قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن السلاح والمال،
لا يزالان يهيمنان على الانتخابات العراقية، وخاصة المليشيات المرتبطة بإيران التي أدرجتها واشنطن على قائمة المنظمات الإرهابية.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته
"عربي21" إن عصائب أهل الحق التي تتهم بشن الهجمات على القوات الأمريكية
وأدرجتها أمريكا على قائمة المنظمات الإرهابية، ليست سوى واحدة من الفصائل شبه
العسكرية، التي من المرجح أن تفوز أجنحتها السياسية بمقاعد في البرلمان في
انتخابات يوم الأحد.
وأضافت: "بعد ثمانية عشر عاما على غزو
أمريكا للعراق والإطاحة بصدام حسين، تسلط الاستعدادات للانتخابات العامة الخامسة
في البلاد الضوء على نظام سياسي تهيمن عليه الأسلحة والمال، ولا يزال منقسما إلى
حد كبير على أسس طائفية وعرقية".
ومن المرجح أن تعيد المنافسة نفس اللاعبين
الرئيسيين إلى السلطة، بما في ذلك الحركة الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر،
و"تحالف مرتبط بالمليشيات المدعومة من إيران، والحزب الكردي المهيمن في كردستان
العراق. ومن بين الشخصيات البارزة الأخرى رجل أعمال سني خاضع لعقوبات أمريكية بسبب
الفساد".
فيما بين ذلك، هناك بصيص أمل في أن قانون
الانتخابات الذي تم إصلاحه وحركة الاحتجاج التي دفعت إلى إجراء هذه الانتخابات قبل
عام من موعدها يمكن أن تجلب بعض المرشحين غير المرتبطين بأحزاب سياسية تقليدية إلى
البرلمان العراقي المختل وظيفيا.
وقالت الصحيفة: "لكن إقناع الناخبين
المحبطين بأن الأمر يستحق الإدلاء بأصواتهم سيكون تحديا في بلد يتفشى فيه الفساد
لدرجة أن العديد من الوزارات الحكومية تركز على الرشاوى أكثر من تقديم الخدمات العامة.
وغالبا ما يُنظر إلى المليشيات وأجنحتها السياسية على أنها تخدم مصالح إيران أكثر
من مصالح العراق".
ولم تطرح أي أحزاب تقريبا أي برامج سياسية.
وبدلا من ذلك، فإنهم يجتذبون الناخبين على أساس الولاء الديني أو العرقي أو
القبلي.
وقال وسام علي وهو يسير في أحد شوارع وسط
المدينة حاملا مصد سيارة كان قد اشتراه للتو في سوق: "لقد قمت بالتصويت في
الانتخابات الأولى ولم تتحقق أهدافنا ثم قمت بالتصويت في الانتخابات الثانية وبقيت
نفس الوجوه فقررت عدم التصويت في المرة الثالثة".
وأضاف علي أنه درّس على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية في المدارس الحكومية كمدرس مؤقت ولم يتمكن من الحصول على وظيفة
تدريسية حكومية لأنه لا ينتمي إلى حزب سياسي.
واعتبارا من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، اشتدت
الاحتجاجات، واجتاحت بغداد والمحافظات الجنوبية للمطالبة بالوظائف والخدمات العامة
الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة. طالب المحتجون ومعظمهم من الشباب بتغيير
النظام السياسي حيث يتم منح الوزارات الحكومية كجوائز لأكبر الكتل السياسية.
ودعا المتظاهرون إلى إنهاء النفوذ الإيراني في
العراق من خلال المليشيات التي تعمل بالوكالة والتي أصبحت الآن رسميا جزءا من قوات
الأمن العراقية، ولكن اسميا فقط تحت سيطرة الحكومة.
وردا على ذلك، قتلت قوات الأمن ما يقرب من 600
متظاهر غير مسلح، وفقا للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان. وتشير تقديرات
أخرى إلى أن عدد القتلى 800 شخص. ويُلقى باللوم على مقاتلي المليشيات في العديد من
القتلى وهم متهمون بقتل العشرات من الناشطين الآخرين في اغتيالات مستهدفة.
