الأعلى للدولة: نتشاور مع جميع الأطراف السياسية لوضع اللمسات الأخيرة على مبادرتنا لإنهاء الأزمة
على ضوء التطورات الأخيرة.. من المتوقع إطلاق عملية سياسية جديدة ومختلفة في ليبيا
مفوضية الانتخابات تفتقد المصداقية ومنحازة لصالح طرف ضد آخر
قوى خارجية تتحكم في مشهد الانتخابات.. وتغيرات كبيرة في المواقف الدولية بشأنها
كشف النائب
الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، عمر عبد العزيز بوشاح، في مقابلة مع
مراسل "عربي21"، أجريت في العاصمة الليبية طرابلس، عن سعي المجلس لطرح مبادرة
سياسية بهدف لحل الأزمة الدستورية، متهما قوى خارجية بالتحكم في مشهد الانتخابات،
ومشككا في نزاهة العملية الانتخابية برمتها.
وقال بوشاح، إن "المجلس
شكّل لجنة لإعداد مبادرة للخروج من حالة الانسداد السياسي الحالي، بغرض حسم الأزمة
الدستورية في البلاد، المرتبطة بالخلافات حول القوانين الانتخابية"، لافتا
إلى أن تلك اللجنة "تتشاور في الوقت الراهن مع جميع الأطراف السياسية، وبصدد
وضع اللمسات الأخيرة عليها، وسيتم الإعلان عنها خلال أيام".
وأكد نائب رئيس الأعلى للدولة، لمراسل "عربي21"، أن "المشهد الانتخابي في ليبيا يمر بعقبات
كبيرة، ويسير على طرق مُلغّمة، وذلك لأنه لم يُبنِ على أساس دستوري وقانوني صحيح،
ولم يُراعِ فيه الحد الأدنى من التوافق والشراكة السياسية، وتم التفرّد باتخاذ
كافة الإجراءات والقوانين بالمخالفة للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخارطة
الطريق، وحتى اللائحة الداخلية لمجلس النواب".
وتابع:
"نحن نعتقد بأن المسار الانتخابي يتجه نحو الانسداد السياسي، ولهذا نعمل مع
شركائنا في الوطن على إعداد تلك المبادرة لمعالجة هذا الانسداد، ولوضع أساسات
صحيحة ودستورية يمكن البناء عليها".
ولفت المسؤول
الليبي إلى أن "القوانين الانتخابية المعيبة هي السبب الرئيسي لدخول جميع
الشخصيات الجدلية ممن كانوا سببا في معاناة الليبيين طيلة العقود الماضية.. ولذلك
نرى أن الأزمة، التي خلقتها هذه القوانين، جعلت من قرار استبعاد البعض مشكلة وقرار
الإبقاء على آخرين مشكلة أكبر".
وكانت محكمة
استئناف سبها (جنوبا) قد قبلت مؤخرا الطعن المقدم من سيف الإسلام القذافي وأعادته
إلى سباق الانتخابات الرئاسية، في حين قضت محكمة الزاوية الابتدائية (غربا) بإبعاد
اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من الانتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذي من شأنه -وفق مراقبين- إحداث زلزال سياسي في البلاد، خاصة إذا تم ترسيم هذا الحكم واعتمدته
مفوضية الانتخابات بشكل نهائي.
وشدّد نائب رئيس
المجلس الأعلى للدولة على أن "المُطّلع على قوانين الانتخابات، والمُتابع للمشهد
في ليبيا، يلاحظ بشكل جلي أنها قوانين مُفصّلة لتشكيل مشهد سياسي لصالح طرف سياسي
معين مع ضمان إقصاء الأطراف الأخرى، وبهذا الشكل تكون نتيجة الانتخابات مشكلة
وليست حلا".
أما عن تقييمه
لأداء مفوضية الانتخابات، فأوضح بوشاح أنها "كانت منحازة في جميع قراراتها
لطرف (لم يسمه) ضد آخر، وكذلك المواقف السياسية لمَن يقودونها، والتي كان من
المفترض أن تبتعد عن الانحياز والعمل السياسي. ولذلك نعتقد بأن المفوضية افتقدت
للمصداقية، وهي أهم عنصر لنجاح عملها واعتراف الجميع بنتائجها".
إقرأ أيضا: WP: تشاؤم في ليبيا من الانتخابات ومخاوف من المرشحين
قواعد دستورية سليمة؟
واستنكر بوشاح، الاتهامات
التي توجّه للمجلس الأعلى للدولة بعرقلة الانتخابات، قائلا: "المتابع لمواقف
المجلس منذ تأسيسه يلاحظ غير ذلك؛ حيث كان المجلس سبّاق في إعداد قانون الاستفتاء
على الدستور، وذلك بعد اعتماد الهيئة التأسيسية مباشرة عام 2017، ونحن ندعم جميع
مسارات التسوية للوصول لانتخابات على قواعد دستورية سليمة.. ولكن للأسف المخالفات
والرفض كان من مجلس النواب، وهو ما عرقل العملية السياسية طيلة السنوات
الماضية".
