شهدت المظاهرات الحاشدة الخميس، هتافات مثيرة للانتباه، في مقدمتها مطالب رحيل رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في حين دعت قوى مدنية لاستكمال التظاهر ضد المكون العسكري لتسليم السلطة بالكامل للمدنيين.
وتقدم الاحتجاجات رئيس الحكومة عبد الله حمدوك، وعدد من الوزراء، للمطالبة بحكم مدني وإنهاء الشراكة مع العسكريين في السلطة الانتقالية، واستكمال الانتقال السلمي الديمقراطي، ورفض دعوات حل الحكومة وتشكيل أخرى.
ولم يعلق بعد البرهان أو حميدتي على الهتافات ضدهما وضد حكم العسكر.
اقرأ أيضا: إصابات في احتجاجات تدعو لـ"مدنية الدولة" في السودان
وجاءت الدعوة للخروج في مسيرات "مليونية" دعما للانتقال للحكم المدني من أحزاب سياسية وتيارات نقابية مثل تجمع المهنيين السودانيين، وما يعرف بلجان المقاومة التي برزت خلال الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019.
وتأتي المظاهرات ردا على أخرى خرجت مؤخرا، أيدت المكون العسكري ودعت إلى حل الحكومة بقيادة حمدوك.
استمرار التظاهر
من جانبه، دعا "تجمع المهنيين السودانيين"، المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد إلى مواصلة التقدم والتصعيد الثوري.
وقال: "ندعو الشعب الذي نهض إلى أن يواصل سيره إلى الأمام (.. ) لبلوغ غايات الحرية والعدالة والسلام".
وأضاف: "لجان المقاومة (شعبية) في الأحياء عليها تنظيم الفعاليات المسائية والتشاور لمواصلة التصعيد الثوري".
وأوضح أن "مواكب الخميس رسمت فصلا ببسالة، فإما جانب الشارع ومطلبه بانتقال كامل وفوري للسلطة لقوى الثورة، وإما جانب المجلس العسكري".
وشدد البيان على ضرورة "توحيد الجيش وتحقيق العدالة وإزالة بقايا النظام السابق (عمر البشير 1989-2019) ومحاسبة مرتكبي الجرائم".
وفي وقت سابق الخميس، أعلنت وزارة الصحة في بيان، إصابة 35 شخصا جراء تفريق القوات الأمن للاحتجاجات، فيما ذكرت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية) وقوع 37 إصابة بينها 4 بالرصاص الحي.
موعد المظاهرات
ولم يأت اختيار يوم 21 تشرين الأول/ أكتوبر لخروج التظاهرات بشكل عفوي. فقد شهد السودان في هذا اليوم قبل 57 عاما ثورة أطاحت بالحكم العسكري في البلاد.
ففي 21 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1964، عقد طلاب جامعة الخرطوم مؤتمرا، في تحد للحظر الحكومي، من أجل إدانة عمل الحكومة في جنوب السودان والتنديد بالنظام.
وفي 23 تشرين الأول/ أكتوبر، أصدر حزب الأمة في السودان بيانا شجب فيه السياسة الاقتصادية للنظام وارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، وطالب بدستور ديمقراطي.
اقرأ أيضا: حكومة السودان تشكل خلية أزمة.. ونفي لأي إنذار لاستقالتها
واستمرت المظاهرات الطلابية وامتدت إلى مدن أخرى، بما في ذلك أم درمان وجوبا وبورسودان بحلول 24 من الشهر ذاته.
وفي اليوم ذاته، حاولت مجموعة من المهنيين بقيادة المحامين تقديم التماس ضد الأعمال الوحشية التي ارتكبتها الحكومة لعبود، لكن لم يُسمح للمهنيين بالمضي قدما.
وقبل أن يتفرق الناس أعلنوا إضرابا عاما.
ومع وجود معظم قواته في جنوب السودان، لم يكن النظام العسكري قادرا على الحفاظ على سيطرته.
وفي يوم 28 من الشهر ذاته، صدر بيان عن مجموعة من ضباط الجيش، أطلقوا على أنفسهم "الضباط الأحرار"، يعلنون فيه انضمامهم للشعب من أجل استعادة الديمقراطية والدستور.
وبادر الفريق عبود إبراهيم عبود إلى الدعوة لإجراء حوار وطني دون شروط وتشكيل حكومة جديدة يكون هو جزءا منها، وتم تشكيل حكومة جديدة في 30 الشهر، برئاسة مساعد وزير التربية والتعليم سر الختم الخليفة.
ولكن المؤسسة العسكرية السودانية قامت باعتقال الضباط الذين كتبوا بيان الضباط الأحرار، فتظاهر الناس تضامنا معهم، وسرعان ما انتشرت الاضطرابات، ولم يستطع الفريق عبود مواجهتها.
وفي 15 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1964، أي بعد 3 أسابيع فقط من اشتعال الثورة، وجد الفريق إبراهيم عبود نفسه مرغما على تقديم استقالته، وتسليم السلطة للمدنيين.
وعاد الجيش السوداني إلى ثكناته، وتم تعيين حكومة انتقالية للعمل بموجب الدستور المؤقت لعام 1956.
دعوات في السودان لتظاهرات مليونية الخميس
لجنة تفكيك نظام البشير تلوح بـ"المواجهة" بعد قرار للبرهان
البرهان: الانتخابات في موعدها.. ولن أنقلب على الثورة