ووصل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي إلى
السلطة العام الماضي بعد أن أجبرت الاحتجاجات الحكومة السابقة على التنحي.
بينما كانت الانتخابات المبكرة وعدا رئيسيا في
حملته الانتخابية، لم يتمكن الكاظمي من الوفاء بمعظم ما تبقى من تعهداته - تقديم
أولئك الذين يقفون وراء قتل الناشطين إلى العدالة، وإحداث تأثير خطير في الفساد
وكبح جماح الميليشيات المدعومة من إيران.
في حين أنه من المتوقع أن تهيمن الأحزاب
الموجودة في السلطة على البرلمان الجديد، فإن التغييرات في قانون الانتخابات
العراقي ستسهل انتخاب الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين مما قد يجعل هذه
الانتخابات الأكثر تمثيلا في تاريخ البلاد ما بعد الحرب.
وعلى الرغم من الأخطاء في
العملية الانتخابية، بما في ذلك، في السنوات السابقة، والتزوير على نطاق واسع، لا
يزال العراق متقدما بفارق كبير عن معظم الدول العربية في إجراء الانتخابات الوطنية
والإقليمية.
وقال مهند عدنان، المحلل السياسي العراقي:
"إنه ليس نظاما مثاليا لكنه أفضل بكثير من النظام القديم".
وقال إنه يعتقد أن الاحتجاجات والقمع الدموي
لها - قد أدى إلى خسارة بعض الأحزاب الراسخة لجزء من دعمها. ويأمل بعض المرشحين في
الاستفادة من رد الفعل القوي ضد الكتل السياسية التقليدية.
وقالت فاتن محيي، أستاذة التاريخ في الجامعة
المستنصرية في بغداد، إن طلابها شجعوها على الترشح للمنصب. وقالت محيي، المرشحة عن
حزب مرتبط بالاحتجاجات المناهضة للحكومة، إن العديد من الناس في دائرتها
الانتخابية من الطبقة الوسطى خططوا لمقاطعة الانتخابات لكنهم غيروا رأيهم.
وقالت محيي: "عندما اكتشفوا أننا مرشحون لحركة
الاحتجاج قالوا سنعطيكم أصواتنا.. سنكون كتلة معارضة لأي قرار يصدر عن الأحزاب
السياسية الفاسدة".
بالإضافة إلى الغضب واللامبالاة، أدى التزوير
الخطير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى تأجيج حملة المقاطعة.
وفي بعض المناطق التي يوجد فيها المزيد من
الأموال يشتد التنافس، ويصل السعر الجاري لشراء تصويت إلى 1000 دولار، وفقا للعديد
من المسؤولين القبليين.
وقال الشيخ حميد الشوكة، رئيس مجلس زعماء
العشائر في الأنبار، إن مجموعات بتكليف من بعض الكتل السياسية تشتري الآلاف من
بطاقات الاقتراع البيومترية. وبموجب هذا المخطط، يوافق الناخبون على التخلي عن
بطاقاتهم واستعادتها لاحقا خارج مواقع الاقتراع لضمان مشاركتهم بالفعل حيث يصوتون
بعد ذلك وفقا للتوجيهات.
في سباق بين رئيس البرلمان السني القوي، محمد
الحلبوسي، ورجل الأعمال العراقي خميس الخنجر، قال الشيخ حميد إنه طلب من أتباعه
دعم الخنجر. وقال الزعيم القبلي إن كلا الشخصين السياسيين مشتبه بهما بالفساد، بما
في ذلك السيد الخنجر الذي اعترف بأن له "أصدقاء فاسدين".
قال الزعيم القبلي: "لكن أصدقاءه عملوا في
الحكومة وقدموا شيئا للناس.. ولم يقدم الآخرون أي شيء، لقد قدموا لأنفسهم
فقط".
العراق يخفض الوجود الأمريكي بقاعدتي عين الأسد وأربيل
الكاظمي يتعهد بإعادة الأموال المختلسة والمهربة خارج العراق