نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن صعود إريك زمور في استطلاعات الرأي وتفوقه على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، بشكل يضعه في مركز قوي للمنافسة في انتخابات العام المقبل.
وقالت إن الكثير من الفرنسيين يتفقون على ما يبدو معه حول آرائه من الإسلام وألا مكان له في فرنسا، مشيرة إلى أن زمور سيكون بمثابة ترامب الفرنسي. فقد قال حليف سابق للرئيس الأمريكي السابق له مرة "ترامب الفرنسي سيكون هو". وهو ما يزعمه المعارض للهجرة الجدلي في كتابه الجديد الذي سجل مبيعات عالية في سوق الكتب الفرنسي.
وتعلق بأن هذه المزاعم كانت تبدو قبل عدة أسابيع مجرد وهم ومحاولة للترويج عن النفس، لكن صعود مقدم البرامج التلفزيونية والمعتذر عن حكومة فيشي فاجأ الأحزاب الفرنسية. وكل ما يريده زمور هو قلب الأحزاب القومية الفرنسية رأسا على عقب والتفوق على مارين لوبان، ومنعها من اتخاذ مواقف لينة.
ووضع استطلاعان للرأي قبل انتخابات نيسان/ إبريل المقبلة زمور في المرتبة الثانية متقدما على لوبان وبعد الرئيس إيمانويل ماكرون. فقد تحول زمور من معلق مسعور في برنامج حواري على قناة تلفزيونية إلى موضوع للحديث فيه. وهو المكان الذي كان يريده القومي المتطرف المدان بإثارة الكراهية.
وتقترح الإستطلاعات أن ماكرون قد يقود في الجولة الأولى وسيفوز في الثانية إلا أن زمور الذي لم يؤكد ترشيحه بعد قد يلخبط الطموحات الرئاسية على اليمين واليسار. وكان المذيع التلفزيوني البالغ من العمر 63 عاما معلقا مثيرا للجدل خلال ربع القرن الأخير، وكتبه عن تدهور وانهيار الحضارة الفرنسية بعناوين مثل "الكآبة الفرنسية" و "الإنتحار الفرنسي" دليل على هذا. ولفت الأنظار في الفترة الأخيرة كمحرض على قناة "سي نيوز" الفرنسية وهي شبيهة بقناة فوكس نيوز الأمريكية. وتم لصق ملصقات "زمور الرئيس" على أعمدة الكهرباء والجدران.
وفي الشهر الماضي أجبر على التنحي من برنامج يحظى بشعبية فرنسية لأن القواعد الفرنسية في البث الإعلامي تقتضي تقديم الوقت بالتساوي للرموز السياسية في برنامجه الليلي. وتوصل منظمو البرامج التلفزيونية إلى أنه سياسي أكثر منه صحفيا، وظهوره يعتبر بهذه المثابة.
اقرأ أيضا: توقعات بفوز حزب "الجمهورية إلى الأمام" بالانتخابات الفرنسية
وفي الوقت الذي حاولت فيه لوبان تنظيف صورة حزبها كمعاد للأجانب وإبعاده عن جذوره، حاول زمور تقديم رؤية راديكالية وتأطير النقاش حول القضايا التي تعتبر مركز اهتماماته، فهو معاد للأنثوية ومعاد للصحوة أو الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالأقليات. وهو من أصل يهودي فرنسي، وزعم أن حكومة فيشي حمت اليهود الفرنسيين، وأنه يجب منع الأسماء الأجنبية مثل محمد وأن الإسلام لا يتطابق مع فرنسا.
وقال جان ماري لوبان، مؤسس الحزب الذي تقوده ابنته: "لا أحد يتجرأ على قول الأشياء (التي يقولها زمور) غيري". وقد لا تكون شعبية زمور دائمة، لكن المجادل الذي يزعم أنه من تلامذة شارل ديغول ومدرسته السياسة وجد منطقة دعم قوية له. فهو يمزج ما بين مظهر المثقف والشعبوية الفجة، بطريقة تمزج ما بين ناخبي البرجوازية الكاثوليكية المتطرفة والناخبين من الطبقة العاملة. ومن ناحية أخرى تحاول لوبان جذب الذين يعانون اقتصاديا من معسكر اليمين إلى اليسار الشيوعي السابق.
