أثارت عودة
طالبان إلى السلطة في أفغانستان أسوأ الكوابيس لدى أجهزة مكافحة
الإرهاب، وبات السؤال حول ولادة موجة جهادية جديدة يشغل خبراء الإرهاب، وذلك خشية عودة أفغانستان ملاذاً آمناً وبيئة خصبة للجيل الجديد من الجهاديين من تنظيمي قاعدة الجهاد والدولة.
ففي الماضي تشكّلت
الجهادية العالمية في أفغانستان من رحم الحرب الباردة عندما تقاطر جهاديون من مختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي ومسلمي الشتات الأوروبي، وكانت أهدافهم آنذاك تضامنية، تطورت سريعاً إلى ملاذات آمنة ومعسكرات تدريبية للحركات الجهادية المحلية العربية والإسلامية، حيث شكّلت الساحة الأفغانية محطة مؤقتة للجهادية المحلية قبل موعد العودة مرة أخرى للبلدان التي جاءت منها لاستكمال جهاد العدو القريب الذي تمثله الأنظمة المحلية. لكن نهاية الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك المنظومة الاشتراكية وبروز العولمة الأمريكية أدى إلى ولادة الجهادية العالمية مع ظهور تنظيم القاعدة، حيث تبدلت الأهداف الجهادية من مواجهة العدو القريب إلى النكاية بالعدو الأمريكي والغربي البعيد زمن العولمة.
شكّلت هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 ولادة "حرب الإرهاب" التي بدأت بغزو أفغانستان وإسقاط حكم طالبان، واليوم بعد نحو عقدين من الزمن انسحبت الولايات المتحدة وعادت طالبان مرة أخرى إلى الحكم، وأصبحت الجهادية العالمية أكثر قوة وأوسع انتشاراً، وقد بات واضحاً أن الحملة الدولية على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لم تحقق سوى انتصارات تكتيكية وقتية، دون تحقيق نجاحات استراتيجية مستدامة. فالحقيقة التي غدت جلية أن نهج مكافحة الإرهاب الخاطئ والكارثي أدى إلى خلق بيئة مثالية لتجذر الإرهاب، الذي يستند إلى أسباب جذرية وعميقة سياسية واقتصادية واجتماعية.
فقد استثمرت الجهادية العالمية بقيادة القاعدة هذه الأسباب، وتحولت من مجموعة صغيرة في أفغانستان إلى شبكة عالمية واسعة ممتدة. وقد فوجئ العالم في حزيران/ يونيو 2014، بظهور نهج جهادي جديد أشد خطورة، عن طريق
تنظيم الدولة. ولا تزال قدرة الجذب التي تتحلّى بها أيديولوجية تنظيمَي الدولة والقاعدة قوية وفعالة.
رغم أن خطر القاعدة لا يزال ماثلاً، إلا أن عودته لما كان عليه في أفغانستان قبل 11 أيلول/ سبتمبر في ظل حكم طالبان غير ممكن. فطالبان الجديدة لن تسمح للقاعدة بتخريب إنجازاتها ولن تغامر بإفساد علاقاتها الجديدة مع دول الجوار والمجتمع الدولي، لكن خصم طالبان والقاعدة اللدود (تنظيم الدولة) لن يمتثل لسلطة طالبان
لم يكن غريباً أن تحتفي القاعدة وفروعها بعودة طالبان إلى السلطة، فقد اعتبرت الانسحاب الأمريكي نصراً لها وللجهادية العالمية وهزيمة منكرة للولايات المتحدة وحلفائها، وفشلاً ذريعاً للحرب على الإرهاب، رغم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن برر قرار الانسحاب بأن المصلحة الوطنية الحيوية الوحيدة في أفغانستان اليوم كما كانت دائما: منع أي هجوم إرهابي على الوطن الأمريكي. وقد قال خصومه من الجمهوريين إن قرار الانسحاب سوف يُعيد أمريكا إلى ما قبل 11 أيلول/ سبتمبر، وتعود أفغانستان إلى أرض خصبة للإرهاب. وقد حذر رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي من أن تنظيمي "القاعدة والدولة الإسلامية يمكن أن يعيدا بناء شبكاتهما في أفغانستان بسرعة".
