أثارت تصريحات قوى عراقية عن تقديمها "أدلة كافية" إلى المحكمة الاتحادية من شأنها أن تلغي نتائج الانتخابات البرلمانية، تساؤلات عدة حول إمكانية حدوث ذلك في وقت أكدت فيه الأمم المتحدة نزاهتها وحذرت من أي محاولات "غير مشروعة" لنزع مصداقية إعلان النتائج.
ولم تحسم حتى الآن نتائج الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إذ تتهم قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي جهات خارجية وداخلية بالتلاعب فيها وتزويرها، وهذا ما رفضته مفوضية الانتخابات، والقوى الفائزة وعلى رأسهم التيار الصدري.
"عملية صعبة"
من جهته، رأى الخبير القانوني العراقي القاضي علي التميمي في حديث لـ"عربي21" أن "إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية عملية بالغة الصعوبة، ولم يحصل في تاريخ الجمهورية العراقية أن جرى إعادة أو إلغاء أي انتخابات".
وأوضح التميمي أن "البرلمان في الوقت الحالي غير موجود، وكذلك حكومة مصطفى الكاظمي هي لتصريف الأعمال، لذلك عملية إلغاء نتائج الانتخابات تحتاج إلى جهود كبيرة، وبالتالي لا يمكن إعادتها في الوقت الحالي".
وأشار الخبير القانوني إلى "سبيل وحيد يمكن أن تلجأ إليه القوى المعترضة، وهو إعادة العد والفرز اليدوي الشامل في عموم العراق، وذلك عن طريق تقديم القوى طلب إلى المحكمة الاتحادية بذلك".
وتابع التميمي، قائلا: "إذا كان هناك من يمتلك أدلة عن إشكالات إدارية وقانونية ليقدمها وبالتالي المحكمة الاتحادية لها القول الفصل في ذلك".
اقرأ أيضا: الصدر: الحل بحكومة أغلبية.. ولا نأخذ الأوامر من خلف الحدود
أما عن المخالفات التي يمكن أن تعتمدها المحكمة لإلغاء الانتخابات، قال التميمي إن "بعض القضايا ربما تلغي النتائج، منها: عدم مشاركة ناخبي الخارج، ومنتسبي الحشد الشعبي في الانتخابات، إضافة إلى إعلان النتائج بطريقة جزئية، وهذه كلها تصطدم بمواد دستورية".
وعن الحكم الولائي الذي تسعى القوى المعترضة الحصول عليه من المحكمة الاتحادية، أوضح القاضي التميمي أن "الطاعنون يطلبون بذلك تأجيل المصادقة على نتائج الانتخابات لحين البت في جميع الطعون المقدمة".
ولفت التميمي إلى أن "مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج هي ليست مصادقة شكلية، بل موضوعية أيضا فلها أما تلقائيا أن تدقق، ولها بناء على طلب المعترضين بالدعاوى المقامة تقرر ما تراه".
"رفع للسقف"
وفي المقابل، رأى مدير مركز "بغداد" للدراسات الإستراتيجية، مناف الموسوي في حديث لـ"عربي21" أن "الحديث عن إلغاء الانتخابات هو محاولة لرفع سقف المطالب لدى الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات، لذلك لا يوجد مسوغ قانوني يمكن أن تعتمده المحكمة الاتحادية لإلغاء الانتخابات".
وأضاف الموسوي: "كذلك كانت رسالة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، جنين بلاسخارت واضحة عندما تحدثت عن عدم وجود أدلة حقيقية لتزوير الانتخابات العراقية، وهذا يؤشر أن لا وجود لإمكانية إعادة الانتخابات".
وأشار إلى أن "دعوة بلاسخارت إلى الأطراف الخاسرة بقبول النتائج يشير إلى أن إعادة الانتخابات بات أمرا مرفوض دوليا إضافة إلى الرفض الداخلي، وبالتالي لا يمكن إلغاء الانتخابات الحالية".
