تضعضع الثقة الأمريكية، وتمس بالموقف الإسرائيلي، وبقدرة تأثيره على سياق
اتخاذ القرارات في واشنطن".
ونبهت إلى أهمية أن "تسعى إسرائيل للتوقيع
على اتفاق نووي جديد وفاعل، يعطي جوابا لكل الجوانب المتعلقة بوقف التقدم في
النووي، وتمديد زمن الاختراق له، وهذا الاتفاق سيعطي جوابا لاحتياجات إسرائيل
الأمنية واحتياجات الساحة الإقليمية والدولية، في ضوء الآثار الخطيرة وبعيدة المدى
لإيران نووية".
وبالتوازي مع ما سبق، لفتت الدراسة إلى
ضرورة أن "تستثمر إسرائيل في بناء قوة متسارع لغرض تطوير جواب عسكري مصداق
على تحدي المشروع النووي الإيراني، كما أن تعزيز الأهلية والجاهزية العملياتية سيعزز الردع الإسرائيلي، ويثبت قدرة مستقلة بعيدة المدى ليوم الأمر".
اتهامات إسرائيلية متبادلة بشأن برنامج إيران النووي
انتقادات إسرائيلية لتهديدات رئيس "الموساد" ضد إيران
ما التحديات التي تواجه "إسرائيل" إذا نفذت هجوما على إيران؟