رغم أن خطر القاعدة لا يزال ماثلاً، إلا أن عودته لما كان عليه في أفغانستان قبل 11 أيلول/ سبتمبر في ظل حكم طالبان غير ممكن. فطالبان الجديدة لن تسمح للقاعدة بتخريب إنجازاتها ولن تغامر بإفساد علاقاتها الجديدة مع دول الجوار والمجتمع الدولي، لكن خصم طالبان والقاعدة اللدود (تنظيم الدولة) لن يمتثل لسلطة طالبان. وقد بعثت ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة رسالة واضحة للجميع من خلال عملية انتحارية في مطار كابول مساء 26 آب/ أغسطس 2021 أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 170 مدنياً أفغانيا و13 من أفراد الجيش الأمريكي، وما لا يقل عن 28 من مقاتلي طالبان. وأعلن تنظيم الدولة ولاية خراسان عن أن منفذ العملية هو "عبد الرحمن اللوغرى"، ونشر صورته، وقال إنه كان ممن أطلق سراحه من السجن بعد سيطرة طالبان على كابل.
رغم ابتهاج القاعدة بعودة طالبان إلى السلطة، وتلقي حركة طالبان التهنئة من جهات إسلامية عديدة جهادية وسياسية، لكن المنافس الأكبر لطالبان والقاعدة كان له رأي آخر، فهو يؤكد أن طالبان تحولت إلى حركة محلية وطنية وتساهلت بتطبيق الشريعة وحادت عن نهج الملا عمر وابن لادن. وقد استبق تنظيم الدولة العملية الانتحارية وهاجم حركة طالبان ووصفها بأنها "مرتدة"، وقال إن محادثات السلام في العاصمة القطرية الدوحة حولت طالبان من "مقاتلين" إلى "مفاوضين"، وأن ذلك يمثل "هزيمة".
استبق تنظيم الدولة العملية الانتحارية وهاجم حركة طالبان ووصفها بأنها "مرتدة"، وقال إن محادثات السلام في العاصمة القطرية الدوحة حولت طالبان من "مقاتلين" إلى "مفاوضين"، وأن ذلك يمثل "هزيمة"
واتهم تنظيم الدولة في افتتاحية صحيفته "النبأ" في العدد 300؛ حركة طالبان بأنها كانت تقيم الشريعة "ناقصة" قبل الغزو الأمريكي، وقالت إن طالبان باتت في "حضن الطواغيت"، واعتبر أن ما حصل من انتصار لطالبان، إنما هو باتفاق مع أمريكا، وأن واشنطن منحت البلاد للحركة، محذرا من "نموذج طالبان الجديد". وقال: "إن نصرة الإسلام لا تمر عبر فنادق قطر ولا سفارات روسيا والصين وإيران!! وإن النصر الذي توقع عليه أمريكا وترعاه قطر وإعلامها، وتباركه السرورية والمرجئة والإخوان، لهو نصر موهوم".
يبدو أن حركة طالبان تخشى من تنامي قوة ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة وزيادة جاذبيته الأيديولوجية، ولذلك فقد خصصت مساحة واسعة من العدد 187 من مجلة الصمود للرد على تنظيم الدولة، وحرصت على توثيق كافة شهادات تهنئة الحركة بالانتصار من قبل الجهاديين وغيرهم. وكان العنوان الرئيسي للمجلة هو "بين طالبان اليوم وطالبان الأمس.. ما الذي تغير"، تؤكد فيه على أن الحركة ثابتة على مواقفها ومبادئها، وقالت إن تنظيم الدولة وأنصاره يروجون لحملات مضادة لإمارة أفغانستان الإسلامية "طالبان"، حيث يزعمون أن "طالبان اليوم" تختلف عن "طالبان الأمس"، فطالبان الأمس - وفق نظرهم - كانوا مسلمين مجاهدين قائمين على أمر الله، أما طالبان اليوم فهم عملاء كفار مرتدين، معتمدين في ذلك - وفق زعمهم - على أمور طرأت على "طالبان اليوم" لم تكن في "طالبان الأمس".
