فتحت الأحداث الجارية في السودان، وانقلاب العسكر على المسار الديمقراطي في البلاد، بابا للسؤال حول شكل التحالفات الجديدة التي يمكن أن يرتكز عليها زعيم الانقلاب، بعد الإطاحة بقوى إعلان الحرية والتغيير من المشهد.
وأكد الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي وعضو اللجنة الاقتصادية لقوى إعلان الحرية والتغيير، عادل خلف الله، على أن "الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان هي انقلاب سيعطل التداول السلمي للسلطة".
وقال خلف الله في تصريح خاص لـ"عربي21"، "كنا نحذر من الانقلاب أثناء دعوتنا لتقييم أداء مهام الفترة الانتقالية واحترام الإرادة الشعبية، التي عبرت عن نفسها في 21 تشرين الأول/ أكتوبر عبر التأكيد على التمسك بخيار الانتقال المدني وعلى أهمية تسليم البرهان رئاسة مجلس السيادة للشق المدني في 17 تشرين الثاني/نوفمبر القادم".
غطاء سياسي
ولفت إلى أن ما جرى "انقلاب كامل الأركان، والهدف منه الحيلولة دون التداول السلمي للسلطة وقطع الطريق على التحول السلمي الديمقراطي وفي مقدمة إجراءات هذا التحول تصفية بنية الفساد والتمكين، لذلك لاحظنا أن من ضمن القرارات التي اتخذها قادة الانقلاب هو اعتقال رئيس وأعضاء لجنة التفكيك وإصداره قرارا بحلها وإيقاف ما أصدرته من قرارات".
وأوضح بأن "الانقلاب كان يبحث عن غطاء سياسي واجتماعي، ولكنه كان مكشوفا لنا منذ أكثر من شهر".
وحول الاتهامات لقوى الحرية والتغيير والحكومة بأنهما أقصيا الأحزاب الأخرى قال خلف الله: "الغاية لا تبرر الوسيلة، وبغض النظر عن أي مسوغات الانقلاب ليس هو الحل، والحكومة مشكلة بموجب الاتفاقية والعناصر المشاركة فيها هي نفسها العناصر التي قادت الانتفاضة الشعبية وأضيف لها شركاء السلام، في حين يسيطر المكون العسكري على أهم وزارتين الداخلية والدفاع إضافة لسيطرته على قطاعي الصادرات والمال".
اقرأ أيضا: 3 قتلى بمظاهرات ضد الانقلاب بالسودان ودعوات لعصيان مدني
وأضاف: "بالتالي إذا كان هناك إخفاق حكومي فالبرهان وحميدتي هما أول من يتحمل المسؤولية، لأنهما تحولا إلى تروس معيقة لعجلة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة ورفضا تحويل المؤسسات والأنشطة الهامة التي تقوم بها شركات محسوبة على الجيش والدعم السريع والأمن إلى وزارة المالية".
وتابع خلف الله "كنا متوقعين أن تكون الخطوة الأولى في الانقلاب القيام باعتقالات محدودة حتى لا يوسعوا من دائرة المقاومة والخصومة لهم، وكنا موقنين بأن قادة الأحزاب الأربعة التي كان يتم اعتبارها مسيطرة على الحكومة سيكونون أول المعتقلين وهذا ما حدث".
وأشار إلى أنه "تم التحفظ على رئيس الوزراء حمدوك في البداية في منزله وأخيرا تم أخذه من قبل قوة عسكرية هو وأسرته إلى جهة غير معلومة، وهنا نحمل الفريق البرهان مسؤولية حياة المعتقلين وحياة شعبنا الذي يعبر الآن سلميا عن رفضه للإجراءات الانقلابية التي قام بها البرهان".
الخطوة المقبلة
وحول خطوة الحرية والتغيير المقبلة قال: "قوى الحرية والتغيير وقطاعات واسعة من شعبنا وقوى الثورة ولجان المقاومة منذ أن أعلنت عن مليونيات في 21 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، أكدت على أن يكون الشعب مستعدا، وعليه الآن أن يعلن الإضراب السياسي والعصيان المدني كسلاح سلمي ومجرب لمقاومة الديكتاتورية".
وأكد على أن "الملايين الآن في شوارع الخرطوم والعديد من المدن السودانية بما فيها بورتسودان، وهي خرجت استجابة للمبادئ التي ظلت تتمسك بها من رفض للحكم العسكري والانقلاب والتمسك بالتحول للدولة المدنية".
ولفت إلى أن "الخطوة القادمة هي النزول للشارع وإعلان العصيان السياسي والمدني لحين استسلام الانقلابيين، وحتى يحدث ذلك يتحمل البرهان مسؤولية أي مشاكل أمنية تحصل على المؤسسات العامة أو حياة الأفراد وبنفس الوقت شعبنا حريص على سلمية تحركه".
التحالفات المقبلة
وحول إمكانية تواصل الحرية والتغيير مع الأحزاب الإسلامية ومنها المؤتمر الشعبي قال خلف الله: "نحن بموجب التزامنا لشعبنا والوثيقة الدستورية لا مجال للتواصل مع المؤتمر الوطني والشخصيات والأحزاب الأخرى التي اشتركت معه بالحكم وظلت شريكة له حتى سقوطه في 11 نيسان/أبريل 2019".