وحققت لوبان في انتخابات عام 2017، نسبة 37% أمام ماكرون، ولكنها فشلت في الفوز في منطقة واحدة خلال انتخابات هذا العام المحلية وبدأ نجمها بالأفول.
وتقوم هي وزمور بالتنافس على نفس القطاعات التي تشعر بالخيبة والناخبين من اليمين المتطرف. وقد يحصل المحرض الذي قدم نفسه كصورة ترامب فرنسي لكن بدماغ، على أصوات القوميين في أطراف اليمين الرئيس وكذا من معسكرها، بشكل يهدد وضعها في الجولة الثانية.
وترى المجلة أن صعود زمور هو تأكيد جديد على ضعف الأحزاب السياسية في سياسة انتخابات الرئاسة الفرنسية. وكشف ماكرون عن أثر مذهل عام 2017 من أن هناك إمكانية للحصول على الرئاسة بناء على دستور الجمهورية الخامسة بدون أن يكون لديك حزب له تاريخ طويل. وقال ناخب: "سيكون هناك قبل وبعد ماكرون"، و"لم تعد الأحزاب القديمة من اليمين واليسار موجودة أصلا، ولا يعرف الناس أنفسهم من خلالها، ويشعرون بالضياع". ولم يحصل مرشح الاشتراكيين بينوا هامون في انتخابات عام 2017 إلا على نسبة 6% من الأصوات، وحالهم ليس أحسن من ذلك الوقت وحتى في ظل زعيمتهم آن هيدالغو، عمدة باريس.
ويكافح مرشح الخضر يانيك جادو، بالإضافة لمجموعة من المرشحين على اليسار ولا أحد أظهر ميلا للتنازل للآخر، وحتى لو فعلوا هذا فلن يكون بمقدور مرشح اليسار المنافسة في الجولة الثانية.
وفي معسكر يمين-الوسط سيصوت الجمهوريون لمرشحهم في 3 كانون الأول/ ديسمبر. الثلاثة المفضلون هم: خافيير برتراند رئيس منطقة أعالي فرنسا، وفاليري بيكريس رئيسة منطقة باريس، وميشيل بارنييه المفاوض السابق في البريكيست.
ويعتبر بيرتراند المفضل لدى الفرنسيين بشكل عام، لكن بارنييه البالغ من العمر 70 عاما وغير المعروف في فرنسا كشهرته في بريطانيا قام بتبني مواقف محسوبة ضد الهجرة. وبالنسبة لمن يحق لهم التصويت على الترشيح وعادة ما يصوتون لليمين فلن يكون هذا المدافع عنهم. وأعلن في الوقت نفسه إدوارد فيليب، رئيس الوزراء السابق عن حزبه الخاص "أفق" في 9 تشرين الأول/ أكتوبر ولكنه وعد باستخدامه لدعم ماكرون في 2022.
ومن خلال تقسيمه أصوات اليمين، فقد ينتهي زمور بدعم ماكرون وحملة انتخابه مرة ثانية. ولم يقترح أي استطلاع أنه يستطيع الفوز والدخول في جولة ثانية. ويقول إيمانويل ريفيريه من مجموعة كانتار "لفت الانتباه كمرشح مثير للفضول" و"من الصعب إدارة حملة انتخابية أكثر من الظهور على التلفاز أو حضور حفلات توقيع كتب وحزب الرئيس يحذر من التواطؤ مع النفس"، كما يقول رولان ليسكور أحد نواب ماكرون، مضيفا أنه "يمكن الفوز ولكن ليس بعد".
وتعيش فرنسا قبل ستة أشهر على الانتخابات مزاجا ساخنا وجر زمور السياسة إلى أرض مسمومة وهو يسهم في ما قد يكون حملة قبيحة وانقسامية.
FP: الجزائر بحاجة لحرب تحرير جديدة وهذه المرة من حكامها
اتهامات لماكرون بملاحقة أصوات اليمين بعد "أزمة التأشيرات"
الغارديان: شباب تونس يريدون الهجرة وسط أزمات بلا حلول