وذكرت تصريحات عديدة تؤكد على ثباتها على مواقفها، وختمت بالقول: إن نهجها الحالي هو استمرار لنهجها القديم منذ تسلمها مقاليد الحكم في أفغانستان سنة 1996، وأن من يروّج لهذا الأمر، فإمّا أنه جاهل بمنهجية طالبان منذ تأسيسها، أو أنه يمنّي نفسه بحصول تغير وانحراف حتى يسلط سهام حقده الدفين عليها، بحسب قولها.
لا جدال في أن حركة طالبان تخشى زيادة نفوذ تنظيم الدولة في خراسان، فقد تسبب دخول تنظيم الدولة إلى أفغانستان بمعضلة حقيقية لطالبان فضلا عن القاعدة، فقد عمل التنظيم بخطوات ثابته لإيجاد موطئ قدم في المنطقة، وأنشأ خطوط تواصل دائمة مستثمراً بروز جملة من الخلافات الأيديولوجية والاستراتيجية للعديد من الجماعات المحلية، بما في ذلك تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية.
حركة طالبان تخشى زيادة نفوذ تنظيم الدولة في خراسان، فقد تسبب دخول تنظيم الدولة إلى أفغانستان بمعضلة حقيقية لطالبان فضلا عن القاعدة، فقد عمل التنظيم بخطوات ثابته لإيجاد موطئ قدم في المنطقة، وأنشأ خطوط تواصل دائمة مستثمراً بروز جملة من الخلافات الأيديولوجية والاستراتيجية للعديد من الجماعات المحلية
ففي عدد كانون الأول/ ديسمبر 2014 من مجلة "دابق"، نشرت المجلة مقالا يتهم فيه تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية بالتخلي عن الإسلام من خلال دعم القانون القبلي فوق الشريعة، والفشل في الاستيلاء والسيطرة على الأراضي بفاعلية، وتجاهل استهداف السكان الشيعة، وقبول الاعتراف بالحدود الدولية. وفي أيلول/ سبتمبر 2014 أرسل تنظيم الدولة ممثلين عنه إلى باكستان للقاء قادة الحركات الجهادية المختلفة ومن بينهم بعض قادة حركة طالبان باكستان، وقد أسفرت اللقاءات عن الحصول على عدد من البيعات.
وبحلول كانون الثاني/ يناير 2015 كانت التنظيم قد توصل إلى صيغة محددة للإعلان عن تدشين ولاية جديدة. فقد أعلن الناطق باسم تنظيم الدولة، أبو محمد العدناني، في 26 كانون الثاني/ يناير2015 عن قيام "ولاية خراسان"، عبر كلمة صوتية بعنوان "قل موتوا بغيظكم"، وأكد على أن "الخليفة" أبو بكر البغدادي قام بتعيين حافظ سعيد خان والياً على ولاية خراسان، وعين عبد الرؤوف خادم نائبا له.
وكانت الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية تتابعان بقلق بالغ تمدد الدولة الإسلامية وجهود خادم وخان، وعملت على اغتياله مرارا، ونجحت في 9 شباط/ فبراير 2015 باغتيال خادم وبعدها حافظ سعيد.
منذ تأسيس ولاية خراسان تنامى قلق طالبان من خطر تنظيم الدولة الذي قدم نفسه كخلافة ممتدة متمسكة بنهج الجهادية العالمية، بينما أصرت طالبان على أن "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان مظلة جامعة للجماعات الجهادية كافة. وقد ظهرت سياسة طالبان بوضوح في رسالة مجلس الشورى القيادي للإمارة الإسلامية التي بعثها لتنظيم الدولة آنذاك بعنوان "الشيخ أبو بكر البغدادي وإخوانه المجاهدون"، والتي نشرتها مجلة "الصمود" في العدد 111 تموز/ يوليو 2015، بالتزامن مع صعود تنظيم الدولة في أفغانستان، حيث عرض نائب الإمارة الإسلامية ومشرف الشورى القيادي آنذاك ملا أختر محمد منصور، على أبي بكر البغدادي، وتفادياً لما وصفه بـ"الفتنة"، الإذن له بـ"الجهاد" في صف الإمارة الإسلامية. وتعتبر الرسالة "أي جماعة أو صف آخر في مقابل صفها عملاً مخالفاً لمصالح الإسلام والجهاد والمجاهدين".
