تشكل العلاقة الإسرائيلية مع الأردن محط تركيز لدى الأوساط البحثية والدراسية في تل أبيب، لاسيما عقب موافقة الأخيرة على إمداد المملكة بمزيد من كميات المياه التي تحتاجها، عقب رفض الحكومة السابقة بسبب خلافات شخصية حادة بين الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو.
يدرك الإسرائيليون أن الأمر يتجاوز اتفاقية آنية بقدر ما يتعلق باستعادة تحسين العلاقة مع عمان، وتعود جذورها إلى عقود طويلة، ما يستدعي، بنظر تل أبيب، المحافظة على العلاقة معها، والقفز عن أي حدث قد يعكر صفوها، لما لذلك من آثار سلبية على مستقبل الأمن الإسرائيلي، في منطقة تشهد تغيرات جيو-استراتيجية على مدار الساعة.
جاكي خوجي محرر الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، زعم أنه "ليس من الخطيئة أن تقدم إسرائيل مساعدتها لجارتها الأردن لأنها تعيش في ورطة جدية في ما يتعلق باحتياجاتها من المياه، خاصة أن الأردن لاعب إقليمي مهم، ويحتفظ بجزء استراتيجي من الحفاظ على حدود الجانبين، ما يجعل من تجديد اتفاقية المياه معه صفقة مناسبة لهما".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، وترجمته "عربي21" أنه "من المشكوك فيه أن الأردنيين وافقوا منذ توقيع معاهدة السلام معهم في 1994 على نشر صور عن حدث مشترك مع المسؤولين الإسرائيليين، حتى جاء حفل توقيع وزيرة الطاقة كارين إلهرار ونظيرها الأردني محمد النجار، على اتفاقية مياه جديدة، وبموجبها ستضيف إسرائيل 50 مليون متر مكعب من المياه التي تنقلها للمملكة منذ توقيع اتفاقية السلام".
ورغم أننا أمام حدث أردني-إسرائيلي ثنائي، فإنه أخذ أبعادا إسرائيلية أيضا، ففيما اعتبرت أوساط الحكومة الحالية أنها قدمت هدية للمملكة، فقد وجه نتنياهو، اتهاما إلى رئيس الحكومة نفتالي بينيت بعدم المطالبة بأي تغيير سياسي من الأردن. أما غلعاد شارون، نجل رئيس الوزراء السابق، فقد زعم أنه لا يتم توزيع هدايا مجانية.
وبعيدا عن الاعتبارات الاقتصادية للاتفاقية الجديدة، فإن دافعها الرئيسي هو سياسي بحت، بزعم أن الأردن ليس زبوناً لشراء المياه فحسب، بل هو أيضًا شريك رئيسي في الحفاظ على خدمات الأمن القومي، وفق الادعاء الإسرائيلي، بجانب القيام بأعمال تجارية، وصولا إلى تقديم الهدايا. وبعيدًا عن العناوين الرئيسية، تتلقى إسرائيل أيضًا هدايا أخرى لا تصل إلى وسائل الإعلام..
مع العلم أن المشروع يشمل توفير 1.3 مليار متر مكعب سنويًا، صحيح أن سوريا لديها مصادر مائية غزيرة، لكن علاقاتها مع الأردن تعاني من تقلبات، وليست في مصدر آمن، ورغم أن الأردن لديه منفذ إلى البحر في العقبة، إلا أن هناك حاجة إلى قناة إرسال لري العطشى في عمان، وهذا مشروع مكلف سيستغرق بناؤه سنوات عديدة.
ويسعى الإسرائيليون في تبرير الاتفاقية الجديدة للقول إنه آن أوان وقف الأجواء المعادية لإسرائيل في عمان، وقد أخذت عدة أشكال المظاهرات الاحتجاجية، والدعوات لإقالة السفير، وإنجاز التسوية مع الفلسطينيين، رغم أن القصر والجيش والأجهزة الأمنية التابعة له هي المسؤولة عن الهدوء الذي يسود مئات الأميال من الحدود المشتركة مع إسرائيل.
في الوقت ذاته، لم تغفل الأوساط الإسرائيلية الانتقادات التي شهدتها عمان، لأن المملكة دفعت ثمن المياه القادمة من الأراضي الفلسطينية، وهي ملكهم بالكامل، وإذا كانت المياه في نظرهم ملكية فلسطينية، فإن الأردن والسلطة الفلسطينية هم أصحابها الشرعيون، وفي النهاية فلو كان الأمر متروكًا لخصوم الملك من ناحية، وخصوم بينيت من ناحية أخرى، لما تم تنفيذ الصفقة.
أكثر من ذلك، فإن إنجاز اتفاقية المياه الجديدة يعتبر إسرائيل جزءا من حراكها السياسي مع جيرانها، أما بالنسبة للأردنيين فهي مسألة حاجة وجودية، بسبب انقطاع المياه عن التدفق لساعات وأيام متواصلة.
جنرال إسرائيلي: تحديات أمنية في العلاقة مع الأردن
هآرتس: اغتيال فخري زاده عملية استعراضية لا قيمة لها
الاحتلال مارس التضليل خلال مطاردة أسرى "جلبوع"