أعطت المفوضية العليا للانتخابات مؤشرا جديدا يدفع باتجاه تأجيل الاستحقاق الانتخابي، بعد أن أعلنت رسميا عجزها عن نشر القوائم النهائية للمرشحين، مشيرة إلى أنها تقوم بتدقيق ملفات المتقدمين "التي فاقت العدد المتوقع".
وتأتي هذه الخطوة رغم أن الوقت المتبقي للانتخابات لا يتجاوز الـ10 أيام فقط، ما دفع بعض المتابعين والمحللين لترجيح التأجيل، موضحين أن ما صرحت به المفوضية يعتبر إيذانا ضمنيا بـ"تجميدها".
اقرأ أيضا: المرشح الغويل: انتخابات ليبيا ستؤجل.. تحدث عن دور ويليامز
ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا قالت فيه، إن فرص عقد أول انتخابات رئاسية في ليبيا يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر تقترب من الانهيار، وذلك في أعقاب تصريح المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أنها ليست قادرة على نشر قائمة المرشحين نتيجة للشكوك القانونية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن تأجيل الانتخابات "يعد ضربة للجهود الدولية التي تأمل بإعادة توحيد البلد المنقسم، وسط خشية دولية من تلاشي زخم التقدم باتجاه الديمقراطية".
ورأت الصحيفة أنه "على المدى القصير يجب الاتفاق على مواصلة الحكومة الانتقالية عملها وملء الفراغ السياسي ومنع عودة الحرب الأهلية".
ضغوط على المفوضية
المحلل السياسي، ناصر بوديب قال، إن المفوضية أصبحت طرفا في الصراع القائم حول الانتخابات، وهي تتعرض لضغط من أطراف داخلية وخارجية، حتى تؤخر نشر القوائم النهائية، وذلك بهدف استبعاد أحد المرشحين من السباق الرئاسي، متوقعا أن الأمر يتعلق بالمرشح، سيف القذافي.
ولفت بوديب في حديث متلفز تابعته "عربي21" أن تصريحات رئيس المفوضية، تشير إلى أن الانتخابات ربما لن تجري في موعدها، متسائلا في هذا السياق "عن وجود خطة بديلة لدى المفوضية لما بعد التأجيل المرتقب، باعتبار أن الصراع القائم سياسي وليس قانونيا، وفق ما صرح به رئيس المفوضية".
اقرأ أيضا: تأجيل إعلان القائمة النهائية لمرشحي الرئاسية الليبية
ومتحدثا عن فرص المرشحين لعرض برامجهم الانتخابية، في ظل ضيق الوقت قال: "هناك نحو 96 مرشحا، وهؤلاء لديهم برامج انتخابية، ويفترض أن يكون هناك وقت كاف لعرضها على الناخبين،(..) ومن حق الناخب الليبي أن يعطى فرصة لاختيار من هو أفضل، ومن يتحلى بالوطنية، ومن حق المرشحين أيضا أخذ الوقت الكافي لعرض برامجهم الانتخابية بأريحية، لكي يقنعوا الجمهور بالتصويت لهم".
وأضاف: "تصريحات رئيس المفوضية (عماد السايح) لا تمت للديمقراطية بصلة، وهو متورط في ما يجري الآن، وما سيحدث بعد 24 من الشهر الجاري".
ويليامز ستغير المشهد
ويرى بوديب أن "المستشارة الأممية، ستيفاني ويليامز ستغير المشهد الانتخابي، بما يشمل تغيير الموعد، إلى شهر مارس القادم"، مشيرا إلى أن الأخيرة "وصلت إلى طرابلس وبدأت لقاءات بهدف إيجاد مخرج للتأجيل، استكمالا لخارطة الطريق التي رعت تنفيذها ويليامز".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عين الاثنين الماضي، القائمة السابقة بأعمال رئيس البعثة الأممية في العاصمة طرابلس، ستيفاني ويليامز، مستشارةً خاصةً له بشأن ليبيا، وفق المتحدث الأممي.
وستقود ويليامز جهود المساعي الحميدة والوساطة والمشاركة مع أصحاب المصلحة الليبيين الإقليميين والدوليين لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي الثلاثة، السياسية والأمنية والاقتصادية، وكذلك تقديم الدعم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا. بحسب بيان للأمم المتحدة.
المحلل السياسي، أحمد الروياتي، قال إن الانتخابات في حكم المؤجلة الآن، في أعقاب تعذر نشر القوائم النهائية للمرشحين، ومداهمة الوقت للعملية الانتخابية التي لم يتبق على موعد إجرائها سوى أيام معدودة.
ولفت في حديث لقناة ليبيا الأحرار، تابعته "عربي21" إلى أن بيان المفوضية، يعني أن الانتخابات جمدت بالفعل إلى أجل غير مسمى"، قائلا: "لا أحد يعرف الآن ما الذي سيحدث، والمفوضية تتحمل المسؤولية الأكبر في التعثر الحاصل، حينما رفضت ونأت بنفسها عن تنفيذ القرار 173 الذي يسمح لها بأن تطابق الشروط على المرشحين، لكنها استبعدت تطبيق مواد القوانين تحت ضغوطات".
التأجيل بات مرجحا
المرشح للانتخابات الرئاسية الليبية، سلامة الغويل، أكد في مقابلة مع "عربي21"، أن تأجيل إجراء الانتخابات بات أمرا مرجحا، موضحا أن الشعب الليبي يراهن جديا على اللعبة الديمقراطية.
اقرأ أيضا: ما حقيقة وجود "صفقة" بين حفتر والدبيبة لتأجيل الانتخابات؟
ورغم إقراره بوجود أزمة سياسية بالوقت الحالي، وحالة انسداد بسبب أطراف سياسية وعدم قبول الآخر والصراع العسكري، إضافة إلى استخدام الأطراف للقوانين أو السلطة لمصالح شخصية، إلا أنه أكد أنه "لا بد من الانتخابات، ولا بد من فرضها من قبل المجتمع الدولي، تلافيا لحالة الرفض وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات من قبل الأطراف المعنية في حالة خسارتها الانتخابات، بالتالي الانتخابات أمر حتمي لإنتاج سلطة سياسية تمثل إرادة الشعب الليبي".
وتستعد ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية، ستكون الأولى حال عقدها في تاريخ البلاد منذ تأسيسها في 24 من كانون الأول/ ديسمبر 1951، لكن هذه العملية الديمقراطية المعقدة، حالها حال الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية بالبلاد، تواجه صعوبات عدة وسط مرحلة حرجة من تاريخ البلاد.
ورغم أنه لا يزال سوى أقل من أسبوعين على إجراء الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، لكن إلى حد ذلك لم تعلن المفوضية العليا للانتخابات، عن القائمة النهائية للمرشحين، ومنها ساعة الصفر لبدء الحملات الانتخابية التي لن تكون سهلة بحكم الجغرافيا والتاريخ والمجتمع وعوامل أخرى عديدة.
50 مرشحا للرئاسة غربي ليبيا.. هل تفتت الأصوات لصالح حفتر؟
كيف يؤثر ترشح "عقيلة صالح" على حظوظ "حفتر" بالانتخابات؟
ماذا وراء تصريح "المنفي" حول تسوية جادة بخصوص انتخابات ليبيا؟