منذ تأسيس ولاية خراسان تنامى قلق طالبان من خطر تنظيم الدولة الذي قدم نفسه كخلافة ممتدة متمسكة بنهج الجهادية العالمية، بينما أصرت طالبان على أن "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان مظلة جامعة للجماعات الجهادية كافة
وفي سبيل تأكيد شرعية الإمارة الإسلامية، عمد ملا أختر إلى تذكير البغدادي بالبيعات الشرعية التي اكتسبتها قائلاً: "إن قيادة الإمارة الإسلامية قد عينت بانتخاب شرعي وبمبايعة 1500 عالم شرعي وشورى أهل الحل والعقد، وقام بتأييد هذه الإمارة الشرعية عدد من علماء وفقهاء العالم الإسلامي وقادة المجاهدين، كالشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي وكالشيخ أسامة بن لادن، وكان قد بايعها.. وأن الإمارة الإسلامية من منطلق الأخوة الدينية لا تنوي إلا الخير لكم ولا تريد التدخل في شؤونكم، وتتوقع في المقابل منكم التعامل بالمثل".
وأضاف: "إن أبطال الجهاد المعاصر مثل إمام المجاهدين الشيخ عبد الله عزام، وقائد المجاهدين الشيخ أسامة بن لادن، وقاهر الصليبيين أبو مصعب الزرقاوي، وهازم الملحدين خطاب، رحمهم الله تعالى جميعهم، كانوا يعتزون بالتتلمذ في مدرسة أفغانستان الجهادية"، حسب قوله.
شكلت ولاية خراسان أحد الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى التفاوض مع طالبان؛ التي غدت معتدلة بالنسبة إلى تنظيم الدولة الذي بلغ عدد مقاتليه عام 2016 أكثر من خمسة آلاف مقاتل. وقد تشكل ولاية خراسان في المستقبل أحد أهم نقاط الالتقاء في حهود مكافحة الإرهاب، فقد واجه تنظيم الدولة في خراسان عمليات عسكرية مكثفة من أجل تقويض قاعدته المسلحة، وقد أسفرت هذه الجهود لمكافحة الإرهاب عن قتل عناصر قيادية في التنظيم على مستوى المناطق والقطاعات والقطاعات الفرعية حسب الباحثان أميرة جادون وأندرو ماينز.
وفي بداية عام 2016، حصلت المؤسسة العسكرية الأمريكية على سلطات أكبر في تدشين ضربات جوية ضد الناشطين والموالين لتنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان، ومن ثم قام الجيش الأمريكي بإلقاء أقوى قنابله غير النووية على معسكر تابع لتنظيم ولاية خراسان في نانجارهار في نيسان/ أبريل 2017. وأدت الضربات الجوية الأمريكية إلى قتل عدد من قادة التنظيم البارزين الذين كانوا يتخذون من أفغانستان مقرا لهم. من ذلك، ما أعلنه الجيش الأمريكي في آب/ أغسطس 2018 عن مقتل أبو سعد أوراكزاي في نانجارهار، ليكون بذلك رابع أمير للتنظيم يتم قتله بفعل هذه الضربات.
منذ تأسيسه في 2015، فقد التنظيم خمسة قادة على الأقل حسب أنيمش رول، حيث تم القبض عليهم أو قتلهم على يد القوات الحكومية. خسر التنظيم العديد من كبار قادته مثل حافظ سعيد خان، وسعد عمارتي، وعبد الرؤوف خادم، وجول زمان، في السنوات الأولى، ومع وفاة عبد الحسيب لوجاري في أبريل 2017، عانى التنظيم نكسة في وقتٍ كان يتعافى فيه على ما يبدو من فراغ في القيادة بعد سلسلة من عمليات الاغتيال التي استهدفت قياداته. وقد خلف لوجاري، الذي كان يعتبر منظّراً ملهماً للجهادية- السلفية، قادة مثل أبو سعيد باجوري، وسعد أرهابي (أبو سيد أوراكزاي)، وإسلام فاروقي (عبد الله أوراكزاي)، وجميعهم من باكستان. وعلى غرار الوضع الذي كان عليه في عام 2017 بعد وفاة لوجاري، واجه التنظيم أزمة قيادة مرة أخرى في نيسان/ أبريل 2020 مع اعتقال إسلام فاروقي.