وأضاف: "بالتالي بموجب ذلك حُل المؤتمر الوطني وأصبح حزبا محظورا، فيما حالت الوثيقة الدستورية دون إشراك العناصر التي أشرت إليها ونحن لا نتعامل معها باعتبارها إسلامية أو غير إسلامية، حيث تم استخدام الإسلام خلال 30 عاما لحماية الفساد، بل نتعامل معها كقوى كانت مشاركة في السلطة لحين سقوط النظام".
وأكمل: "واليوم سمعت أحد قياداتهم يؤيد الإجراءات التي تمت وهذا هو الموقف الطبيعي بالنسبة لهم باعتبار أن الحشد الذي تم في قاعة الصداقة وأمام القصر هم مجموعة فلول النظام السابق والأحزاب التي كانت جزءا منه أو موالية له، وهذه الأحزاب جزء من خطة الانقلاب وتُعد أحد أدواته الفاعلة".
اقرأ أيضا: أمريكا: البرهان قام بانقلاب عسكري.. وتعلق مساعدات للسودان
وأردف: "بالنسبة للمؤتمر الشعبي، شعبنا ما زال يذكر أن أمينه العام الدكتور علي الحاج في لقاء تلفزيوني قبل أربعة أيام من سقوط النظام السابق قال لوسيلة إعلامية حينما سألته (لماذا لا تتركون النظام وتنحازوا إلى الشعب) أكد على أنهم لن يخرجون من السلطة وسيظلون يدافعون عنها حتى لحظة سقوطه".
من جهته قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي صديق محمد عثمان، إن "المؤتمر الشعبي أصدر بيانا هذا الصباح أعلن فيه موقفه المبدئي الرافض للانقلابات العسكرية ودعا لضبط النفس وإلى الحوار لحل الأزمة السياسية الحالية".
وحول إمكانية تحالف الحزب مع العسكر قال عثمان في حديث لـ"عربي21": "لا يمكن تسميته بتحالف، ولكن حتى بعض أحزاب الحكومة الحالية كحزب الأمة أو البعث العربي الاشتراكي المشاركين بحكومة حمدوك صدرت تصريحات من بعض قادتهم يرحبون بها بدعوة المجلس العسكري لأي حوار، ونحن كذلك سندعو للحوار ونرحب بأي دعوة لتوسيع قاعدة التوافق حول إعادة تشكيل الحكومة المدنية بأسرع وقت".
الأحزاب الإسلامية
وفي حال تم عرض وزارات على الحزب أو أعضاء منه هل سيقبل الحزب، قال عثمان: "من ناحية المبدأ نحن ضد المحاصصات الحزبية، ونعتقد بأن الفترة الانتقالية ينبغي أن تُدار بواسطة كفاءات مدنية مستقلة، بالتالي إذا رأينا إجماع القوى السياسية على أن من بين أعضائنا من يتم تصنيفه ككفاءة لا نعترض على تسلمه وزارة فنحن لا نعترض على الأشخاص ولكننا ضد المحاصصة الحزبية".
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي عثمان ميرغني، إن "الوزراء رهن الاعتقال وغالبا تم التحفظ عليهم في مقار تتبع الجيش السوداني وتحديدا في مبنى المخابرات السوداني بالقرب من المطار كونه المكان الأكثر تحصينا، وبالنسبة لحمدوك هو قيد الإقامة الجبرية مع أسرته في مكان آخر غير معلوم".
وحول تعليقه على ما حدث اليوم قال عثمان لـ"عربي21": "ما حدث اليوم هو انقلاب كامل، ولكن المسؤولية مقسمة بين الطرفين، بالنسبة للحكومة المدنية وقوى الحرية والتغيير هي تلكأت جدا في تكوين دولة مؤسسات كاملة، وتأخرت جدا في إقامة دولة المؤسسات، وتسببت بكثير من المعضلات التي تطورت بعد ذلك وأصبحت خلافا رئيسيا مع المكون العسكري".
وأضاف: "أما المكون العسكري واضح تماما أنه ينطلق من منصة المحافظة على السلطة، بمعنى أنه بهذه الترتيبات التي قام بها اليوم، أصبح الحاكم الفعلي حتى نهاية الفترة الانتقالية وبذلك هو لن يخرج من السلطة في شهر يونيو القادم كما كان متفقا عليه".
وحول إمكانية تحالف الأحزاب الإسلامية مع العسكر قال: "حاليا لا يوجد هناك تحالف رسمي بين الطرفين، لكن بالتأكيد يستفيد الإسلاميون من الإجراءات الحالية والتي قبلها، وأي أزمة تحصل في الفترة الانتقالية هي المستفيد الأول منها، وعادة يستثمرون في مثل هذه الأحداث عبر محاولة إيجاد ما يشبه الحراك الجماهيري المؤيد لهذه الإجراءات حتى تستمر أكثر من ذلك".
وعبر عن اعتقاده بأن "الإسلاميين لن يلتقوا في الفترة القادمة مع العسكر، وإن تمت لن تكون هذه اللقاءات معلنة، لكن سيكون هناك تحالف سينشأ من قبل العسكر مع مجموعة قوى الحرية والتغيير (الميثاق الوطني) المنشقة عن قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"".
انقلاب السودان يثير مخاوف نشطاء التواصل الاجتماعي
تباين المواقف بشأن أسباب وتبعات الانقلاب في السودان
ما حقيقة تلاعب الإمارات بنتائج الانتخابات في العراق؟