كيف سيرد معتقلو الريف على "تحية" وهبي بعد التماسه للملك؟

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي المغربي مصطفى الفن، أن اعتزام وزير العدل المغربي زعيم حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، تقديم ملتمس للعاهل المغربي الملك محمد السادس بالعفو عن الناشط ناصر الزفزافي ومن معه من معتقلي الريف، تحية تستوجب من هؤلاء ردا يوازيها أو أحسن منها.  

وأكد الفن في تدوينة له اليوم الاثنين، نشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "الريف ليس منطقة في شمال المغرب فحسب، الريف هو أكبر من ذلك بكثير.. الريف هو جزء من التراب المغربي لكن بمسار خاص وبماض خاص وبنمط عيش خاص.. والريف هو أيضا منطقة بخصوصية متفردة.. وهذا التفرد له صلة بالتاريخ وبالجغرافيا وبالثقافة وبعلاقة المد والجزر مع المركز".

وأشار إلى أن هذا الثابت الموضوعي الذي طبع الريف وأهل الريف لا ينبغي أن يعقد ملف معتقلي هذه المنطقة، وقال: "أكيد أن التهديد بالتنازل عن الجنسية المغربية خطوة شوشت كثيرا على هذا الملف حتى لا أقول شيئا آخر.. ورأيي أن تاريخ وخصوصية المنطقة ينبغي أن يساعدا على التفكير في حل ينتصر فيه الوطن أولا لا أن تنتصر النفوس".

وأضاف: "إذا كان صحيحا أن السياق الذي اعتقل فيه قادة الاحتجاجات بهذه المنطقة التقت فيه أبعاد شتى، وهي أبعاد فيها ما هو سياسي وما هو قانوني وما هو غير ذلك.. لكن ظني أن المناضل العاقل والحامل لفكرة نبيلة هو الذي يسترق السمع ويصيخه ويفكك لغة الإشارات".

وأكد الفن، أن عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بعث أكثر من "تحية" في هذا الملف، وقال: "وهبي بعث هذه التحايا حتى قبل أن يصبح أمينًا عاما لـ"حزب الدولة" أو وزيرا للعدل.. واحدة من هذه التحايا ذات المعنى الرمزي هي إعلان وهبي عن رغبته في فتح باب الترشح أمام معتقلي الريف في انتخابات الثامن من أيلول (سبتمبر) الماضي.. أما آخر هذه التحايا القوية فهي التصريح الأخير الذي قال فيه وهبي إنه سيضع ملتمسا بين يدي الملك من أجل العفو عن معتقلي الريف".

وأضاف: "وهبي صرح بهذا وهو وزير للعدل في دولة يعد فيها العدل أساس الملك.. لندع الجوهر بعيدا لكن الشكليات تكون أحيانا أهم من الجوهر.. فما معنى ألا يجد وزير العدل ولو طلب عفو واحد فوق مكتب لجنة العفو؟".

وأجاب قائلا: "لن أقول إن هذا عيب شكلي.. بل سأقول من القلب: كم وددت لو رد ناصر الزفزافي ومن معه على تحية وهبي بأحسن منها.. لماذا؟ لأن ثنائية "عبس وتولى" قد تطيل عمر الحزن في وقت نحن في أمس الحاجة إلى الفرح الجماعي في وطن يتسع لكل أبنائه ولا يضيق بهم"، وفق تعبيره.

 

واندلع جدل وسط الرأي العام على خلفية تصريح قال فيه وزير العدل عبد اللطيف وهبي مؤخرا، إنه يشتغل على "ملتمس" في أفق وضعه بين يدي الملك من أجل العفو عن معتقلي الريف..

ورأى الفن أن "كلام وهبي عادي جدا وطبيعي جدا حتى لا نقول إنه يستحق ربما الإشادة أيضا.. بل إن مثل هذا الكلام مطلوب ربما من وزير سياسي بنزعة حقوقية وبماض وحاضر فيهما الكثير من التمرد والخروج عن الصف".

وبعدما أشار الفن إلى أن "وهبي لم يتحدث عن عفو بل تحدث عن مجرد "ملتمس" لا غير.. أما العفو بشقيه الخاص والعام فهو مؤطر بالدستور، وشقه الأول يبقى اختصاصا حصريا للملك"، قال: "أن يقول وزير للعدل في المغرب إنه سيرفع ملتمسا للملك من أجل العفو عن معتقلي الريف فهذه ليست شجاعة وجرأة فقط، إنها أيضا "قنبلة إعلامية" بلغة الصحافة وبلغة قبيلة الصحافيين.. وأنا شخصيا لا يمكن لي إلا أن أرحب بهذه "القنبلة الإعلامية" في شكل تصريح من أي مسؤول حكومي أو أي مسؤول في الدولة"، وفق تعبيره.

 

يذكر أن "حراك الريف" اندلع في مدينة الحسيمة شمال المغرب في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، احتجاجًا على مقتل بائع السمك "محسن فكري"، وللمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية وإنشاء مشاريع تنموية، وتطوير منطقة الحسيمة وإنهاء تهميشها. 

وسارعت السلطات المغربية إلى قمع الاحتجاجات، واعتقلت مئات من المتظاهرين بين شهري أيار (مايو) وتموز (يوليو) 2017، بينهم "ناصر الزفزافي" الذي يعد من أبرز قادة الحراك، و"محمود بوهنوش". 

في حزيران (يونيو) 2018، عاقبت المحكمة "ناصر الزفزافي" بالسجن 20 عامًا، وسجنت 49 آخرين لفترات تتراوح بين عامين و15 عامًا، وأدانتهم بتهم تعسفية وغير عادلة. 

ويقدر عدد معتقلي حراك الريف حاليًا بنحو 60 معتقلاً، يخضعون لظروف سجن صعبة ومعاملة غير إنسانية. 

 

إقرأ أيضا: منظمة حقوقية تدعو لإنهاء ملف معتقلي حراك الريف في المغرب