ساهمت حركة طالبان في الحملة العنيفة على ولاية خراسان، إلى جانب الحكومة الأفغانية وبدعم من القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو، في معاقلها التقليدية في إقليمي نانجارهار وكونار. وقد دفع ذلك الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني إلى الإعلان عن هزيمة تنظيم الدولة- ولاية خراسان في أفغانستان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019. وفي أيار/ مايو 2019 قام تنظيم الدولة بإعادة هيكلة "ولاية خراسان" في جنوب آسيا لإعطاء مزيد من الحيوية وزيادة القدرة العملياتية، حيث أعلن عن استقلال "ولاية باكستان" و"ولاية الهند" عن و"ولاية خراسان" (أفغانستان). وسرعان ما عاد تنظيم الدولة ولاية خراسان من خلال تنفيذ عمليات عديدة في آذار/ مارس وأيار/ مايو 2020، وشنّ التنظيم هجوماً واسعاً على سجن جلال أباد لتحرير قرابة 300 سجين تابعين له في أوائل آب/ أغسطس 2020. ورغم خسارة ولاية خراسان عدد كبير من قادتها ومقاتليها، لا يزال لديه نحو الفي مقاتل، وفي حزيران/ يونيو 2020 تم تنصيب الدكتور شهاب المهاجر أميراً لولاية خراسان.
الخسائر في صفوف القيادات لم يكن لها تأثير كبير على عمليات التنظيم. والجدير بالذكر أن مقاتليه في أفغانستان هم مزيجٌ من المقاتلين المحليين والأجانب، ومعظم القادة والعقول المدبّرة هم مواطنون أجانب
المثير للدهشة حسب أنيمش رول؛ أن الخسائر في صفوف القيادات لم يكن لها تأثير كبير على عمليات التنظيم. والجدير بالذكر أن مقاتليه في أفغانستان هم مزيجٌ من المقاتلين المحليين والأجانب، ومعظم القادة والعقول المدبّرة هم مواطنون أجانب، لا سيما من أصل باكستاني، باستثناء الشيخ عبد الوهاب لوجاري من أفغانستان. ومع ذلك، وعلى الرغم من الفراغ القيادي، نجح التنظيم في شن هجمات عدة في كابول وأماكن أخرى في أفغانستان، ما أثبت قدرته العملياتية القوية وقدرته على الصمود.
ومنذ نيسان/ أبريل 2020، ظهر على السطح اسمان كقائدين حاليين للتنظيم هما: الشيخ مطيع الله كموال وشهاب المهاجر. ومع فرار المئات من جهاديي ولاية خراسان من السجون، وبتدفق نحو 10 آلاف جهادي من آسيا الوسطى ودول جوار أفغانستان، سوف تشكل ولاية خراسان تحدياً لسلطة طالبان.
خلاصة القول أن طالبان تجد نفسها اليوم على مفترق طرق، فهي ترغب بالاندماح في المجتمع الدولي الذي يطالبها بمزيد من الاعتدال وفك ارتباطها بالقاعدة والجهادية العالمية، وعدم جعل أفغانستان منصة لتنفيذ عمليات خارجية، ومراعاة حقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة وحقوق الأقليات، وتأسيس حكومة موسعة تشارك فيها كافة المكونات. وهي مسائل أعلنت طالبان أنها ملتزمة لها في حدود الشريعة، وترى طالبان أن نظام الإمارة الإسلامية الذي يرتكز على تطبيق الشريعة لا يتناقض مع تلك المسائل، لكن حركة طالبان ستواجه تحدياً في إقناع وضبط سلوك الجهادية العالمية. فإحدى المسائل المعقدة في خيارات طالبان أنها لا تزال تصر على أنها قائدة للجهادية العالمية، وفي حال تخلت عن سرديتها، تخشى طالبان من تسرب أعضائها إلى صفوف منافسها الخطير: ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة ، وهكذا سوف تُعيد أفغانستان تشكيل الجهادية العالمية مرة أخرى.
twitter.com/hasanabuhanya