ورأى رئيس مركز "بغداد" للدراسات الإستراتيجية أن "الخاسرين في الانتخابات قد استخدموا جميع الطرق القانونية في عملية الاعتراض والطعن بالنتائج، ذلك أعتقد أن إعلان النتائج ومصادقة المحكمة الاتحادية عليها قد يخفف من الأزمة".
وأوضح الموسوي أن "هناك مبادرات أطلقتها الرئاسات الثلاثة في البلد لمحاولة إيجاد مخارج حقيقية للأزمة الحالية لكن ضمن ما يتحدث عنه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو الذهاب إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية".
وأعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أن "الحل الوحيد لإنقاذ العراق أن يكوّنوا حكومة أغلبية وأكون في المعارضة أو العكس، أما أن أشترك في خلطة عطار فهذا لن يكون، جربنا كثيرا ولم ننجح، فلماذا التعالي على الشعب، وإرادة الشعب تريد حكومة أغلبية لخدمته".
وأضاف الصدر خلال لقائه عددا من الفائزين المستقلين بالانتخابات، الأربعاء، أن "تقسيم الكعكة أصبح أمرا معيبا وغير لائق أمام الشعب والعالم، ولن أشترك في حكومة ائتلاف أو حكومة توافقية، الذهاب للمعارضة أفضل لنا، لبناء الوطن بطريقة خاصة".
"أدلة كافية"
وفي تصريحات اعتبرها البعض تصعيدا جديدا للأزمة، قال رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، الاثنين، إن "الطعن الذي قدمه تحالف الفتح الى المحكمة الاتحادية، فيه من الأدلة الكافية لإلغاء نتائج الانتخابات"، دون الكشف عن تفاصيل هذه الأدلة.
اقرأ أيضا: هل يقدم المستقلون بالعراق كقرابين لإنهاء أزمة الانتخابات؟
وأوضح العامري، أن "قرارات الهيئة القضائية ببطلان بعض المحطات التي لم تغلق في الساعة السادسة مساء ستؤدي إلى بطلان أكثر من 6000 محطة، كما ألغيت ما يقارب 4000 محطة بسبب وجود بصمات متكررة، ما يعني أن 10 آلاف محطة ستلغى وهو رقم يشكل ما نسبته 18 بالمئة من مجموع المحطات بالعراق التي يصل عددها الى 55 ألف محطة".
وفي السياق ذاته، أكدت كتلة "الصادقون" التابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي أن تحالف "الفتح" رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات.
وقال المتحدث باسم الكتلة محمود الربيعي خلال تصريحات صحفية، الثلاثاء، إن "تحالف الفتح قدم طلبا الى المحكمة لإصدار أمر ولائي بإيقاف المصادقة على النتائج لحين البت بالدعوى".
وعلى الوتيرة ذاتها، قال القيادي في تحالف "الفتح" محمود الحياني، السبت، إن "ما حدث من تغيير بالنتائج مؤخرا بعد قرارات الهيئة القضائية يؤكد ويثبت وجود تزوير وتلاعب في الانتخابات البرلمانية المبكرة، وهذا دليل اثبتته القرارات القضائية، خصوصا بعد فوز مرشحين خاسرين وخسارة مرشحين فائزين".
وأضاف الحياني أن "كشف الهيئة القضائية لعمليات التزوير والتلاعب، سيدفع القوى السياسية والقوى الشعبية لزيادة الضغط من أجل إعادة عمليات العد والفرز اليدوي لكل المحطات، حتى تكشف عملية التزوير بشكل كامل وتبين أحجام القوى السياسية الحقيقية وفق إرادة الشعب العراقي، لا وفق الأجندات الخارجية".
وردا على ذلك الحديث عن احتمالية إلغاء نتائج الانتخابات، قال عادل جميل عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات، الاثنين، إن "باب الطعون انتهى، والمحكمة الاتحادية لها القرار الفصل في النهاية".