وأكد المسؤول
الليبي وجود "عمليات تزوير ممنهجة في بطاقات الناخبين"، معلقا بأن "الأمر
أصبح واضحا للجميع، وقد تم تناوله في مختلف وسائل الإعلام"، مشدّدا على أن
"المفوضية غير جاهزة وغير مؤهلة للقيام بعملية انتخابية نزيهة وشفافة، ولكن
الإصرار من قِبلهم على إجراء الانتخابات في موعدها جعلهم يسلقون العملية سلقا بشكل
فج وبدون أي معايير صحيحة".
وفي مستهل رده عن سؤال
مراسل "عربي21" عن طبيعة العلاقة الآنية بين المجلس الأعلى للدولة وباقي المؤسسات
الليبية، وخاصة مجلس النواب، قال: "المجلس الأعلى للدولة يمارس مهامه المنصوص
عليها في الاتفاق السياسي، ويمثل شريحة كبيرة من الليبيين الذي يؤمنون بالدولة
المدنية الحرة التي يحكمها الدستور والقانون، والمجلس منفتح على الجميع، ومستعد للتعاون
مع الجميع".
مواقف متغيرة للمجتمع الدولي
وأشار نائب رئيس
المجلس الأعلى للدولة إلى أنه "لا يمكن حاليا التنبؤ بمآلات المشهد السياسي
الليبي، ولكن الأهم من كل ذلك هو مدى شرعية هذه الانتخابات، والتي بُنيت على
أساسات غير دستورية، وكذلك الاعتراف بالنتائج".
واستطرد بوشاح
قائلا إن "هناك قوى خارجية تتحكم في مشهد الانتخابات الليبي؛ لأن فرض
الانتخابات بهذا الشكل المعيب وفرض وجود مرشحين بعينهم كان من قوى خارجية،
ولم يكن قرارا ليبيا خالصا".
بينما نوّه نائب
رئيس المجلس الأعلى للدولة إلى وجود "تغيرات كبيرة في المواقف الدولية بشأن
الانتخابات الليبية، وأصبحت تلك المواقف تتوالى، وهناك بعض السفارات في طرابلس
أصبحت تتواصل مع بعض الأطراف السياسية لمحاولة إيجاد مخرج من الوضع الحالي".
إقرأ أيضا: تشكيك أممي بشأن نزاهة الانتخابات الرئاسية القريبة في ليبيا
إطلاق عملية سياسية جديدة
ولفت بوشاح إلى
أنه من المتوقع الإعلان عن عملية سياسية جديدة ومختلفة في ليبيا على ضوء التطورات
الأخيرة، مؤكدا أن "هذا احتمال وارد، وملامحه أصبحت تلوح في الأفق.. مع
أننا ندعم العملية الانتخابية على أساس دستوري صحيح لتجديد الشرعية ومشاركة أكبر
الليبيين في السلطة".
لكنه يرى أن
تداعيات العملية السياسية الجديدة تتوقف على طبيعة تلك العملية وأطرافها.
واختتم بقوله إن
"العملية الانتخابية الحالية بُنيت على قواعد هشة وغير سليمة، لذلك سيتحمل
مسؤولية انهيارها كل مَن ساهم في ذلك، ولقد حذرنا مرارا وتكرارا من هذا المشهد..
ولكن كان هناك شبه تفاهم بين أطراف إقليمية ودولية على ضرورة تجاوز الاتفاق
السياسي، وهو الحصن الأخير والمرجعية الوحيدة للعملية السياسية في ليبيا".
يشار إلى أنه من
المقرر إجراء جولة أولى من الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجاري،
في حين أُرجئت الانتخابات البرلمانية إلى كانون الثاني/ يناير أو شباط/ فبراير،
لكن دون الاتفاق على قواعد الانتخابات.
ومع اقتراب موعد
الانتخابات تظل الخلافات المستمرة حول قانوني الانتخاب بين مجلس النواب من جانب،
والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي من جانب آخر؛ ما
يهدد إجرائها في موعدها.
وكان المشاركون
في مؤتمر باريس الدولي بشأن ليبيا قد هددوا، في بيانهم الختامي، الذي صدر يوم
الجمعة 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بفرض عقوبات على الأفراد الذين
"سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوّض الانتخابات المقررة في
ليبيا"، سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.
"عربي21" تحاور نوري أبوسهمين بعد استبعاده من انتخابات ليبيا
ضيف "عربي21": مقابلة مع رئيس "الإحياء والتجديد" الليبية
مسؤول ليبي لـ"عربي21": لن تكون هناك انتخابات في 24 ديسمبر